العدد 632 - السبت 29 مايو 2004م الموافق 09 ربيع الثاني 1425هـ

آلام المسيح... وقفة نقدية مع المسيح الإنسان

جعفر الديري comments [at] alwasatnews.com

أكد الكاتب والاعلامي عادل علي عبدالله أن فيلم آلام المسيح جاء بتأثير من أحداث 11 سبتمبر/ أيلول، ليقدم صورة مغايرة للسينما التي تناولت المسيح والتي اكتفت بالجانب اللاهوتي، فقدم صورة للمسيح الإنسان الذي يشعر ويتألم، في رسالة الى الشعب الأميركي ليتكاتف ويصبر على ما لحق به من أذى.

جاء ذلك خلال المحاضرة التي ألقاها عبدالله بملتقى الجزيرة الثقافي مساء السبت الماضي 15 مايو/ أيار الجاري، والتي تناول فيها عدة جوانب متعلقة بالفيلم كالحديث عن الأصل عند المسلمين في مسألة صلب المسيح وعدم الايمان بها، والمسرح السياسي اليهودي الذي خرج فيه المسيح، والخلاف المتأصل بين البروتستانت والكاثوليك، وكذلك توقيت الفيلم وأثره، مع التطرق الى عرض أهم مفاصل الفيلم وأهم محاوره مثل عرض الشخصيات الأساسية والمتكلفة ومشاهد التعذيب وفن التصوير وكذلك التوازن في العرض السياسي بين الرومان واليهود.

تحدث المحاضر مستعرضا المسرح السياسي الذي وجد فيه المسيح بين اليهود «لكي نستطيع الإلمام والإدراك لقصة الفيلم التي تحكي الساعات الأخيرة من عمر أحد الأنبياء وآلامه حين وشى به اليهود إلى الحاكم العسكري في محاولة لمساواته بالسراق وقطاع الطرق، محاولين اغتياله، بتصويره وكأنه يحاول قيادة انقلاب على الدولة، في حين أنه كان يحاول إنشاء مملكة روحية، يلزمنا لإدراك كل ذلك الرجوع الى تاريخ اليهود، فالفيلم يظهر أن من قام بالحملة ضد المسيح هم الفريسيون، والفريسيون جماعة يهودية ترى نفسها قمينة وأهل لتفسير التوراة، فهم أصل الحاخامات من اليهود ، وتاريخهم يرجع الى تاريخ اليهود».

وأضاف متحدثا عن تاريخ اليهود «والمملكة اليهودية كان نجمها الساطع هم الأنبياء والرسل الذين كانوا قادة لهم، والذين دخلوا فلسطين من جديد وبدأوا مرحلة القضاة وهو الدور الثاني في تاريخ بني اسرائيل وهو عهد نبي الله داوود وابنه سليمان، اذ وصلوا في هذه المرحلة الى قمة الهرم، حين أعادوا المملكة اليهودية الى ما كانت عليه، واستمر عهدهم هذا الى ثلاثة وسبعين سنة، إذ انقسموا بعد ذلك الى مملكتين، فنتج عن ذلك خلاف شديد بينهما وصل الى حد تغيير القبلة، الى أن دخل الآشوريون بابل فدخل اليهود في الشتات الأول حيث سبوا الى بابل، وأحرقت جميع كتبهم، وهنا قام اليهود بكتابة التوراة من جديد من أفواه الناس، فكانت التوراة مزيجا بين التعاليم والأساطير، حتى اذا قامت الدولة الفارسية قامت مملكة اسرائيل الجنوبية، ولكن الاسكندر المقدوني وبعد أن أخضع بيت المقدس لحكمه خيرهم بين الخروج أو التحول الى منطقة محددة فكانوا بقايا يهودية متجمعة».

أما بشأن الخلاف الحالي بسبب الفيلم قال عبدالله «بعد حوادث 11 سبتمبر وبعد التجربة التي خاضها الأميركيون بدأ سؤال يتردد على ألسنتهم، وهو: لماذا يكرهنا المسلمون، وما هو الإسلام؟، إذ على رغم كل الدعايات التي سيقت ضد المسلمين، بدأ الإسلام بالانتشار أكثر بين الأميركيين، لذلك كان هذا الفيلم الذي جاء في محاولة من قبل المخرج ميل غيبسون لايصال رسالة تبشيرية في صورة اعلامية تحمل مضمونا يراد ايصاله الى الأميركيين، وهو التحمل والتكاتف أسوة بتحمل المسيح، من خلال تصوير المسيح الإنسان الذي يعاني وليس الصورة السابقة للمسيح الذي يقبل على الصلب وهو يبتسم، اذ في اعتقادي الشخصي أن غيبسون ضد الصهيونية وهو كاثوليكي متمسك، ومن هنا نجد ذلك الاعتراض من قبل البروتستانت الذين لم يكونوا يرون ما يرى المخرج، إذ على رغم أن الكنيسة البروتستانتية برأت اليهود من دم المسيح فإن الكاثوليك لم يبرؤوا اليهود من ذلك؛ ومع ذلك فقد حاول غيبسون على رغم كون الفيلم منسوجا تاريخيا بحسب النظرة أو الرواية الكاثوليكية، ازاحة اللوم قليلا عن اليهود من خلال عرض بعض المشاهد التي تبين التعاطف مع السيد المسيح، فقد كانت تداعيات أحداث الحادي عشر من سبتمبر كبيرة وكانت استطلاعات الرأي تشير بنسبة كبيرة الى كون اسرائيل هي الدولة الأولى المسئولة عن الارهاب، كما أن هذا الفيلم جعل الكثير من الأميركيين يرون مسئولية اليهود في قتل المسيح، فقد أحصي في فرنسا وأميركا وحدهما 150 اعتداء على مصالح يهودية».

ثم أشار المحاضر الى بعض الجوانب الفنية التي أضافت الى الفيلم وجعلته يبلغ ما بلغه بقوله «لقد أظهر فيلم آلام المسيح، السيد المسيح وهو يصرخ ويبكي من شدة التعذيب، كما أعطاه وأمه وجميع الشخصيات السحنة الشرقية، وقد كان هناك حضور لثلاث لغات في الفيلم وهي الآرامية التي لاتزال موجودة عند نفر قليل في سورية، واللغة العبرية والعربية إذ كان هناك تقارب كبير بين اللغة العربية والآرامية، وقدم المخرج كل هذه اللغات حتى اليونانية بنجاح، الملاحظة الأخرى هي أن المخرج أدخل شخصيات متكلفة كان لها أثرها، كشخصية الشيطان التي مثلها على هيئة الحية التي تأتي للمسيح موسوسة له، كما مثل الشيطان أيضا وهو ممسك بطفل أو قزم أمام المسيح وهو مصلوب في محاولة منه لإغاظة المسيح. وختم بملاحظة تتعلق بمشاهد العنف في الفيلم فقد كانت كمية الدماء كبيرة جدا، وكان المكياج الذي استخدم في تبيان أثر الدماء بارعا جدا، لكل ذلك حصل الفيلم على امتيازات كبيرة جعلت المخرج يحقق ايرادات بلغت 300 مليون دينار ولايزال الفيلم يحقق ايرادات أكبر»

العدد 632 - السبت 29 مايو 2004م الموافق 09 ربيع الثاني 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً