العدد 629 - الأربعاء 26 مايو 2004م الموافق 06 ربيع الثاني 1425هـ

عربيّ في الزّحام

شعر - تقي محمد البحارنة 

تحديث: 12 مايو 2017

- 1 -

دخلت في الزّحام لا

أحمل إلا ألمي.

لم يلتفت لي أحد،

ولم يحاذر سلّمي.

ما أنا إلا عابر،

في نفق مزدحم.

تلك الوجوه عندها،

مثل وجودي... عدمي.

وغربة الروح عناء

يتلظى في الدّم،

يعتصر الأعصاب أو،

يقطف صبر الحلم.

- 2 -

دخلت في الزّحام،

والأعين تستاف دمي.

وصاحب المتجر يدعوني،

ويغري قدمي.

قيمة شخصي عنده،

ما يجتني من كرمي.

يبيعني مظاهر الترحيب

وهي مغرمي.

وصاحب المطعم أغراني،

بحلو المبسم،

سوق... ولا كالسّوق

مرعى لأكول نهم.

- 3 -

دخلت في الزحام أمشي،

حيث تمشي قدمي.

مستفسرا حينا، وحينا،

ضائعا في العدم.

من ينتمي يمشي بلا

قصد، ومن لا ينتمي.

أرى ابتسامات وجوه،

سرّها لم أفهم،

وضحكة ليست من القلب،

ولكن من فم،

وهمسة... فيها غرام

كاذب... لمغرم.

- 4 -

دخلت في الزحام لا

أملك إلا قلمي.

روائح الأعصر في

«استامبول» أذكت هممي،

يعبق ماضيها تراثا،

شامخا... كالقمم،

يمشي بها التاريخ زهوا

في سماء الأنجم

محتشما حينا، وحينا،

... ليس بالمحتشم.

رسالة العدل أضاءت،

في ضمير مظلم.

- 5 -

دخلت في الزحام لا

أحمل إلا علمي..

منكّس الرّاية مرغوما

... ببطش الأرغم

لم يبتسم حظّي إلا

برنين الدرهم،

أغمضت الأعين عن،

قدري... وكانت خدمي.

متهما، صرت خطيرا

... بظنون التّهم،

يسخر منّي قدر،

نحس... كوجه الصّنم.

- 6 -

دخلت في ليل السّهارى،

... هائما بالنّغم،

وعشت في الماضي كطيف،

... سابح في حلم.

نمت على زهر الأماني،

... ليتني لم أنم،

مقابر التاريخ لا

تصغي لشكوى النّدم.

لم يبق عندي «منبر

للسّيف... أو للقلم»،

وموطني في محنة

... وأمّتي في مأتم.

- 7 -

يا فارسا، يوري زنادا

في رماد الهمم

يقتحم القيد، ويفري

كالحات اللّجم

منطلقا... في فرح

الليّل... وثغر الحلم

يا «صيحة» تصمّ أو

تبرئ داء الصّمم

يا صحوة في شفة

الموت... وبرء السّقم

يا والد النّور متى

تكشف ستر الظّلم

لتبزغ الشمس غدا

من ظلمات الرّحم

ويشرق العدل «سلاما»

فوق مثوى الحرم...

استامبول - شارع الاستقلال

مايو/ أيار 200





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً