العدد 629 - الأربعاء 26 مايو 2004م الموافق 06 ربيع الثاني 1425هـ

كيف أعاودك وهذا أثر فأسك؟

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

شارون يلاحق برلمانيا، وبلير يعنف في مجلس العموم البريطاني، ورامسفيلد يحاسب ويشتم أمام الملأ من الحضور والنقاد لفضيحة التعذيب التي حدثت في سجن أبوغريب، وبوش يخاف من فيلم ناقد قد يقلب عليه الطاولة الانتخابية فيذهب كما ذهب كلينتون صاحب النزعة الابيقورية مع مونيكا وفضيحة الجنس... وهكذا هو العالم يسير والنواب هناك همهم أن يكسبوا الناخب ولو براغماتيا ليؤمنوا دورتهم المقبلة... ليس دوليا فقط بل حتى عربيا... مدير المخابرات الأردنية السابق سميح البطيخي حُكم عليه بالسجن 4 سنوات لاستغلاله المنصب، ومحافظ منطقة الجيزة بمصر أخذ أمام الملأ ووضع في سيارة الأمن واقتيد إلى السجن، وكويتيا تقف كل الكتل بلا استثناء الشيعة والسنة والسلف والديمقراطيون في موقف وطني واحد من أجل محاسبة الوزراء، ولنا مثال في البراك ووليد الطباطبائي وحسين القلاف... في موقف واحد للدفاع عن الوطن ومصالح المجتمع.

كثير من هؤلاء يعملون من أجل الوطن ومن دون مساحيق ومن دون أقنعة ومن دون ثياب مستعارة، لا يتحركون كدمى مسرح العرائس من خلف الستارة، لذلك تجد أن أصابعهم ليست مستعارة. يقف بعض هؤلاء أمام شمس الظهيرة ليحاسب الوزير على كل صغيرة لا أن يقوم بتلميع شاربه فيكون ضمن الاكسسوارات المزينة لبشته، وربما يأتي زمن يكسر فيه القلم وتطير الطيور إلى غربتها وتلك هي مشكلتنا، أولئك الذين يركبون كل يوم حصانا، هؤلاء لا يرضون حتى بنقد نعجة الوزير فضلا عن نقد الوزير، لأن نعجة الوزير تستحق الاحترام والتقدير أكثر من أولئك المسحوقين ممن أكلت أموالهم ذات ليلة ووزعت هنا وهناك وطارت مع الريح، هؤلاء ليست لهم أية قيمة في ميزان هذا النوع من الانشطاريين.

نعم كما وصفهم أحد الأدباء العرب «هؤلاء يغيرون كل يوم ولاءهم كما يغيرون أحذيتهم». بالأمس يتخمك حماسا وصراخا واحتجاجا على قضية ما وفي اليوم ذاته يتغير 10 مرات، والقضية واحدة لم تتغير... ليس غريبا ذلك وخصوصا لمن فقدوا عذريتهم الثقافية وراحوا يتراقصون على أوجاع الناس. لست أول من غرّه السراب كما يقول العرب، والحقيقة إننا ما غرنا السراب ولكننا أردنا أن نعطي لبعض المثقفين فرصة للامتحان وجاءت النتيجة «مات صابر وضاعت الفلوس».

بالأمس قرأت الصحافة البحرينية فهالتني تلك الحمية على ملف التجنيس وكذلك ملف التأمينات والتقاعد... كيف حدث ما حدث؟ وكيف قبلنا بذلك وكيف حدث ذلك التصويت؟ الكثير لا يريد أن يدين الوزير، حتى بعض أولئك الذين راحوا يوزعون في المآتم والقرى يافطات الحمية، وأحد هؤلاء جلس معي ذات يوم وأشفقت عليه وهو يذكر ملف التأمينات والتقاعد وضرورة استخدام حق سحب الثقة... لم يبق إلا أن يبكي وتمنيت ألا يصل إلى درجة البكاء لأني قد أحتاج إلى دلاء كبيرة لأحمل الدموع السخينة التي ذكرتني برثائية الخنساء لأخيها صخر، فقلت له: هوّن على نفسك لا تذهب نفسك عليهم حسرات على ملف التقاعد فقد أرسلتم إلينا رحمة وما أنزل الله مصيبة هذا الملف لتشقى أنت وأمثالك، فقد بعثتم رحمة لهذه الأمة. انتهى اللقاء.

بعد أن انفض السامر وإذا بنا نرى ما جرى على الأرض... خرج وزير المالية وكأن شيئا لم يكن، ولا داعي للعجب، فمنذ الإشارات الأولى والوزير قد ألبس السفرة الحديد الواقية حتى أصبح ملف التقاعد ملفا مصفحا ضد الصدمات والأسئلة، والآن يُراد منا أن ندلق عطرا على هذه المواقف لنصفق للديمقراطية. ويبقى السؤال: إذا كان الوزير ليس مسئولا عما حدث فمن هو المسئول إذا؟ هل تسجل القضية ضد مجهول؟ ألم أقل لكم إن المسئول هو المرحوم حجي خميس في قبره (الله يرحمه)؟... ملايين ذهبت في لحظة، أموال تبرع بها هنا وهناك، كتاب «تجميع» يكلف 20 ألف دينار من أموال المتقاعدين وكل شيء ينتهي في لحظة.

ويأتي ملف التجنيس والذي يشتكي منه كل شعب البحرين بمن فيهم أهالي المحرق والرفاع والحد، و... وإذا وقف بعض النواب مع التجنيس... فأين هو الجمهور من محاسبة هؤلاء النواب؟ هل سيصوت لهم مستقبلا؟ إن هذه المواقف تجعل الناس تكفر بكل شيء وتعمل على إحباطهم. فهل ذلك يرضي الوطنيين الغيورين سواء في السلطة أو في المجتمع أو في مجلس النواب؟ وتأتون بعد ذلك لتقولوا لماذا يحتقن الناس؟

البعض مازال يمارس تجارة الدموع... والغريب أن البعض - وقبل غلق الملف - تسابقوا على لقاء الوزراء في مكاتبهم. أحد النواب قال: اسمحوا لي، فقلت له: كيف أعاودك وهذا أثر فأسك

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 629 - الأربعاء 26 مايو 2004م الموافق 06 ربيع الثاني 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً