عبدالعزيز المداوي واحد من الأصوات الشعرية التي نأت بنفسها عن المماحكات اليومية التي ابتليت بها ساحتنا الشعرية الشعبية، نأت بنفسها لإيمانها بأن الاشتغال على التجربة ومحاولة رفدها بما يراكم النوعي فيها أهم بكثير من كل هذا اللغط وامتهان «الغِيبة» لما يستحق ولما لا يستحق أن يُغتاب!
عتب علينا كثيرا، وعتبه محل تقدير واحترام ولكننا منذ البدء فردنا مساحتنا للأصوات الجميلة وهو أحدها، لم نرد أحدا سعى الينا بنصه وهو يحوي الشروط التي تتطلبها أي صفحة تعنى بالشعر، بل وسعينا لبعض الأصوات من أجل التأكيد على ان هذه المساحة تظل منهم واليهم من دون منّة، بل نحن الذين نشعر بالامتنان للأصوات الشعرية البحرينية التي أخلصت ولا تزال مخلصة لفنها وابداعها لا تبتغي من وراء ذلك جزاء ولا شكورا.
«الجرح الأخير»، ديوان المداوي الذي وصلني قبل أسبوع يحوي عددا من القصائد الجميلة بغض النظر عن موضوعاتها، لغة رشيقة، بسيطة بعيدا عن التسطيح، مباشرة من دون ايغال في المألوف والمتلمّس والمعاين. عدد كبير من قصائد الديوان مهداة الى رئيس الوزراء صاحب السمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة، وقراءة سريعة لعدد من القصائد الوجدانية التي احتواها الديوان تكشف عن رهافة حس وصدق في توظيف حال من الفطرة وانشداد واضح للمألوف والبسيط من الكلام وهو يصاغ بلغة شعرية قريبة الى الأذهان ولا تحتاج الى عظيم جهد كي تتآلف معها، وهي أقرب الى الغنائية، بل هي بحق مشروع غنائي لو التقط أحدهم عددا منها لسهولتها وبساطتها، اضافة الى الأسلوب الحواري الذي تمتاز به، فثمة ضمير هناك في العديد من النصوص، ضمير الغائب الحاضر، ضمير الأنا، وتكاد تكون «أنا» جمعية «لا الأنا» المريضة، وخصوصا مع حال من العاطفة المشبوبة اذ تنصهر الأنا وتتوحد مع أنا الآخر.
عندي العطا في ناظري... ما هو مثل يمنى بخيل
ياخذ ولا يعطي أبد... وعند المواقف يختفي
لا يحتاج الشاعر عبدالعزيز المداوي لمثل هذه المساحة بقدر حاجته الى أن يرى البشر كل البشر والشعراء خصوصا وهم على قلب رجل واحد، يحبون في الله ويتآلفون في الشعر، يتعلمون أن يكبروا بالحب ويسعون ما وسعهم الحال أن يجهلوا أبجدية الحسد والحقد والكراهية والنميمة والغيبة التي تحضر لسبب ومن دون سبب! المداوي يظل انسانا يحمل كل معاني الحب والتقدير والعرفان للبشر الذين يقدرون تلك القيم، قبل أن يكون شاعرا، ولأنه انسان بالمعنى العميق للكلمة استطاع أن يكون شاعرا، لأنه من السهل أن تكون شاعرا، ولكن من الصعب أن تكون انسانا... ولن يكون الشاعر انسانا مالم يعكس جانبا من تلك القيم في الشعر على أن يردف ذلك بممارسة حقيقية وواعية لإنسانيته، فمتى ما حدث ذلك الفصل بين الإنسان والشاعر أصبح الأخير ضربا من «التهريج اللفظي» الذي يصم آذاننا ليل نهار!. المداوي... أهلا بهطولك
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 631 - الجمعة 28 مايو 2004م الموافق 08 ربيع الثاني 1425هـ
لو سمحت يا استاذ جغفر
السلام عليكم اتمنى يا استاذ جعفر الاتصال بي 0096599595695 اخوك أبو فهد من الكويت