العدد 627 - الإثنين 24 مايو 2004م الموافق 04 ربيع الثاني 1425هـ

الاتحاد النسائي ومسلسل المفاجآت القانونية

استقرت وزارة العمل والشئون الاجتماعية حديثا على قبول دفوع الجمعيات النسائية وعضواتها الناشطات بالإبقاء على الأهداف والوسائل كما وردت في مسودة النظام الأساسي، الذي تقدمت به اللجنة التحضيرية، إلا إنها تمسكت بمسمى اتحاد الجمعيات النسائية، لعدم قدرتها، بحسب قولها، تجاوز السقف القانوني الذي يحكمها. إن الأمر يبدو للوهلة الأولى بريئا ومنطقيا، ولكن التفكر والمراجعة فيما حدث على مدى السنوات الثلاث الماضية يدفعنا إلى طرح أسئلة مشروعة عن الأسباب الحقيقية التي تجعل الوزارة ممتنعة يوما وموافقة يوما آخر. تغض البصر مرة، وتتسلح بالتفاسير القانونية المتشددة الخارجة عن الزمان في المرة التالية. إن من يقرأ تقرير الوزارة الرسمي الصادر قبل عامين، عن رصد التدابير والطموحات الرسمية لتنفيذ قرارات التنمية الاجتماعية المنعقدة في كوبنهاغن العام 1995، يقرأ رأيا مختلفا، ويقرأ تحديدا في الصفحة الأخيرة مباركة منفتحة لتأسيس الاتحاد النسائي البحريني من أجل توحيد الجهود النسائية، وترحيبا متقدما بمشاركة هذا الاتحاد النسائي وبالتسمية ذاتها. وهنا من حقنا أن نسأل: لماذا يوثق مثل هذا الرأي وهذه التسمية للمداولة على نطاق عالمي، ثم يتم التراجع عنهما في الداخل؟ هل تغير الخبراء القانونيون؟ وأين كانوا قبل عامين من فكرة الاتحادات النوعية؟ وهل ضاقت الرؤية لدور هذا الاتحاد ليحجم إلى لجنة تنسيقية كبيرة داخلية بين الجمعيات بهذا الشكل؟

إننا لا ننكر طرح الوزارة لموضوع التسمية سابقا، ولكننا نتذكر أن التسمية كانت مسألة عابرة غير رئيسية في المفاوضات، ولم تقف الوزارة عندها وقفة حاسمة، بل كانت تشدد على أن العضوية هي المعضلة، وعندما عدلت اللجنة التحضيرية بند العضوية لتقصره على الجمعيات، وعلى مضض، لم يكن في ذهنها أنها ستطالب في المرة المقبلة بتنازل آخر عن مسماها، وأنه سيرهن إشهارها بقبول تسمية ضعيفة موحية بعضوية محدودة من النساء. وفي الواقع فإن التسمية ستشكل سابقة رجعية في مجال العمل النسائي، إذ لا نقرأ شبيها لها على مستوى البلاد العربية، بحسب اطلاعنا، ففي كل مكان نرى تأسيس الشبكات والتكتلات والتحالفات تحت المسميات الحديثة الواسعة العضوية وليس المجموعات المحدودة. وربما قائل يقول: وماذا يضيركم القبول بالتسمية المقترحة، ألستم فعلا اتحاد جمعيات، المهم أن الأهداف والوسائل استرجعت؟ نقول: إن التسمية ليست قضية شكلية كما يبسطها البعض، فالتسمية تعكس طبيعة وحدود تمثيل المرأة البحرينية ومدى القدرة على مخاطبتها والاتصال بها، وتعكس روحية شمولية تعزز مهمة الدفاع عن عضوية الأفراد واللجان النسائية مستقبلا. ثم إن الاتحاد النسائي لا يقتصر في عضويته على نساء في مهنة واحدة كما الحال في الاتحادات النوعية، بل يضم نساء يتبنين قضايا واحتياجات المرأة في المجالات الثقافية والاجتماعية والقانونية لكونها امرأة ومواطنة ونوعا اجتماعيا، لم ينل كامل حقوقه المجتمعية اليوم، وهذا يختلف عن عضوية وتسمية جمعيات العمال والأطباء والمحامين والمهندسين من أصحاب التخصص المهني المحدود. ثم من يعطي اليوم ضمانا بعدم منع الاتحاد النسائي عند تحوله إلى اتحاد جمعيات، من مخاطبة جمهور النساء بحجة عدم تمثيله للمرأة البحرينية، بل لعضواته فحسب، وفق تفسير قانوني آخر ثم آخر بالابتكار بحسب الطلب. لقد حدث ذلك مع الجمعيات السياسية في مسألة العريضة الدستورية ولا توجد حاليا، كما لم توجد تاريخيا مع الجمعيات النسائية، مؤشرات آمنة تمنع تحقق مثل هذا السيناريو مع الاتحاد النسائي في المستقبل . إننا لا نسيء النية ولكن الوضوح والصراحة مسألتان محمودتان في زمن أصبحت فيه التفاسير القانونية المفصلة أسهل من شرب الماء، وأصبحت مفاهيم الشراكة المجتمعية والعمل الأهلي ذات دلالات مغايرة تماما عند طرفي القضية أو النزاع.

إنه في قناعتنا جميعا، عضوات الجمعيات النسائية، من دون ريب، أن هذا الاتحاد سيطرح هموم القاعدة العريضة من النساء البحرينيات، العضوات في الجمعيات وغير العضوات، العاملات، الموظفات، ربات البيوت، الفتيات وشابات الجامعات والعاطلات وجميع النساء المستغيثات، كما عملت الجمعيات سابقا في تبني قضايا النساء خارج عضويتها، مثل قضية الرضاعة الطبيعية وإصدار قانون الأحوال الشخصية، والعاملات في مصانع الملابس الجاهزة، والنساء المتضررات من المشكلات الأسرية، ونرى أن من سيقود حملات المدافعة المقبلة، بأمانة وريادة هو الاتحاد النسائي البحريني لا غير.

عضو جمعية نهضة فتاة البحرين وناشطة في مجال حقوق المرأة

العدد 627 - الإثنين 24 مايو 2004م الموافق 04 ربيع الثاني 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً