ليس فيما حدث أمس شيء جديد، بل لكأنما بتنا نشاهد قصة واحدة يتغير مخرجوها لتنتهي بالنهاية ذاتها... مسيرة شعبية ضخمة تنتهي بمواجهات مع قوات الأمن، يسقط من يسقط فيها من الطرفين، وتبدأ اسطوانات مشروخة من تبادل التهم، عن من بدأ في الاستفزاز، والسماح للأسلحة أن تطلق، أو من رمى حجرا أو زجاجة حارقة.
في الماضي، كنا نجعل من هذه المسيرات التي تحدث فيها مصادمات، علامات فارقة، بالقول بـ «مظاهرة السفارة الأميركية»، أو «مسيرة تأبين محمد جمعة» على سبيل المثال، أما اليوم، فإن كثرة المظاهرات والمسيرات أدت إلى ضياع التأريخ لها، كما أن اشتعال الشرارة الأولى، والحجج نفسها التي يسوقها الطرفان باتت مملة إلى حد كبير، وغير مقنعة.
جميع المعطيات التي وردت عما وقع أمس تشير إلى أن هناك حلقات مفقودة، وأهمها حلقات الاتصال ما بين منظمي المسيرة وقوات الأمن، ولا يعتقد أن هناك من يود أن تصل الأمور إلى ما وصلت إليه، فمن جانب منظمي المسيرة، عليهم مراجعة الخطوات التي قاموا بها قبل خروجهم ودعوتهم الناس إلى التجمع والانطلاق، ما إذا كانت صحيحة وقانونية ومستوفية وسادّة لأية ذريعة، وعلى الجانب الأمني، فهناك نقاط أكثر بكثير، فهذه القوات هي الأمضى والأقوى عدة وعتادا، وهي المنتمية إلى جهاز رسمي منظم، فهل استعمال «القوة» سيعالج الموقف أم سيجعل منه أزمة جديدة؟
كأن قدرنا في البحرين ألا نخرج من مشكلة إلا لنواجه أزمة، ولا نصحو من مصيبة إلا لنستقبل كارثة، وستظل قنوات الحوار المفتوحة أسلم الطرق لنلتفت إلى التنمية التي تأخرت الدعوة إليها، لانجذاب الأطراف إلى الملفات السياسية فقط
إقرأ أيضا لـ "غسان الشهابي"العدد 624 - الجمعة 21 مايو 2004م الموافق 01 ربيع الثاني 1425هـ