بدأ التوتر بين الطرفين مع اقتراب موعد تسليم السلطة للعراقيين، إذ اعلنت وزارة الدفاع الاميركية عن توقيف دعم عضو مجلس الحكم الانتقالي احمد الجلبي ماليا (340 الف دولار شهريا) في اشارة الى انهم ربما يتفقون مع توجهات الاخضر الابراهيمي لاستبعاد الجلبي من اية تشكيلة حكومية او رئاسية قادمة في العراق.
وكانت قضية تدخل الامم المتحدة في تسوية الاوضاع في العراق وارسال الابراهيمي ممثلا للأمين العام اثارت الجلبي الذي اعتبر ان الإبراهيمي يريد اختيار حكومة تكنوقراطية من خارج اطار مجلس الحكم العراقي المؤقت، وفسر هذه القضية بأنها تستهدفه وبقية اعضاء المجلس لاعتبارات لا تخدم الشعب العراقي.
وكان الجلبي نشر وصرح في الكثير من المناسبات بأن الابراهيمي يريد إثارة الفتنة بين العراقيين، وانه متأثر بالموقف الأردني إذ تمت مصاهرة بينه وبين العائلة المالكة الأردنية التي تكن للجلبي عداوة قديمة تتعلق ببنك البتراء والقضية القانونية المرفوعة ضده في الأردن.
ومعلوم ان ابنة الإبراهيمي خُطبت من قبل أحد الأمراء في الأردن، ولكن هذه القضية فسرها البعض من العراقيين بأنها شخصية لا تتعلق بمشروع الإبراهيمي الذي سبق ان ناقشه مع الرئيس الاميركي جورج بوش ووزير الخارجية كولن باول قبل اول زيارة له للعراق.
وكانت وزارة الدفاع الاميركية اتخذت قرارا سابقا ارتباطا بقانون «تحرير العراق» بصرف مبلغ (340 ألف دولار) لأحمد الجلبي شهريا مقابل تزويدها بمعلومات بشأن نظام صدام حسين.
وتسلم الجلبي هذه المبالغ منذ اربع سنوات اضافة الى مبالغ اخرى اضافية لم يكشف عنها بشكل واضح.
ويتهم الجلبي تيارا في وكالة المخابرات الاميركية بانه يقف وراء ذلك، ويقول إن هذا التيار يستند على معلومات تأتية من اطراف عراقية اخرى لا تتفق معه في توجهاته السياسية في اشارة إلى رئيس حركة الوفاق اياد علاوي.
وكانت مصادر عليمة نقلت عن الجلبي انه لمح في مجالسه الخاصة بأن الذي يقف وراء محاولات استبعاده من اي مركز قيادي في المستقبل هو الحاكم المدني الأميركي بول بريمر.
وقالت المصادر إن بريمر يعتبر ان الجلبي ورطه باتخاذ قرارات سابقة اثبتت انها خاطئة مثل اجتثاث البعثيين وحل الجيش العراقي، حين عمل الجلبي منذ البداية مستشارا خاصا لدى بريمر.
واشارت المصادر إلى أن بريمر فقد ثقته في الجلبي، ولكنه لم يكشف ذلك بصورة علنية وانما حاول الضغط باتجاه استبعاده من المشهد السياسي عبر تقارير وسائل سرية للادارة الاميركية ووزارتي الخارجية والدفاع، لأنه يعرف ان الجلبي لديه علاقات وطيدة مع نائب الرئيس الاميركي، ديك تشيني الذي دعمه كثيرا في السابق وكذلك مع وزير الدفاع دونالد رامسفيلد ونائبه بول وولفوفيتز.
بيد ان هذه العلاقة تصدعت في الآونة الاخيرة حينما اقتنع وزير الخارجية الاميركي كولن باول بأن استمرار الغطاء الداعم للجلبي من قبل الادارة الاميركية يشكل عائقا امام استتباب الاوضاع في العراق، وربما الذي اقنع الرئيس جورج بوش باثارة هذه القضية مع اطراف الإدارة الآخرين نائبه ووزير الدفاع. وصرحت الصحف الاميركية قبل اكثر من شهر بأن الرئيس بوش كان غاضبا على الجلبي، وسيتم استبعاده عن المشهد السياسي وطالب بعض كتاب الأعمدة بتصفية «الامبراطورية المالية» التي يديرها الجلبي في العراق بصورة سرية.
يوجه الكثير من العراقيين أصابع الاتهام في اغتيال عزالدين سليم إلى وجود تواطؤ بين المنفذين والقوات الأميركية المسئولة عن حماية أطراف المنطقة الخضراء، اذ يوجد مجمع مقرات مجلس الحكم العراقي المؤقت.
وجاءت هذه الشكوك بعد ساعات من عملية الاغتيال، فقد صرحت شخصيات للمجمع من مجلس الحكم وخارجه بأن قوات بوابة الطريق المؤدية للمجمع في نهاية شارع الكندي تعمدت ايقاف سيارة رئيس مجلس الحكم عزالدين سليم في هذه البوابة، ثم طلبت منه العودة ثانية بعد جلب وثائقه الثبوتية.
وقال عراقيون من خارج مجلس الحكم ان معظم القائمين على حراسة البوابات يعرفون أعضاء مجلس الحكم، وانهم تعمدوا تعطيل سليم، وكأنهم كانوا رصدوا وضعا خطيرا يدور في منطقة انتظار السيارات على جوانب الطريق.
وشكك العراقيون في أن المخابرات الأميركية العسكرية والمدنية تعج بعناصرها في هذه المنطقة ولديها قدرات كشف عن طريق الرادارات والوسائل الأخرى تمكنها من معرفة السيارات التي تحمل معدات تفجير خطيرة.
وجاء تصريح وزير الداخلية العراقي سمير الصميدعي ليثبت وبشكل غير مباشر ان احتمال استغلال الفرصة من قبل المنفذين جاءت بعد ايقاف موكب رئيس مجلس الحكم، اذ صرح قائلا: «ان الجنود الأميركيين ربما أوقفوا رئيس مجلس الحكم الانتقالي عزالدين سليم الذي قتل الأحد في تفجير انتحاري، عند حاجز لأنه لم يكن يحمل الهوية الشخصية المناسبة، وذلك قبل دقائق من مقتله».
ويؤكد بعض العراقيين القريبين من الشخصيات البارزة أن هنالك حالات سابقة لم يعرض فيها عدد من أعضاء مجلس الحكم هوياتهم الشخصية وسمح لهم بالدخول الى المجمع من دون توقيف
العدد 625 - السبت 22 مايو 2004م الموافق 02 ربيع الثاني 1425هـ