يثبت المجلس النيابي يوما بعد يوم أنه لن يستجوب أيا من الوزراء على أي خطأ أو تجاوز يثبت عليهم، ويفهم خطأ من يقول: إن النواب في عدم استجوابهم للوزراء، إنما يضعون على أنفسهم سقوفا ذاتية غير السقوف الدستورية، فملف التأمينات والتقاعد مثلا يمثل جميع الموظفين في الدولة والقطاع الخاص أيا كان انتماؤهم، وإسقاط النواب لهذا الملف من يدهم فيه تحدٍّ لإرادة ناخبيهم وإسقاط لدعوى دفاعهم عن مصالح المواطنين، في قبال إرضاء السلطة التنفيذية وعدم محاسبتها، بل محاسبة من يسعى إلى محاسبتها. وهذا يعني أن السقوف الدستورية والذاتية ليست في بال النواب بالمطلق.
يعزز هذا الفهم قبول اللجنة التشريعية بالتعديلات التي أجرتها الحكومة على قانوني التقاعد والتأمينات، والتي من أخطرها فصل موازنة التقاعد عن موازنة الدولة، بما يعني تنصل الدولة عن الوفاء بالتزاماتها تجاه المتقاعدين مستقبلا، مع كونها مهيمنة على الهيئتين، فهي من يعين ويشرف ويستثمر في أموال الهيئتين، وأصحاب المال والشركاء فيه ممثلون بالحدود الدنيا في هياكل الهيئتين، فإذا كان مقبولا إسقاط الاستجواب وعدم إدانة الوزراء المتجاوزين، فكيف يفهم الإبقاء على تعديلات الحكومة بحذافيرها من دون إجراء تعديل يضمن مصالح الناخبين من موظفي الحكومة والقطاع الخاص؟ هل غلت أيدي النواب عن التعديل أم ماذا؟
يبقى التأسيس إلى معادلة ضرورية لكيلا تختلط الأوراق، وهي: ان تشكيلة المجلس الحالي جراء توزيع الدوائر الانتخابية غير المنصف ستعطل كل المهمات الرقابية وحتى التشريعية في حدودها الدنيا، وستغدو الغرفة الأخرى (مجلس الشورى) «كانتونا» معزولا عن المجلس النيابي، فمجلس النواب وفق تشكيلته الحالية كافٍ لتحقيق مطالب الحكومة من دون استخدام الأدوات الدستورية الأخرى، وفي حال تغيير الدوائر الانتخابية جدلا - وهو أمرٌ صعب - ستحرك الحكومة كل أدواتها الدستورية لقلب المعادلة، ومن بينها مجلس الشورى المعزول حاليا
العدد 633 - الأحد 30 مايو 2004م الموافق 10 ربيع الثاني 1425هـ