أكد رئيس جمعية الوفاق الوطني الإسلامية في خطبته أمس في جامع الإمام الصادق (ع) في القفول أن الشارع أثبت أنه على مستوى عال من الوعي والالتزام برؤية القيادة الدينية والسياسية، مخاطبا منتقديه «إذا لم تعجبكم قيادة الوفاق، فمن حقكم نقدها، ومن حقكم السعي لتغييرها، ولكن ليس من حقكم كسر قرارها مادامت في موقع القيادة».
كما أشار إلى أن الحركة المطلبية هي حركة إصلاحية، وإنما تعتمد التسالم على النظام القائم وتسعى إلى تطويره، معتبرا أن هذا الهدف لا يلغي أننا نؤمن برؤية أخرى للنظام السياسي تعتمد على الإسلام، ولكن الإسلام يأمرنا أن نتعاطى مع الأطروحات الأخرى حتى نصل ما يريده الله من دون إكراه لأحد.
وأضاف «نسعى من أجل نظام أكثر ديمقراطية، فالعالم العربي كله لا يعيش ديمقراطية حقيقية، فالديمقراطية تعني التداول السلمي للسلطة، وما العناوين الأخرى من حرية التعبير والتعددية السياسية سوى مقدمات لها».
وأوضح سلمان أن «صبر الإسلاميين على غياب دولة الإسلام، وصبرهم على غياب دولة الديمقراطية، ليس معناه الصبر على غياب كرامة الإنسان، وهذا ما نصر عليه في هذا المقطع الزمني»، معتبرا أن هناك مجموعة أمور تجعل الإنسان يشعر بالكرامة والاحترام، ومنها المشاركة في صناعة القرار، واحترام العقيدة الإسلامية، ودرجة أكبر من التوزيع العادل للثروة وخدمات مناسبة، وسيادة قانون ومؤسسات، وقضاء مستقل.
وأشار سلمان إلى أن فلسفة الكرامة هي أن يشعر المجتمع بأنه وإن لم يحصل على ما يريد إلا أن الوضع مقبول، وفيه إمكان التطور.
وشدد سلمان على أن المعارضة اختارت الأسلوب السلمي للتغيير، ليس هربا من المواجهة وإنما استنادا للضوابط الدينية والواقعية والسياسية، مؤكدا «أن الأسلوب السلمي معلم من معالم حركتنا واستراتيجية لا ترتبك في المنعطفات، ولا أحد يستطيع الفرار من ردة الفعل، ولكن يجب أن تكون ردة الفعل محكومة باستراتيجيات ثابتة حتى لا تؤدي إلى ارتباك الخيارات». وأضاف «نحن باعتبارنا معارضة نلتزم بالقانون، ولا نخرج عليه، وإذا خرجنا عليه نحاسب، والحفاظ على الأمن من أهدافنا، وعلى المؤسسة الرسمية أن تلغي القوانين التي تنتمي إلى حقبة قانون أمن الدولة وأن لا تفسر القوانين بالمقلوب وبصورة لا تحترم حقوق الإنسان».
أما عن دلالات قضية موقوفي العريضة، فأكد أن العمل السلمي إذا تحرك بشكل عاقل واستفاد من عناصر القوة فيه فستكون له قابلية تحقيق النتائج، فعلينا فهم العمل السلمي والاستفادة من المساحات التي فتحتها العملية الإصلاحية، ولم نستفد منها بعد، مؤكدا مرة أخرى الحاجة إلى إدارة موحدة لأية معركة، فإذا لم تتناسق الجهود فإنها تضيع، فلكل معركة قيادة بحجمها.
من جانبه، شن الشيخ عيسى قاسم في خطبته أمس في جامع الإمام الصادق (ع) في الدراز هجوما عنيفا على أميركا والكيان الصهيوني بسبب ممارساتهما الوحشية ضد الشعبين الفلسطيني والعراقي، إذ قال «إذا كان بوش يرى أن معسكر الشر يعني غير المعسكر الذي يقوده، فالحق والصح الذي يتأكد على أرض الواقع يوما بعد يوم أنه ليس هناك جبهة للشر في الأرض أقرب للشيطان من جبهة يقودها بوش وسياسته»، معتبرا أن أميركا و«إسرائيل» تشنان حربا ثقافية وأمنية واقتصادية وسياسية على أمة بأكملها، وفي كل شبر من أرض الإسلام، وفي كل شبر من أرض الله فيها هدى، أو يُرتقب لها أن تكون أرض هدى وصلاح.
وأضاف «إنهما يفسدان الأرض كلها، ويثيران فيها الفساد بدرجة أكبر وأكبر كل يوم بل كل لحظة، ويشنان حربا عسكرية دموية قذرة وبلا قيم ولا ضوابط، ولا مراعاة لقانون دولي، ولا عرف إنساني في فلسطين والعراق وأفغانستان، ويتهددان كل أرض من أرض الإسلام، وكل الكيان الإسلامي، فالأمة كلها تشهد ضرب المقدسات، وقتل الآمنين، وتكسير العظام، وألوان التعذيب، والأساليب الساقطة خلقيا تشهد فظائع في أرض الإسلام على يد هاتين السياستين الخبيثتين، على يد الطغاة في هاتين الدولتين الشريرتين بما لهما من قيادة، وبما لهما من سياسة».
وأشار قاسم إلى أن «رفح وكوارثها، وتجاوز السياسة الإسرائيلية لكل متعارف على أرض رفح تُمثّل تحدّيا مخجلا لهذه الأمة، وتمثّل اختبارا لإرادتها، إذ تساءل: هل بقيت في هذه الأمة إرادة مقاومة أو لم تبق؟ هل بقي فيها إحساس بالذات أو لم يبق؟ هل بقي فيها تمسكّ بالمصلحة العامة للأمة أم لم يبق؟ هل هنا أمة؟ أو أن الأمة قد غُيّبت؟ هل هنا رجال أو لا رجال على الأرض؟ هل هنا استحضار للتاريخ؟ للدور الرسالي؟ للدور الخلافي؟ هل هنا وعي هدف؟ وعي طريق؟ أم أن كل ذلك قد خسرته الأمة؟».
وذكّر قاسم بوجود سياسات متضعضعة متخاذلة متآمرة على أقسام، وأمة أفقدتها هذه السياسات التي لعبت دورا كبيرا في إسقاط نفسيتها، وتجفيف منابع العزة والكرامة في صفوفها، وعملت كثيرا على قتل إرادتها، فلم تعد قادرة على كسر القيود، وتكسير الأغلال، والانطلاقة المقاومة لكل الوضع الفاسد في الأمة من أجل حاضر عزة، ومستقبل كريم، معتبرا أن المسئولية وإن كانت على كاهل الأنظمة بالدرجة الأولى، لكن الأمة تبقى مسئولة كذلك.
وردد قاسم هتاف «لبيك يا حسين، لأن نداء الحسين هو نداء الله، لبيك يا حسين لأن كلمة الحسين كلمة الله، لبيك يا حسين لأن خط الحسين خط الله، فالخطوات العدوانية المتسارعة الراكضة المجنونة على أرض رفح، وعلى أرض كربلاء والنجف، وعلى أرض العراق أرض المقدسات هي لإذلال الأمة وتركيعها بدرجة أكبر، ولزرع عقدة الحقارة في نفوس المسلمين، فهل تقبلون أن تكونوا حقيرين في أنفسكم إلى الأبد؟».
وأضاف «نعم، نقول لأميركا إن الدماء رخيصة، إن الرؤوس رخيصة، إن الأشلاء رخيصة على طريق علي والحسين عليهما السلام، فضرب المقدسات سيشعل فتيل العنف ويزيد أواره ليس في أرض العراق فقط، وإنه يكتب دينا ثقيلا في ذمة المعتدي لأمة قادرة على الانتقام واستخلاص الحق، مؤكدا أن أميركا وإسرائيل لن تثبت لهما قدم في فلسطين والعراق، لأن وراء فلسطين والعراق الأمة الناهضة التي بدأت بوادر نهضتها في الصف الإسلامي المتراص، وهذه الصحوة والنهضة ستستمر وستتسع، ولها إرادة فولاذية للاستمرار والمقاومة والغلبة والنصر».
