العدد 631 - الجمعة 28 مايو 2004م الموافق 08 ربيع الثاني 1425هـ

«الغظنفر»

سلمان بن صقر آل خليفة comments [at] alwasatnews.com

زمان في مملكة البحرين كانت البلاد موزعة إلى مدن، وبين كل مدينة وأخرى كانت توجد فواصل من الأراضي الخالية وكل مدينة موزعة إلى مناطق وكل منطقة مقسمة إلى فرجان وكل فريج كان يعتز بأبنائه وأهله ويقوده رجالاته... وهذه الفرجان كانت تهتم بالأمور الإدارية فقط وليس السياسية لأن السياسة خاصة بكل البلد ولا يوجد فيها تقسيم إداري أو مناطقي بل تعتمد على الأحزاب وكل حزب له أيديولوجيته التي من الممكن أن يؤمن بها أشخاص من منطقة أو عدة مناطق متفرقة... إنما الفرجان كانت تدار في الأمور الإدارية فقط... وكل فريج عنده اكتفاء ذاتي تقريبا... فيه الخباز والخضار ودكان صغير ومسجد وإمام ومؤذن ومطوع لتدريس القرآن ومجلس كبير وساحة صيفية ونوخذة... وكانت الفرجان تسمى بحسب أكبر بيت فيها مثل فريج سيادي وفريج الفاضل أو بحسب مهنة الساكنين فيه مثل فريج البنائين وفريج الصفافير... ففي جزيرة المحرق التي هي موضوعنا اليوم كانت توجد عدة مناطق منها الحد وقلالي والدير وسماهيج والحالة والصنقل ووسط المحرق وكانت كل منطقة بها عدة فرجان مثل فريج المسلم وفريج المحمود وفريج المري وفريج بن هندي وفريج شويطر وفريج البوخميس وفريج البنعلي وفريج الحياك وفريج الصاغة وفريج الشيخ حمد الذي سمي بهذا الاسم لوجود منزل المغفور له الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة حاكم البحرين طيب الله ثراه... وملاصق لمنزل الشيخ حمد من الجنوب كان يوجد منزل ابنه المغفور له الشيخ دعيج بن حمد آل خليفة «بوسلمان» الذي تبرع به لدائرة المعارف في ذلك الوقت وتحول إلى مدرسة الوسطى واسمها حاليا مدرسة أبوعبيدة بن الجراح وإلى الجنوب من هذه المدرسة كان يقع منزلنا ومنزل الفاضل. ولقد كنتُ أدرس في هذه المدرسة وأرى المدرسين في النهار وفي الليل يوميا لأنهم يحضرون إلى مجلس والدي الذي كان مفتوحا يوميا، كما كان يحضر إلى المجلس عبدالحسين وعبدالزهره وعبدالنبي وسالم وعنبر وخميس... كان يحضر إلى مجلس والدي الكثير من أهالي المحرق ولم نكن في ذلك الوقت وحتى الآن نفرق بين سني أو شيعي أو عماني أو من أصول إيرانية... كان الجميع سواسية وكان والدي هو الذي يحل النزاعات في فريجنا وكان له وزنه عندما يخرج ويجلس في المجلس بين صلاة العصر وصلاة المغرب... ومثل الذي كان يجري في فريجنا كان أيضا يجري في جميع فرجان المحرق وكل فريج له أهله وناسه كباره وصغاره الذين يعتزون به ويعتز بهم... كانت هذه جزيرة المحرق سابقا: فرجان معروفة ورجال كبار، معروفون، لهم صولاتهم وأسماؤهم، ما أحلاها من أيام... واليوم مازالت جزيرة المحرق تفخر برجالاتها وتفخر بمناطقها، ولكن هناك أناس... الله يستر عليهم نصبوا أنفسهم رؤساء وأمراء على جزيرة المحرق من دون أن يكون هناك تتويج رسمي لهم... وضعوا أنفسهم بأنفسهم ولا يوجد مرسوم ملكي ولا أمر وزاري ينصبهم في هذا المركز... يترأسون الجزيرة العريقة من دون وجه حق ويبخصوا حق الآخرين... يصورون أنفسهم إلى المسئولين بأن المحرق تابعة لهم وتحت سيطرتهم... ينسون أن للمحرق رجالا وعوائل متأصلة في هذا الجزيرة، ولا يمكن أن يرضوا لعائلة واحدة بالسيطرة عليها... والرؤساء غير المتوجين يعملون الاحتفالات والولائم والاستقبالات ولا يوجهون الدعوة إلى كبار رجالات الجزيرة أو حتى وسط المدينة أو حتى رجالات العائلة المالكة القاطنين في المحرق... والآن ما الذي حصل؟ تحولت الهيئات الإدارية إلى هيئات سياسية، ونحن نعلم أن السياسة لعموم المملكة وليست للمناطق الإدارية... وبسبب الرؤساء غير المتوجين ستدخل البحرين في نفق مظلم اسمه المناطقية. وهذا له حديث آخر في يوم آخر، أما في مقال اليوم فنحن نحذر من ظهور منطق المناطقية وتحزبها بحزب جديد لن يكون في صالح المملكة أبدا... لأن الفرجان والمناطق والمدن كلها إدارية فقط وتابعة للمملكة التي لها ملكها المتوج صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة المعظم حفظه الله... ولا يوجد غيره. أما في جزيرة المحرق فالله يستر؛ لأن هنا أناسا ابتدأوا يجهزون لقيام حزب خاص بالجزيرة. وهذا ما لا نقبله أبدا. ونقولها دائما: الاحزاب سياسية والمناطق إدارية فقط والمحرق للجميع بجميع التوجهات الأيديولوجية والحزبية ولا تلتفتوا إلى «الغظنفر»

إقرأ أيضا لـ "سلمان بن صقر آل خليفة"

العدد 631 - الجمعة 28 مايو 2004م الموافق 08 ربيع الثاني 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً