لسنوات طويلة خدمت ضبابية البنود المنظمة لعملية استصدار السجلات التجارية لموظفي الحكومة قطاعا كبيرا من المتنفذين الذين أصبحوا يديرون أعمالا خاصة متفرعة وضخمة من دون التخلي عن مواقعهم في الوظائف الحكومية، لنفاذهم من ثغرة اشتراط موافقة الجهة الحكومية لدى استصدار السجل، وعزز ذلك سهولة الحصول على الاستثناء من التطبيق العادل لأية معايير اجرائية.
ولم يكن خافيا حجم الاستفادة من المواقع الحكومية لهؤلاء المسئولين في تنمية أعمالهم الخاصة بالاضافة إلى التأثير السلبي لمتابعة هذه الأعمال الخاصة في أوقات الدوام الرسمي. أما التأثير الأكثر ضررا، الذي يشترك فيه موظف الدولة مع موظفي القطاع الخاص، فهو استصدار تراخيص هذه السجلات التجارية وتأجيرها من الباطن والاستفادة من العمالة المسموح باستقدامها من الخارج بحسب النشاط التجاري الذي استصدر السجل من أجله، ومن ثم تسريحها في السوق المحلية تجوبه طولا وعرضا بحثا عن وسائل التكسب بغض النظر عن قانونيتها ومواءمتها لأية معايير تجارية أو حتى إنسانية وذلك من أجل جمع المبلغ المعلوم من المال، ثمن تسريحه في السوق ليسلمه للكفيل، وأدت إلى عدم القدرة على محاوطة هذه المشكلة إلى ايجاد نحو 45 ألف شخص من حملة الرخص الحرة (الفري فيزا) في السوق.
ويبدو القرار الذي نفاه من جانبه وكيل وزارة التجارة المساعد لشئون التجارة المحلية، علي رضي بالاتجاه إلى الغاء السجلات التجارية العائدة لموظفي الحكومة صعب التنفيذ أصلا وذلك لوجود مخارج كثيرة للتحايل على القانون ويستفاد منها حاليا مثل تغيير أسماء مالكي السجل إلى أسماء زوجاتهم وأبنائهم وان كان عدم جواز الوكالة عن الغير لادارة هذه الأعمال قد يحد قليلا من الأمر.
وصعوبة التنفيذ تعود إلى عدم القدرة على التحكم في منح الاستثناءات مهما قيل عن صرامة المعايير، وسيواصل المتنفذون ومن في حكمهم، الجمع بين الموقعين الأول في الوزارة والثاني في قطاع الأعمال، وان كان هناك قانون مرتقب فسيطبق على صغار الموظفين في الدولة.
فعلى رغم التصريحات عن أن كبار المسئولين في الوزارات صححوا أوضاعهم فإننا لم نسمع عن استقالة أحد من كبار المسئولين للتفرغ لأعماله الخاصة، كما لم نسمع عن أي انتقال حقيقي لملكية أي من الشركات الصغيرة والكبرى المعروف امتلاكها من قبل موظفين كبار في الدولة.
فالتصحيح كان عبارة عن تغيير الاسم إلى اسم آخر ضمن نطاق العائلة وظل هؤلاء يجمعون فعليا بين الموقعين، وبالتالي فالهدف من منع الموظف العام من استصدار سجل تجاري، وهو التفرغ لخدمة الدولة بشكل مجرد الا من المصلحة العامة وتحاشي استغلال الموقع لتنمية العمل الخاص لم يتحقق.
ويبقى تصحيح الوضع محصورا في تصحيح الاسم في سجلات الوزارة ومعها خسر المسئولون بضعة دنانير هي رسوم التغيير
إقرأ أيضا لـ "هناء بوحجي "العدد 632 - السبت 29 مايو 2004م الموافق 09 ربيع الثاني 1425هـ