أثار إعلان رئيس الحكومة الفلسطينية سلام فياض عزم السلطة عن قيام «الدولة» في أغسطس/ آب 2011، ردود فعل إسرائيلية مضادة للفكرة. فالاعتراض الإسرائيلي تركز على نقطتين: الأولى أن الإعلان سيكون من جانب واحد. والثانية أن «الدولة» تحتاج إلى موافقة دولية وغطاء سياسي وتفاهم مع تل أبيب.
بعيدا عن الاعتراض الإسرائيلي يمكن طرح سؤال بشأن القدرة التي تتمتع بها السلطة الفلسطينية حاليا ومدى استجابة الدول الكبرى لدعم وحماية هذه الخطوة الأحادية الجانب. فهل تمتلك رام الله الإمكانات المطلوبة لنقل الفكرة من القوة إلى الفعل؟ الفكرة صحيحة وهي حق طبيعي ومشروع ومتوافق عليه دوليا. حتى الولايات المتحدة أشارت مرارا إلى دعمها قيام دولة فلسطينية مستقرة ومستقلة و «قابلة للحياة». كذلك أبدت دول الاتحاد الأوروبي استعدادها للسير بهذا الاتجاه.
الخلاف ليس على الفكرة وإنما على أسس الدولة وحدودها السياسية وموقعها في منظومة العلاقات العربية ومدى استجابتها لطموحات الشعب الفلسطيني. فالدولة المستقلة وذات السيادة تحتاج دائما إلى معطيات دولية وإقليمية ومحلية تضمن استقرارها وأمنها وتمنع القوى المتضررة من اختراق شرعيتها. كذلك تحتاج الدولة إلى تعريف لهويتها وترسيم لحدودها وتحديد دورها في سياق ضبط التوازن الإقليمي على قاعدة الاحترام المتبادل. فهل وصلت السلطة الحالية إلى هذا الطور المتقدم لتعلن عن قيام دولة ذات سيادة في صيف العام المقبل أم أن الخطوة متخيلة وأقرب إلى الأمنية منها إلى الواقع؟
هناك الكثير من العقبات الموضوعية تعترض الإعلان عن الدولة من جانب واحد. والموانع الموضعية لا تحتاج إلى بحث وتحقيق للتعرف عليها وإنما هي ظاهرة للعيان على الأرض. أول تلك العقبات سياسة الاستيطان وخطة تهويد القدس وتجريف الأحياء وتوسيع المستوطنات أفقيا وعموديا في الضفة الغربية. ثاني العقبات وجود مئات مراكز الاستيطان وآلاف المستوطنين في معسكرات ومستعمرات وثكنات موزعة من القدس وشمال الضفة إلى جنوبها. ثالث العقبات انتشار مئات من الحواجز والسواتر التي تقطع أوصال المناطق المحتلة وتمنع العائلات والقرى من الاتصال أو التواصل بين المدن والبلدات. ورابع العقبات وجود مخافر أمنية في القدس ومختلف مناطق الضفة تترصد وتتابع وتلاحق سكان المدن والأحياء والبلدات والقرى. باختصار وإيجاز هناك عقبة الاحتلال الذي يجمل كل الموانع التي تعترض إمكان التوصل إلى اتفاق يعطي فرصة للسلطة بإعلان الدولة من جانب واحد. فالإعلان حق وخطوة في الاتجاه الصحيح، ولكن شروط الإعلان وإمكان تحويل الفكرة إلى دولة تتحرك وتنشط فعلا في الواقع يرفع نسبة الشك من حصول هذا الاحتمال.
المشكلة ليست في الإعلان وإنما في التدابير المتخذة لضمان عدم انهيار الفكرة بعد لحظات من إطلاقها. فالاحتلال الذي يتسابق مع الزمن لتوسيع المستوطنات، ويواصل بناء جدار الفصل العنصري في داخل الأراضي المحتلة، ويستمر في مصادرة الأحياء والأراضي كزيادة الوحدات السكنية، ويضع يده على المساجد والآثار ويضمها إلى المعالم الأثرية والسياحية، كان ولايزال هو المشكلة التي تمنع تحقيق الفكرة وتحويل الحلم إلى واقع.
إعلان الدولة من جانب واحد ليس المشكلة. والأمر المذكور لا يحتاج إلى فترة زمنية للإعلان عن الفكرة ولا تحديد موعد للكشف عن طموح وطني فلسطيني أجمعت عليه معظم دول العالم باستثناء الاحتلال. فالسلطة يمكن أن تعلن صباح اليوم قيام الدولة. ولكن الإعلان عنها لا يكفي حتى تكون الدولة المستقلة وذات السيادة موجودة أو أصبحت في طريقها للنهوض.
المسافة الفاصلة بين النيات الحسنة والصادقة والصحيحة وبين الواقع الظالم والمظلم والبائس والمنقسم تتطلب من السلطة الفلسطينية البدء في وضع خريطة طريق ترسم معالم الخطة باء في حال فشلت الفكرة أو لاقت ذلك الاعتراض العنيف من الاحتلال وعدم استعداد الدول الكبرى للاعتراف أو الحماية والتغطية. إعلان الدولة من جانب واحد يعني فعليا الدخول في مواجهة دولية وإقليمية ومحلية مع الاحتلال (المشكلة والعقبة) وبالتالي فإن السلطة مطالبة من الآن أن تحدد الإطار العام للخطوة التالية التي تأتي فورا بعد الخطة ألف.
الخطة ألف صحيحة ومن حق سلام فياض أن يعلن عنها هذه السنة أو في صيف السنة المقبلة. ولكن أصول اللعبة وقواعد فك الاشتباك تتطلب من السلطة الاستعداد للفشل أو المواجهة أو ظهور احتمالات مضادة قد تأتي من أماكن غير متوقعة وقوى غير محسوبة في ميزان الأصدقاء والخصوم.
مشكلة الدولة الفلسطينية كانت ولاتزال مع الاحتلال الاستيطاني. وسياسة الاستيطان وتوسيعه عموديا وأفقيا تتركز في تفصيلاتها ومعطياتها عقبة الإعلان من جانب واحد.
السلطة تحتاج إلى خطة باء قبل الإقدام على الإعلان، وذلك حتى تكون مستعدة لكل الاحتمالات غير المنتظرة والأسئلة المضافة. ومن تلك الأسئلة ماذا ستفعل السلطة في حال أعلنت خطة ألف ورفضها الاحتلال الاستيطاني وقرر شن معركة دبلوماسية وميدانية ضدها؟ لابد من وجود جواب على المسألة. والجواب لا يحتاج إلى صيف العام المقبل للتعرف على تفصيلاته ومضاعفاته وارتداداته.
إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"العدد 2768 - الأحد 04 أبريل 2010م الموافق 19 ربيع الثاني 1431هـ
عبد علي عباس البصري
انا اقول انه يستحال اقامه دوله فلسطينيه على ارض فلسطين ؟ لا من باب اني لا احب الخير لاهلنا في فلسطين ولاكن حتى لو اعلنت الحكومه انزين وقطاع غزه ؟ حكومه لوحدهم ؟ يعني حكومتين ؟ ما اصير لا يبنى الا على ساس .