العدد 631 - الجمعة 28 مايو 2004م الموافق 08 ربيع الثاني 1425هـ

المعارضة: نحن الطرف الرئيسي في الحوار... برلمانيون: يجب الاعتراف بالمؤسسات الدستورية

في منتدى «الوسط» عن الحوار الوطني

الوسط - سلمان عبدالحسين، خليل عبدالرسول 

28 مايو 2004

اختلف المشاركون في «منتدى الوسط» عن الحوار الوطني بشأن أولويات الحوار في العمل السياسي، وجنح أكثرهم الى التأكيد على أولوياته كأجندة للحوار الوطني، ففي حين ترى المعارضة ضرورة الحوار المباشر بينها وبين الحكم على أساس القضية الدستورية التي تتبناها وتعتبرها أولوية، ترى الأطراف المشاركة في العملية السياسية ضرورة الاعتراف بالمؤسسات الدستورية وتطويرها من الداخل، وأن تكون قاعدة الحوار على هذا الأساس. وهذا نص الحوار:

يبدو أنكم مازلتم مختلفين على أولويات الحوار الوطني، وكل يطل على الحوار من موقعه لا من المشتركات؟

- الشيخ عادل المعاودة: نحن نتكلم عن مرتكزات الحوار الوطني، وليست قضايا الحوار الوطني، وقد دخلنا في جوانب تفصيلية من الحوار الوطني، لأن كل فرد منا يتأثر بالوسط الاجتماعي والسياسي الذي يعيش فيه، وكل وسط له أولويات، فوسط «أبوهيثم» (حسن مشيمع) يتكلم عن الإصلاحات الدستورية، وبالتالي سيضع القضية الدستورية في أول أجندته، وقد يعتقد عدم وضع الأطياف السياسية لها كأولوية أولى أمر خاطئ، وخلل في الأوساط.

وماذا يقول لك وسطك؟

- أنا أعترف بكلمة أشار إليها الأخ إبراهيم شريف أن التعديلات الدستورية أهم قضية، وهذا أمر صحيح، وهنا أذكر كلمة لشيخنا العلامة «بن عثيمين» حينما سأله سائل عن فتوى معينة، فرد عليه بالقول: بدل أن أجيبك على سؤال سأعطيك قاعدة يمكن أن تبني عليها سبعين فتوى، وهذا ينطبق تحديدا على المسألة الدستورية، والقضايا الأخرى الفرعية، فالتعديلات الدستورية ستحل الكثير من القضايا الجزئية، وهذا أمر نعترف فيه جميعا، ولكن تقديمها أو تأخيرها يأتي بناء على قناعة كل إنسان.

إذا كان لدينا بيت اتفقنا جميعا بأنه يحتاج إلى ترميم، أي دستور اتفقنا جميعا أنه يحتاج إلى تعديل، ودخلنا هذا البيت لترميمه، فالبعض سيطالب بنسف البيت من الأساس، ومنهم من يرى ترميمه فقط، ومنهم من يرى أن في غرفة من غرف البيت نار مشتعلة، وقبل البدء بالترميم أو نسف هذا البيت يجب أن نطفئ هذه النار قبل بدء أعمال البناء، والنار بالنسبة لي هي الأكل والشرب والمسكن، وهذه أولى الأولويات بالنسبة لي، ولست غافلا عن التعديلات.

إبراهيم شريف: أنت تتكلم عن أولوية الملفات المعيشية على الملف الدستوري، ونحن نعتقد أن الدستور لا يحل هذه المشكلات، وإنما يضع البلد على السكة الصحيحة في طريق حلها.

المعاودة: حينما تكلمنا عن دولة القانون، فما هو القانون الذي نريده؟ القانون الذي نريده هو أنك تحصل على الخدمات كالمسكن وغيره من دون النظر إلى انتمائك الطائفي، فسواء كنت من المحرق أو الرفاع أو كرزكان، فإنك تحصل على هذه الخدمات بقوة القانون، فاليوم قد تكون لدي واسطة لإخراج بيت لولدي، وغدا قد أفتقد هذا الحق، وعليه يجب أن أسس قانونا يقضي بأن يأخذ الجميع حقوقهم بلا استثناء، وقد انتهينا في المجلس من إقرار قانون للضمان الاجتماعي ومن رفع الحد الأدنى للرواتب ومن وضع برنامج للإسكان، وسواء كنت سنيا أو شيعيا، فقيرا أو غنيا، ستأخذ حقك بصفتك مواطنا من دون تمييز، فإذا انتهيت من هذه الخطوات، فقد أطفأت الحريق المشتعل في إحدى غرف بيتنا الداخلي.

