ردة الفعل السريعة لجلالة الملك تجاه ما حدث في مسيرة الجمعة الماضية كانت في مستوى الحدث، إذ إن جلالته لم يكتفِ باستنكار تعامل قوات الأمن مع المسيرة السلمية بل صاحب ذلك الاستنكار إجراء فوري، وأمر بالتحقيق لتحديد المسئولية طبقا للقانون.

لابد من الترحيب بالخطوة التي خطاها جلالته لأنها ترقى بالتفاعل الرسمي تجاه ما يحدث على الأرض، ما يجعل المسئولين ليس في أجهزة الأمن وحسب بل في كل الأجهزة الرسمية يحسبون لخطواتهم كل حساب لعلمهم أن القانون لا يحاسب المواطن فقط وإنما يطال المسئول أيضا.

لا يمكن لمشروع الديمقراطية أن ينجح من دون أن تسود ثقافة محاسبة المسئول أيا كان موقعه وأيا كانت الحقيبة التي يحملها، ليعرف الجميع أن القانون مظلة يستظل بها الراعي قبل الرعية والمسئول قبل المواطن وإلا فلا سيادة للقانون بغير ذلك.

بعض المسئولين لا يريد أن يخرج من دائرة الماضي ومازال يعتقد أن اليد الحديد هي الأطول في معالجة الأمور، ومازال يعتقد أن مسيرة سلمية - كالمسيرة التي خرجت بالأمس - تحرك يخرج عن القانون، وان الخطوة الملكية ستعجل في خروج أولئك المسئولين من هذه الدائرة.

ولو أن التفاعل الرسمي جاء بغير الصوغ الذي اختاره جلالة الملك لأسالت «طلقات الغاز» الدموع ليس من عيون المشاركين في المسيرة فحسب وإنما من عيون المشروع الإصلاحي برمته الذي أوشكت صدقيته أن تتزعزع لولا تدخل الملك بحكمة بالغة ليستمر المشروع من أجل مستقبل البحرين