عندما تحدثنا في عمود الأمس عن المناطقية فلابد أن نشير إلى أنها تعني تحول ناخبي المناطق الإدارية إلى الشئون السياسية... وبعدها تتحول المنطقة إلى حزب واحد، وعادة عندما تتحول المناطق الإدارية إلى الشئون السياسية وتتحزب تصبح مثل الكانتونات وتكبر مساحتها مع الأيام حتى تصل إلى محاولة الانفصال عن الوطن الأم، وهذا ما يجري في الدول الكبيرة... ولكن الحمد لله فإن مملكتنا صغيرة ولا تتحمل ذلك، لذلك نشير هنا إلى ما يحصل في أماكن أخرى تتداخل فيها السلطات فتعم الفوضى... وعندنا في مملكة البحرين يوجد نظام المحافظات... والمحافظ يفترض أن يكون المسئول الأمني عن محافظته أمام وزير الداخلية وأمام الجهات العليا... ويوجد في كل محافظة مدير عام للبلدية تابع لوزارة البلديات ومهمته الإشراف على تنفيذ الطلبات الإدارية لأهل المحافظة التي تصله عبر رئيس مجلس بلدي منتخب من قبل أعضاء مجلس منتخبين من قبل أهالي هذه المحافظة... وآلية وتسلسل العمل الإداري يبدأ من أهالي المنطقة فيقدمون طلباتهم الإدارية إلى عضو المجلس البلدي الخاص بمنطقتهم والذي هو بدوره يعرضها للنقاش على عموم المجلس ثم يقوم رئيس المجلس بنقل الطلبات الإدارية الموافق عليها لجميع مناطق المحافظة إلى مدير عام البلدية المخصص لهذه المحافظة الذي ينسقها وينفذها بحسب أهميتها والموازنة المرصودة له من وزارة البلديات وهكذا يتم العمل بسهولة وسلاسة بحسب القوانين وبحسب ما هو مرسوم له أصلا من قبل الجهات العليا في المملكة... ونلاحظ أن جميع هذه الشئون إدارية بحتة وليس فيها أي أمر أمني يتطلب تدخل المحافظ... ومن المفترض أن يحاول عضو المجلس البلدي تنفيذ بعض طلبات أهل منطقته حتى يضمن وجوده في الانتخابات المقبلة وفوزه... ولكن هل يتركهم المحافظون ليقوموا بواجباتهم؟ هنا السؤال... ما هو حاصل الآن وفي بعض المحافظات أن المحافظ يترك واجبه الأمني ويتدخل في الواجبات الإدارية التي هي من واجبات المجلس البلدي حتى أن بعض المحافظين أنهوا تقريبا واجبات المجلس بالكامل... يتدخلون ويفرضون أوامرهم على كل شيء «توزيع منازل»... ترميم... تنظيم احتفالات... استقبال للمسئولين، ويختارون من يحضر ومن لا يحضر... يختارون من الذين يصل صوته ومن لا يصل... يوجهون المساعدات إلى أناس مختارين بعناية وبحسب القرب... ينسون ويتجاهلون وجود الآخرين... فماذا يفعل سكان المنطقة؟ الجواب هو الاتجاه للتحزب وإنشاء الجمعيات التي ظاهرها شيء وباطنها توجه سياسي لهذه المنطقة... وهذا شيء خطير نحذر منه... لأن توجه المنطقة الإدارية بأكملها إلى حزب واحد يعمل في الشئون السياسية هو مرض خطير يساعد على انفصال هذه المنطقة «ولو نفسيا» عن الوطن الأم... وهذا ما يسمى بالمناطقية... ولو أن كل منطقة من مناطق البلاد اتخذت لها فكرا سياسيا خاصا بها لانشطرت هذه البلاد إلى عدة كانتونات.
لابد أن يعلم المحافظ المعين أن تدخله في الأمور الإدارية يعتبر ضغطا على أهالي المحافظة والضغط يولد انحراف التفكير وهذا شيء لابد أن نحذر منه وكل قصدنا هو الصالح العام لمملكة البحرين حفظها الله... والأسلوب الحديث في العمل هو أن تقوم بعملك وتدع غيرك يقوم بعمله
إقرأ أيضا لـ "سلمان بن صقر آل خليفة"العدد 632 - السبت 29 مايو 2004م الموافق 09 ربيع الثاني 1425هـ