واعتبر قاسم أن مسيرة اليوم (أمس) هي تعبير عن أن الأمة واحدة، وأن العدوان على الذات الحضارية للأمة بأكملها، وأن ليس هناك غيرا في العراق وغيرا هنا، وإنما هو جسم واحد، وذات واحدة في العراق، في فلسطين، في أفغانستان، في كل شبر من أرض الإسلام، فإذا كانت تعبيرا عن الاستنكار على أصل العدوانية، وإننا لننكر العدوانية في الأرض كل الأرض، سواء كانت عدوانية على مسلم أو غير مسلم، على دم حرام في هذه الأرض أو في تلك الأرض، وعلى حق تسلبه العدوانية في شرق الدنيا أو في غربها، فإن لنا إنكارا آخر هنا، وهو الإنكار على العدوان السافر على قيم هذه الأمة، وعلى خطها الحضاري، وعلى رموزها.
وفي الشأن المحلي اعتبر قاسم أن إطلاق موقوفي العريضة أخذا بالصحيح، ففي الخطوة - كما قال - عدل وأمن أكثر وفتح باب الحوار، إلا أنه أكد أن مشكلة المعتقلين عرض، وهناك مشكلة جوهر وأساس، والعرض ما أن يذهب حتى يعود ما بقي الجوهر، فالعمل لابد أن يكون على تصحيح ما هو الجوهر ومعالجته، بالاتفاق على الحقوق والواجبات والتقيد بها، والاحتكام بها من خلال دستور أقرب إلى العدل، وأقرب إلى الاعتراف بحقوق الشعب.
وأوضح قاسم «أن الإصلاح حاجة الجميع وليس حاجة طرف واحد، وفي التأخر عنه مضرة الجميع، وكل يوم يمرّ ليتأخر الإصلاح هو في غير صالح البحرين بأكملها، ونحن نحتاج إلى جد في مسيرة الإصلاح، وتسريع خطى، وأجواء مساعدة من الطرفين».
أما خطيب جامع الفاتح الشيخ عدنان القطان فأكد في خطبته أن الأمة تواجه خطر الاندثار جراء انكفائها على المفاهيم القطرية والمصالح الآنية، ويجب أن ترتفع الأصوات عالية وقوية، وتطالب الحكام العرب بالدرجة الأولى، وكل أصحاب الفكر والرأي والقرار في الأمة بالوقوف أمام التحدي الكبير والشر المستطير الذي لم يفرق بين قطر وآخر من بلاد العرب والمسلمين.
وأضاف «إذا كانت الأمة لا ترى في مؤتمرات القمة حلا جذريا لهذه التحديات التي تواجه الأمة، فلا يقبل من هذا المؤتمر الذي ستعقده الدول العربية غدا أقل من موقف يحفظ للأمة شيئا من الكرامة، وقليلا من مكونات شخصيتها التي أصبحت في مهب رياح التغيير العاصفة من الخارج، وكأن أمتكم التي أسهمت بقسط كبير من تقدم الإنسانية، لا تمتلك ما يصلح حالها وينقذها من وهدة التردي والتخلف عن ركب الحضارة».
واعتبر القطان أن أهم القضايا التي يجب أن يبحثها الحكام العرب في قمتهم وعدم المرور عليها مرور الكرام هي قضية فلسطين، لأنها - بحسب القطان - كانت ولا تزال تشكل محور البحث في لقاءات المسئولين على مستوى القمة أو أقل من ذلك، لارتباطها المباشر بمجمل الأوضاع في المنطقة العربية، وما تمثله في بعدها الإسلامي كونها بلد المسجد الأقصى المبارك. وأوضح القطان أن الشعب الفلسطيني الذي قدم التضحيات الجسام من أبنائه ومقدراته دفاعا عن كرامة المسلمين وذودا عن جزء عزيز من ديارهم ومقدساتهم يستحق من أمته كل الدعم حتى يندحر الاحتلال عن أرضه، وينال حقوقه المشروعة فوق هذا التراب الطاهر، فلا يمكن قبول أن يبقى الفلسطينيون وحدهم في الساحة، يدافعون عن كل الأمة الإسلامية
العدد 624 - الجمعة 21 مايو 2004م الموافق 01 ربيع الثاني 1425هـ