مرة أخرى أنا أريد التعديلات الدستورية، ولكن الأخوة في المعارضة يقولون إنك في هذا المجلس الذي وضعت الحكومة فوقه «أبوعلاء وربعه» (عبدالحسن بوحسين وأعضاء مجلس الشورى) لن تستطيع التغيير، وأنا أقول لهم إنكم تقومون بالفعل نفسه، لكن بطريقة معاكسة، فهل إذا قدمتم العريضة اليوم سيتغير الدستور غدا، الواقع أنه لن يتغير، فقد رضيتم بمحاولة من أجل التغيير، وقد رضينا بمحاولة لذات الهدف، ونحن نعرف أن البرلمان لن يحل كل القضايا.

قد يسألني «أبوهيثم» انكم إلى الآن لم تطرقوا باب المسألة الدستورية، وأنا أقول إن التعديلات الدستورية موجودة على أجندة كل النواب تقريبا، وكل بلد ديمقراطي توجد فيه تعديلات دستورية، ولكن دعونا نختلف في وقتها وعددها وحجمها، ويبقى الحوار التشاوري هو الوسيلة لتقريب وجهات النظر، وتعديل الأولويات، بل حتى لتصحيح المفاهيم، فقد نفهم الموقف بشكل خاطئ، ومن خلال الحوار نسعى الى تصحيحه.

- حسن مشيمع: دعوني أضع بعض النقاط على الحروف، فأنتم تتكلمون عن الشفافية، ويجب أن نطبق هذه الشفافية بحذافيرها. أولا: حينما يتكلم القرآن الكريم عن مسألة الحوار: فإنه يتكلم عن أجواء حوار مفتوحة مع كل الأطراف، لتتكون بدايات الحوار الحقيقي، وصحيح أن حوارنا الأساسي مع الحكم في قضايا كثيرة نطالب فيها بتغييرات، ولكن من دون أن يكون هناك حوار أولي بين الأطراف التي تمثل شرائح المواطنين في البلد، لتتفق - على الأقل - على أولويات تحاور من خلالها الحكومة، أما إذا كانت مختلفة ومتباعدة، فهذا سيؤثر على مستوى الحوار ونتائجه، فقد يكون بيننا وبين الحكومة اختلاف في وجهات النظر، لكن يوجد اختلاف فيما بيننا كأطراف تمثل شرائح وفئات مختلفة من المواطنين، فإذا ما اختلفنا، سنوصل إلى الحكومة دائما بأننا مختلفون، وسيبقى المعاودة ضد مشيمع ومشيمع ضد المعاودة.

يبقى أن الادعاء بأننا متفقون على المسألة الدستورية أمر غير صحيح، فنحن لسنا متفقون على المسألة الدستورية، ومع أن الجميع يؤكد أن المسألة الدستورية قضية أساسية وجوهرية، إلا أنهم مختلفون عليها، فنحن مختلفون في أصل المسألة الدستورية، بمعنى أننا جميعنا نتكلم عن إشكالات كثيرة على دستور 2002، ومع ذلك قبله الشيخ عادل وقبل الآخرون، ونحن نقول أن هذا الأمر غير صحيح، وهنا أصل المشكلة.

نحن نقول: إن التعديل لم ينصفنا كمواطنين من دون استثناء، كما أنه لم ينصف المجلس التشريعي ولا حتى مجلس الشورى، وبالتالي يفترض أن تكون الاشكالات الدستورية قضية مشتركة بين الجميع، ليس لأنك ستصبح عضوا في مجلس النواب أو عضوا في مجلس الشورى، وإنما لكونكما مواطنين، لأنكما سواء كنتما أعضاء في مجلس النواب أو في مجلس الشورى، فأنتما مواطنان، ويراد لكما أن تمثلا المواطنين جميعا، وبالتالي: يجب علينا أن نشترك في حل الاشكال الدستوري كمواطنين، لأن دستور 2002 لم ينصفنا كمواطنين، وأخذنا الكثير من حقوقنا، من خلال سلبه للكثير من المكتسبات الموجودة في دستور 1973، وحتى مع كون دستور 73 دون المستوى، إلا أن دستور 2002 أقل منه، وقد لمستم بعد دخولكم التجربة حجم الانتقاص من الصلاحيات الممنوحة لممثلي الشعب، وقد تكلمنا بذلك قبل الانتخابات، لأننا نرى الأمور واضحة أمامنا، وبالتالي: فأصل الخلاف بيننا وبينكم هو أن دستور 2002 أهدر الكثير من حقوق المواطنين، فكيف تقبلون بذلك؟

وهنا أريد التأكيد في هذا اللقاء، وطالما أكدت ذلك في خطاباتي: حينما أتحدث عن برلمان أو أعضاء مجلس شورى، فأنا هنا لا أتحدث عن أفراد، فهؤلاء مواطنون أولا وأخيرا، ولكن حديثي عن آلية خاطئة موجودة في البرلمان ومجلس الشورى، والمتمثلة في التقنين للمجلس والمجلس الآخر، وبالتالي ليس الاختلاف بشأن الدخول في البرلمان أو عدمه، وإنما الاختلاف بشأن أصل المشكلة، وهي القبول بانتقاص الصلاحيات الممنوحة للشعب، فإذا كان شعب البحرين بإمكانه أن يحصل على 60 في المئة من حقوقه، فلا يجوز لك ولا يجوز لي ولا لأي شخص آخر أن يضيع هذا الحق، ولو وقفنا موقفا مشتركا، يقينا سنحصل على هذا الحق، ولكننا بعد اختلافنا أصبحنا في موقف أضعف، وكمقاطعين حشرنا في زاوية ضيقة.

- عبدالحسن بوحسين: نحن أمام أمر واقع، والسؤال: هل لنا أن نقول بإمكان العودة إلى دستور 73، فقد خطينا خطوات بعيدة في مجال الإصلاح، فهل نصر على العودة إلى دستور 73. نعم، نحن نعتقد بأن دستور 2002 فيه نواقص، وكلنا نعتقد بأن فيه نواقص ويحتاج إلى تعديل، فهل الأفضل لي أن أطور الموجود في يدي، وأعمل مع جلالة الملك ومع المؤسسات الدستورية القائمة، ومع مؤسسات المجتمع المدني كلها عملا تدريجيا لتطوير ما هو أمامي الآن، أو أصل إلى مرحلة تقودني إلى المواجهة إذا أصريت على العودة إلى دستور 73، وبالتالي: فأنا أمام خيارين، إما أن أراوح محلي متمسكا بدستور 73، أو أقول إن هذا الدستور فيه نواقص، ولكن أقبله على أمل تطويره، وإدخال التعديلات تدريجيا.

عادل المعاودة: لقد ابتعدنا عن موضوع الحوار الوطني، وهذا دليل على أن التعديلات الدستورية عند الاخوة هي الأول والآخر، ولن أقول إنها الظاهر والباطن لأنها من أسماء الله سبحانه وتعالى، لهذا فقد جير الحوار كله لهذه القضية، لأننا جعلناها أم القضايا، وتركنا الحوار ومرتكزاته ومتطلباته، مع كون الحوار يعطينا أفقا أوسع في هذه القضية وغيرها.

بعض من شاركوا في البرلمان، وكذلك أطراف في الحكم يرى ضرورة وجود شرطين أساسيين لدخوله مع المعارضة في حوار وطني، أولا: الاعتراف بالمؤسسات القائمة، أو كما وصفها بوحسين الاعتراف بالواقع، وهو دستور 2002 وما تمخض عنه من مؤسسات تشريعية تحديدا، وأن تنتقل العريضة إلى مجلس النواب وليس إلى جلالة الملك، ألا يعد هذا إلغاء لوجهة نظر المعارضة؟

- المعاودة: يمكن إثارة السؤال الآتي للإجابة على سؤالك: هل أن الأسلوب الحكومي بتحويل العريضة من جلالة الملك إلى المجلس النيابي أمر صحيح؟ والجواب: الحكم يرى أنه نظام حاكم بهذا الدستور الحالي، وبالمؤسسات الموجودة فيه، وهو يريد أن يشركها ولا يتعداها، وحتى في مناشدتنا جلالة الملك بإطلاق سراح الموقوفين، أكد لنا أنه لم يكن يسره أن يكون هناك معتقل واحد، وأنه سيعمل جاهدا من أجل إطلاق سراحهم، لكنه لا يتمنى أن يتعدى صلاحيات المؤسسات القائمة، تكريسا لمبدأ «أن يأخذ القانون مجراه»، فإذا سمح الحكم بتجاوز مؤسساته، فهذا خطأ في حقه، مع كون الملك رأس السلطات، وله أن يتعامل مع أية سلطة كيفما يريد.

مع كل ذلك، نصحت الاخوة القائمين على العريضة، بتقديم العريضة بحسب رؤيتهم لها، فدورهم سيكون مجرد تسليم العريضة، وأما ماذا سيفعل الحكم بها فلا يمكن لهم التحكم فيه، سواء أعطاها البرلمان أو وزير العمل.

من الواضح أن حجم التباين كبير جدا في مسألة واحدة، وإلى الآن لم نطرح قضايا التمييز والتجنيس وغيرها من القضايا الشائكة، فهل نحن بحاجة إلى تلطيف الأجواء لتهيئة الأرضية بشكل أكبر لحوار وطني جاد، فقد طرح الشيخ عيسى قاسم مبادرة لتشكيل جمعية سياسية سنية - شيعية، وهناك الكثير من المبادرات، فهل يمكن أن تشكل هذه المبادرات أرضية للحوار الوطني؟ وما الخطوات التي يجب اتباعها للوصول إلى هذا الهدف؟

- ابراهيم شريف: المشكلة الأساسية في البحرين سياسية وليست طائفية أو مذهبية، ومع احترامي لما قاله الشيخ عيسى قاسم عن التقارب المذهبي، فإنه لا يحل المشكلة من جذورها، فالمشكلة في البحرين هي قضية المواطنة، فإذا عاملت الناس كمواطنين متساوين في الحقوق والواجبات، تصبح المسألة المذهبية علاقة بينك وبين أفراد مذهبك وبينك وبين ربك، فالجامع هو الإسلام وليس المذهب، والجامع هو العروبة وليس المذهب، والجامع هو المصالح الوطنية وليس المذهب، والجامع أيضا هو المواطنة، والمواطنة مجموعة مرتكزات، ومنها: الدين الإسلامي، والعروبة، والمصالح المشتركة.

أما عن الحوار، فأجد أنه يكون على ثلاثة مستويات، فهناك حوار يتم بين السلطة والحاكمة ومن شاركوا في العملية السياسية الحالية، ألا وهي الانتخابات البرلمانية، وهذا الحوار يتم من خلال المجلس الوطني بغرفتيه، وهذا ما تعكسه طبيعة المشادات بين النواب والحكومة. أما المستوى الآخر من الحوار، فأنا أتفق مع عبدالعزيز أبل بأنه لم تكتمل الشروط فيه، وإنما هو بمثابة النقاشات، وهذا ما تم بين المشاركين والمقاطعين، واسمحوا لي أن استخدم هذا التعبير، فأنا مضطر الى استخدامه، فواقع الحال في البلد قسم المواطنين فيما يتعلق بالمسألة الدستورية إلى مشاركين ومقاطعين، إذ أصبح كل المشاركين مؤيدين للتعديلات التي حصلت في 14 فبراير/ شباط 2002 مع تحفظات قليلة، وأصبح كل المقاطعين رافضين لها، وقبل ستة أشهر كانت هناك جمعيتان في النصف، ومع مشاركتهما في الانتخابات النيابية، فلا أنت قادر على احتسابهما مع هذا الطرف أو ذاك، أما ألان فقد انقسمنا انقساما واضحا، فكل المشاركين يطالبوننا بالاعتراف بدستور 2002 بما فيهما جمعيتا «الوسط العربي» و«المنبر التقدمي» وكل المقاطعين يقولون إن دستور 2002 لا يمكن الاعتراف به.

أما المستوى الثالث من الحوار فهو المهم والمطلوب، وهو الحوار بين الحكومة والمعارضة، وحينما أسميها معارضة، فذلك ليس انتقاصا من كون الآخرين غير معارضين، فأنا أتكلم عن «المعارضة الدستورية» الفاقعة والواضحة في معارضتها إلى البرنامج السياسي كله لنظام الحكم، وهذا الحوار غير موجود الآن، ويبدو لي: أن الحكم - بحسب آخر جلستين جلسناهما في حوار «الوسط» - يريد حوارنا من خلال الإخوان الآخرين، وإذا استمر الأمر داخل التجمع الذي تديره «الوسط» على هذه الشاكلة، فلن يكون الحوار حوارا سليما.

لقد كان إحساسي وأنا أجلس مع الجزء الأكبر من الطرف المخالف لنا في النظرة، وكأنه يكلمنا بلسان السلطة ومطالبها، وهذا الاتجاه ليس إيجابيا في الموضوع، فإذا أراد الحكم أن يكلم المعارضة، فليكلمها وجها لوجه، وليبقى حوارنا مع بقية الاخوة على ما هو عليه، من البحث عن المشتركات والاختلافات، وكيفية إزالة الاحتقانات هنا وهناك، ولكن لا نستطيع لا هم ولا نحن أن نتفق على قضية توجد ضرورة للاتفاق مع النظام عليها أولا، فالطرف الأساسي في هذه المعادلة هو النظام، فنحن كمشاركين في تجمع «الوسط» لسنا طرفين في عملية الصراع، وإنما طرفا الصراع هما من يريد المضي في برنامج سياسي معين، وهناك مجموعة من الجمعيات والشخصيات السياسية المؤيدة له في هذا التوجه، وبين طرف آخر يقول إن هذا التوجه خاطئ.

أنتم كمعارضة دستورية تلغون الطرف الآخر، سواء كانوا نوابا أو شورويين، ولا تريدون التعامل معهم بهذه الصفة بحجة أو أخرى؟ ألا يعد هذا عقبة في طريق الحوار؟

- مشيمع: أولا دعني أثير بعض المسائل التي تطرق إليها الإخوة المتحاورون، فنحن حين نتحدث عن كون دستور 2002 لم ينصف المواطن بشكل عام، وأن الكثير من الحقوق الثابتة في دستور 73 تم انتقاصها، ومع إيماننا بأن دستور 73 ليس قرآنا منزلا، وفيه من السلبيات الكثير، لكنه بالمقارنة مع دستور 2002، مازال أفضل منه في حفظ وصيانة حق المواطن، فدستور 2002 أهدر الكثير من الحقوق، وحتى الحكومة لم تقل إنها غيرت الدستور وإنما عدلته، مع أنها غيرته فعلا وأتت بدستور جديد، علما بأن تعديل الدستور يجب أن يكون في نطاق دستور 73 وليس خارجه، وحينما نتكلم عن دستور 73، لا نتكلم عنه كقرآن منزل نرفض تغييره، وإنما نؤكد وجود مبادئ أساسية موجودة في الدستور السابق، يجب أن تحدث التغييرات على أساسها، وليس أن يتم إلغاء الدستور السابق وإلغاء مبادئه، فنحن لا نلتزم بحرفية دستور 73، وإنما نطالب بدستور يصدر بطريقة صحيحة وعقدية، ويلتزم بالمبادئ الأساسية التي تضمنها دستور 73، ويتفق عليه شعب البحرين.

أما عن عدم تعاملنا مع البرلمان ومجلس الشورى، فقد أكدت أنني مع عدم تعاملي مع البرلمان أو مجلس الشورى، فإنني لست ضد شخصيات، وإنما أنا أوجه رسالة إلى السلطة بأن هذه المؤسسة التشريعية وجدت بطريقة خاطئة، وبالتالي فأنا لا أتعامل مع المؤسسة، وهذا لا يعني أنني لا أتعامل مع الشيخ عادل أو الأخ «أبوعلاء»، فكلامي ينحصر في وجود آلية خاطئة في إقرار هذه المؤسسة، لا أستطيع أن أعطيها الشرعية، وإلا قمت بالمشاركة ودخول هذه المؤسسة، وبالتالي: فإنكم تطلبون مني أمرا غير صحيح وغير منطقي، فعندما تقول: إنني قاطعت، وان آلية إقرار هذه المؤسسة لا تعترف بها، فهل المعقول أن تطلب مني مثلا أن أرسل العريضة إلى المجلس النيابي؟ إذن ما الفائدة من مقاطعتي؟ وما الرسالة التي يمكن أن أوجهها من خلالها؟

من جهة أخرى، فحين أتكلم عن علاقات اجتماعية بحتة، فإنني أكن احتراما للجميع، ولكنني حين أدخل في حوار مع طرف يمثل البرلمان كبرلمان ومجلس الشورى كمجلس شورى، فهذا معناه أنني أتعامل مع هذه المؤسسة، والمؤسسة ليست بناية، وإنما أفراد يديرونها، وأنا ضد هذه المؤسسة، وبالتالي لا أستطيع التعامل معها، لأن الآلية التي أوجدت بها هذه المؤسسة خاطئة، فصححوا الآلية لأتعامل معها، وليس لأنني أرفض الحوار مع الآخرين، فأعضاء مجلس النواب والشورى كمواطنين لا أرفض الحوار معهم.

أما عن إرسال العريضة إلى البرلمان، فإن جميع الأطراف تعترف بأن أعلى سلطة في البلد هو جلالة الملك، وهو الذي يمتلك صلاحيات التغيير، فكيف تطالبني بأن أقدم عريضتي إلى سلطة أقل منه، وبالتالي فالعريضة ستذهب إلى جلالة الملك مباشرة، لأنه من يمتلك صلاحيات التغيير.

المعاودة: ما رأيك أنني قلت هذا الكلام للحكومة، إذ إننا حين نلاقيكم نشد معكم، ولكننا حين نلتقي مع الحكومة نشد معها أيضا، فقد قلت لهم: إن العتب في مسألة تجاوز الاخوة في المعارضة للمؤسسات الدستورية ليس صحيحا، لأنهم تجاوزونا ليس إلى من هو أقل منا، وإنما إلى من هو أعلى، فدعوا من هو أعلى يأخذ العريضة لأنه رأس السلطات، وهذا أمر قلناه من ورائكم، فجلالة الملك رأس السلطات، وهؤلاء مجموعة من المواطنين من أي تجمع كانوا، قاموا بمخاطبة الملك، ويجب الاستماع لهم.

إبراهيم شريف: المادة 35 من دستور 2002 تنص على «أن للملك حق تعديل الدستور وحق اقتراح القوانين»، وهذا دليل على عدم مخالفتنا للدستور.

المعاودة: قد نختلف معكم ونحن بينكم، ولكن حين الجلوس مع الحكومة، فإننا نلومهم على التصلب في عدم قبول العريضة، لهذا دعني أصحح مفهوما عند الأخ إبراهيم شريف، فنحن لا نرى أنفسنا إلا جزءا من المعارضة، لكن المعارضة عدة مستويات وسبل مختلفة، والتفريق بيننا كمشاركين وغير مشاركين أمر طبيعي، ولكن حصر المعارضة في هذا الاتجاه أمر غير صحيح، فالواقع أننا جميعنا معارضة، ولكن الأساليب والأولويات تختلف.

عبدالعزيز أبل: ليست لدينا مشكلة مع مكونات المجلس، ولكن لدينا مشكلة من سلطات المجلس والطريقة التي جاء بها، فدستور 2002 غير متوافق عليه، والواقع هو دستور 73 الذي لا يستطيع الحكم أن يقول إنه غير موجود، لأنه يقول إنه عدل عليه، أما أطراف الحوار في هذا البلد فهم المعارضة والحكم، ولأننا نتكلم عن هذا الأمر فنحن الطرف الرئيسي في المعادلة السياسية وفي الحوار

العدد 631 - الجمعة 28 مايو 2004م الموافق 08 ربيع الثاني 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً