العدد 627 - الإثنين 24 مايو 2004م الموافق 04 ربيع الثاني 1425هـ

براءة من الأنوثة

باتت فتيات كثيرات من عمر المراهقة، وما فوق المراهقة أيضا، يظهرن «ستايلا» جديدا في التعامل مع الحياة على أساس البراءة من الأنوثة، ونفي أي صلة بها... اللهم إلا من خلال المظهر العام لهن، وإظهار ما يمكن (وما لا يمكن أيضا) من أجسادهن في عرض بالغ السخاء والسخف أيضا.

هؤلاء الفتيات اتخذن من الممثلات في الأفلام وما يرينه على الشاشات من برامج «حياة» في الابتعاد عن المجالات التي كانت تميز المرأة عن الرجل، وهذا التمييز ليس بالمعنى السيئ، ولكنه تمييز جميل يجعل للحياة لونا بات يتلاشى اليوم، وقد يصبح في المستقبل جزءا من التاريخ الذي يعرض في المهرجان التراثي السنوي.

فبنات اليوم يتباهين بمقولة مملة هي أنهن لا يحسن إعداد طبق من البيض، أو أنهن لا يجدن في المطبخ عمل شاي، وليته «سنجين»، حتى يبلغ ببعضهن الأمر أن تسأل أمها: «ماذا تسمون تلك الغرفة التي فيها فرن؟»، كما ليس من شأن كثير منهن فنون الحياكة المختلفة، فالبلد تتزاحم فيها محلات الخياطة والتفصيل مع محلات الملابس الجاهزة، وليس من العقل أن تضيّع الواحدة منهن نظرها في تمرير الخيط في الإبرة، أو الإمساك بـ «السنارة» للف خيوط الصوف وفي النهاية لن يكون لما تفعله جودة ما يأتي جاهزا.

إن هذا الجيل من الفتيات اللاتي بدأن يفقدن الكثير من المهارات الأساسية في المجال الأنثوي الجميل، قد لا يلام إذا ما تم النظر إلى الأمهات اللاتي أرحنهن من العمل المنزلي بوجود الخادمات، فالأمهات أنفسهن لا يجدن وقتا لممارسة الحياكة مثلا، ويطلبن من الخادمة تسخين الماء لعمل الشاي، وشراء وجبات اليوم من المطاعم سريعها وبطيئها، وبالتالي من أين ستتعلم الفتاة هذه المهارات؟ وكيف سينتقل إليها حب ما تعمله أمها إن كانت الأم نفسها لا تبادر للقيام ببعض الأعمال المنزلية الأنثوية (وليس القصد منها تنظيف البيت ونفض الستائر وإن كان ليس فيها ما يعيب)، ولا تجد الأمهات إلا الحسرة على أيام كن فيها في مثل أعمار بناتهن اليوم عندما كانت الواحدة منهن تعمل كذا وكذا.

ستبقي لنا صور داكنة، جدات بشعرهن الأبيض جالسات على كرسي مريح، يحكن الملابس الصوفية، وعلى وجوههن ابتسامات مطمئنة، تفتقدها بناتنا.

غيم الشمال

العدد 627 - الإثنين 24 مايو 2004م الموافق 04 ربيع الثاني 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً