العدد 627 - الإثنين 24 مايو 2004م الموافق 04 ربيع الثاني 1425هـ

الحاجة إلى معلومات اقتصادية أكثر دقة

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

لا شك في أن البحرين حققت مستوى رفيعا بالنسبة إلى الثقة الدولية بأنظمتها المصرفية وتشريعاتها المساندة للعمل المصرفي المتطور. ولكن هذا المستوى الرفيع لا ينسحب على كل القطاعات، كما أن المعلومات عن اقتصاد البلاد شحيحة جدا، وهو ما يعني أن بعض المؤشرات تنقصها الشفافية.

في العادة، وخصوصا في الدول المتقدمة، هناك مؤسسات غير حكومية توفر معلومات عن النمو والغلاء والبطالة والناتج المحلي ومعدل دخل الفرد... الخ، وهذه الارقام تتم مقارنتها مع ما تصدره الحكومة. ولكن بالنسبة إلينا في البحرين فإن مصدر هذه المعلومات رسمي فقط، وعادة يتأخر هذا المصدر في توفير المعلومات. وحتى بعد الانفتاح، فإن المسئولين الذين يتولون إصدار هذه المعلومات والإحصاءات يعتبرون أي سؤال أو استفسار عن الأرقام المالية «إزعاجا» لهم. وهذا يؤثر حتى على المؤسسات التي تحاول تقييم البحرين، ما يضطرها إلى إجراء مقابلات وتحقيقات خاصة لكي تتأكد من بعض الأرقام. وهذا يعني أن بعض المؤشرات مثل تلك التي صدرت أخيرا عن مؤسسة «هيريتاج» الأميركية غير واضحة المدلول.

فـمؤسسة «هيريتاج» تقول إن البحرين هي الاولى في الحرية الاقتصادية على المستوى العربي، وهو خبر جيد، ولكن ما مدلولاته وما إثباتاته على الأرض؟ ففي الإحصاء الذي استقته «الوسط» من مؤسسة النقد أخيرا، تبين ان هناك أثرياء في البحرين ولديهم ثروات قدرت بثلاثين مليار دولار، وهذه الثروات لا تشمل كل شيء. وبحسب مصادر أخرى فإن هذا الرقم يمثل ثلث أو ربع ما هو متوافر لدى أثرياء البحرين، وهذه أرقام خيالية. فالثلاثون مليارا هذه تعادل ثلاث مرات ونصف الناتج القومي، وإذا كانت هذه الثلاثون مليارا هي ربع أو ثلث الثروات فإن ذلك يعني أن هناك ثروة «خاصة» تعادل عشر مرات الناتج القومي السنوي لمملكة البحرين.

إذا كانت الحرية الاقتصادية تعني هذه النتيجة فإنها ليست حسنة ونتمنى أن ينخفض مستوى الحرية ليكون مثل دبي أو الدوحة أو أي بلد آخر تدوّر فيه الأموال بدلا من تخزينها. فلو نزلت عشرة في المئة من هذه الثروات إلى السوق وتم استثمارها في مشروعات البلاد لكنا أفضل من أية دولة خليجية أخرى. ولو نظرنا إلى التطور الهائل في الحد (منطقة صناعية ومراكز تنموية متطورة، الخ) فإنها قامت على أساس استثمار مليار دولار في العام 1996 وأضيفت إليها لاحقا استثمارات أخرى.

بمعنى آخر إن عشرة في المئة من الثروات «الخاصة» المخزونة لدى أثرياء البحرين بإمكانها أن تحول كل أطراف البحرين إلى شيء يشبه ما يحصل في منطقة الحد حاليا. وهذا يعني أننا نستطيع أن نكوّن مناطق صناعية وموانئ استيراد وتصدير ومراكز خدمات تنافس ما لدى دبي (من جبل علي الى قرية الموانئ ومراكز التسويق والخدمات مجتمعة مع بعضها بعضا).

والسؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا لا ينفق أثرياء البحرين أموالهم في البحرين؟ وأين يخزنونها؟ ولماذا لا نرى تلك المشروعات التنموية الكبرى التي يشرف عليها القطاع الخاص؟ ولماذا يتأخر بعضها أثناء التنفيذ؟ وهل ذلك له علاقة بأننا في المرتبة الأولى للحرية الاقتصادية؟ وهل الحرية تعني فقط حرية تحصيل وتخزين المال والثروات؟

أسئلة كثيرة تطرح نفسها والجواب الشافي يكمن في وجود معلومات وإحصاءات غير حكومية تعطينا أرقاما لها مدلولات محسوسة على الأرض، ونفهمها، ونستفيد منها في تطوير بلادنا إلى الأفضل

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 627 - الإثنين 24 مايو 2004م الموافق 04 ربيع الثاني 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً