انفضت القمة العربية السادسة عشرة وكثر الحديث بشأن نجاحها أو فشلها في تحقيق أو صدور قرارات تلبي طموحات الشارع العربي، وهي عادة صارت تتكرر كل عام. بل إن حال الإحباط العربي من فشل القمم صار يعبر عنه حتى قبل صدور بياناتها الختامية.
وخلافا للمعتاد اعتقد أن قمة تونس على رغم ما شابها من جدل أدى إلى تأخر انعقادها حققت بعض النجاح وقد أدى القادة العرب ما عليهم بالتعهد بتحقيق إصلاحات سياسية في دولهم مع وضع الاعتبار لخصوصية كل دولة عضو. وعلى رغم رفضهم توقيع وثيقة العهد لأسباب ربما تبدو وجيهة فإن تبعات تحقيق حلم الإصلاحات تقع على الشعوب ومؤسسات المجتمع المدني في كل دولة على حدة.
تعودنا أن نلقي باللوم في كل ملمة على القادة والنظام العربي غير الفعال وهاهم القادة يتخذون الخطوة الأولى أو ضربة البداية فهل من متلق يتابع الأمر ويعمل على تحقيقه أم سينصرف كلٌ إلى همه ومصالحه الفردية ونترك الأمر لنصب جام سخطنا وغضبنا على القمة المقبلة والحكام من جديد؟
الشعوب العربية تبرئ نفسها من المسئولية وهي لا تتخذ أية بادرة أو تحاول انتزاع حقوقها وتنكفئ في انتظار المخلص الذي سوف لا يرضيها طبعا. إذا علينا بصفتنا شعوبا ترفض حال الأمة الحاضر والواقع السياسي المرير الذي نعيشه أن ندفع بالأمور إلى اتجاه نجاح الإصلاح، لأن من أسباب الفشل في مواجهة قضايا الأمة هو النظام القائم الذي يمنع الشعوب من المشاركة في صنع القرار وبالتالي تحمل نتائج القرارات التي تصدر من القمم. وعليه لابد من تصويب الأمور نحو توسيع نطاق المشاركة السياسية حتى يشعر كل عربي أن من يحكي باسمه هو من يمثله حقا.
التحدي كبير والآمال أكبر لكن يتوجب أولا على كل القادة الذين تحمسوا ودافعوا عن مبادرات الإصلاح حتى الأميركية منها أن يبدأوا بأنفسهم أولا باتخاذ خطوات وقرارات تشجع القادة الآخرين لسلك الطريق ذاته. وليس حراما ولا من الخطأ أن نعترف بالأخطاء ونقوّم الأمور بل عين الخطأ هو الاستمرار في حال التغييب وحجب الآخر.
الإصلاحات يجب أن تكون عامة وتشمل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وعلى الشعوب العربية عبر أحزابها ونقاباتها واتحاداتها أن تنشط عبر الطرق السلمية وفي إطار القانون للتأثير على جهات صنع القرار، وإذا نجحنا في إحداث التغيير والنقلة المرجوة فعندها يمكن أن يكون لنا صوت مسموع ويمكن لقادتنا أن يعقدوا القمم بيسر ويخرجوا بقرارات تفعّل المصلحة القومية. إذا نجاح الجامعة العربية يبدأ بنجاح كل دولة عضو في إحداث التغيير والبركة في القوى الوطنية إذا استعادت زمام المبادرة ونفضت غبار سنين الهزيمة والانزواء
إقرأ أيضا لـ "ابراهيم خالد"العدد 629 - الأربعاء 26 مايو 2004م الموافق 06 ربيع الثاني 1425هـ