العدد 631 - الجمعة 28 مايو 2004م الموافق 08 ربيع الثاني 1425هـ

الطرق العملية للاستفادة من النتائج المنطقية لتحسين سلوك الأبناء

سلوى المؤيد comments [at] alwasatnews.com

.

ذكرت من قبل أهمية تطبيق النتيجة المنطقية لما يفعل الطفل من سوء سلوك كعقاب له لكي يرتدع عن سلوكه السلبي، وسأحاول أن أوضح بشكل عملي كيف نستخدم هذا الأسلوب في تحسين سلوك الطفل... لنستفيد منه استفادة كاملة في تطوير سلوكه.

إن أهمية هذا الأسلوب تكمن في أنه يرسل رسائل واضحة إلى الأبناء عن الحدود التي عليهم ألا يتجاوزوها، ويعلمهم أيضا المسئولية لأنهم هم المسئولون عن سلوكهم ومهمة تحسينه... إلا أن التأثير على سلوك الأبناء بسبب تطبيق هذه الطريقة لا يحدث إلا إذا طبقها الوالدان بطريقة ديمقراطية حازمة لأن تأثيرها بهذا الشكل سيكون ممتازا من حيث تأسيس المبادئ التي يتعلم الطفل كيف يسير عليها.

ولنستعرض بعض النماذج العملية لتطبيق هذا الأسلوب، وما هي الصفة المشتركة لتطبيق العقاب مباشرة بعد ارتكاب الخطأ.

نزار طفل في السابعة من عمره، كان يضايق أخته بأن يرمي عليها بطاطس مقلية وهما يشاهدان التلفزيون، اشتكت أخته لوالدته فطلبت منه أمه أن يتوقف عن مضايقة أخته وإلا فإنها ستحرمه من مشاهدة التلفزيون بقية المساء إلى وقت نومه... توقف نزار قليلا، لكنه عاد ليرمي قطع البطاطس على أخته مرة أخرى... هنا قالت له والدته بحزم: «نزار... اذهب إلى غرفتك قبل أن يكمل برنامجك»... ولم يجد نزار مجالا للمقاومة، فنظرة أمه الحازمة والتأكيد في نبرتها جعلاه يطيع أمرها... وينفذ العقاب الناتج عن سلوكه مع أخته.

إلا أن من المهم في هذه الطريقة أن تنفذ الأم (العقاب مباشرة) لا أن تنتظر للمرة المقبلة لأن الطفل بذلك لن يربطه بسوء سلوكه كسبب للعقاب لكي لا يعيده مرة أخرى. كما أن (الثبات) في تطبيق العقاب مهم جدا.

لنفترض أن عماد البالغ من العمر 10 سنوات كان يتحدث مع صديقه على الهاتف وقالت له أمه إن الحديث في ذلك الوقت مع صديقه أمر غير مسموح به... لكنه لم يرضخ، وتوسل إلى والدته أن تسمح له بالكلام مع صديقه في ذلك الوقت... وعندما أصابه اليأس اتجه إلى والده، لكن والده أصر على موقف والدته وطلب منه أن يطيع كلامها... عندئذٍ لم يسع عماد إلا أن يطيع والديه.

إذا... لو حرص جميع الآباء على (الاتحاد في آرائهم) عندما يواجهون مثل هذه المواقف لوفروا على أنفسهم الكثير من التوتر والفوضى في علاقاتهم الأسرية ولمنحوا أبناءهم الإحساس بالطمأنينة والرضا لما يحصلون عليه دون مماطلة للحصول على المزيد منه... ويعتقد علماء النفس التربويون أن العقاب المباشر الناتج عن سوء سلوك الطفل والثبات من الوالدين في تطبيق الحدود أو النتائج المنطقية لسوء سلوك الأبناء يعتبره علماء النفس من أفضل الطرق لتحسين سلوكهم.

إن الثبات على تطبيق النتائج المنطقية بالذات له تأثير حيوي وأساسي على تدريب الطفل لكي يطوّر سلوكه.

لنفترض أن والدة عماد سمحت له باستخدام التلفون أثناء فترة عقابه بعد أن ألّح عليها... أليس معنى هذا أن والدته ترسل إليه رسالة كأنها تقول له: «لا تحترم عقابي وافعل ما يحلو لك... لأني سأسامحك في كل مرة؟».

إلا أن والدته لم تفعل ذلك وإنما حرمت ابنها من استخدام الهاتف مدة يومين آخرين لأنه لم يطع أوامرها أو عقابها له.

كما أن هناك أمرا آخر مهما على الأب والأم الالتزام به وهو «التطابق بين الكلام والفعل الموجه إلى الطفل» من قبل أحد الوالدين... وعلى هذا إذا كنا نريد أن نطبق بين ما ذكرت ومثال عماد فإن عليه حتى يقلل فترات عقابه أن يلتزم بالحدود التي وضعها والداه له... لأنهما لن يرضخا لتوسلاته بأن يغيرا موقفهما، فكلاهما متطابق مع أفعالهما.

هناك أمر آخر مهم على الآباء أن يراعوه عند تطبيق هذه الحدود... وهو (تطابق نوع العقاب مع نوع الفعل) الذي ارتكبه الطفل... فإذا لم يقبل ابن أن يشارك إخوته في لعبة فيديو فإن على الأب هنا أن يحرم ابنه من اللعب في اللعبة مباشرة، قائلا له: «إذا كنت لا تريد أن تشارك أخويك في لعبة الفيديو... فإنك لن تستطيع أن تلعب بها بقية الليلة... سأعطيك إياها غدا».

من خلال هذا المثال لاحظنا أن النتائج التي تحمّلها الطفل مؤثرة جدا لأن لها علاقة بالسلوك غير المقبول الذي تصرّفه الطفل مع أخويه... ويريد الوالدان من ابنهما التوقف عنه.

ماذا لو تصرّف الطفل بطريقة خاطئة وعلمه أبوه كيف يتصرف بطريقة صحيحة مثلما فعل والد وليد البالغ من العمر ست سنوات عندما كان يغرز الشوكة في قطعة البطاطس بطريقة كان يقصد بها إضحاك أخويه إذ علّمه كيف يأكل بطريقة صحيحة.

وفوجئ الأب بعد قليل بأنه عاد يفعل مثلما فعل في السابق... عندئذٍ أخذ والد وليد الشوكة من يد ابنه.

هنا علّم الطفل أنه وجد عقابا يستحقه... ولم يجرح الأب ابنه بكلام جارح لشخصيته وإنما صبّ عقابه على فعل ابنه لكي لا يرتكبه مرة أخرى

إقرأ أيضا لـ "سلوى المؤيد"

العدد 631 - الجمعة 28 مايو 2004م الموافق 08 ربيع الثاني 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً