الصافرية، المنامة - الديوان الملكي، هاني الفردان، علي القطان، تمام أبوصافي
21 مايو 2004
أمر عاهل البلاد المفدى صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، بتعيين اللواء الركن الشيخ راشد بن عبدالله بن أحمد آل خليفة، وزيرا للداخلية، خلفا للشيخ محمد بن خليفة آل خليفة الذي شغل هذا المنصب منذ العام 1974.
وكان آخر منصب شغله الوزير الجديد هو رئيس هيئة الأركان لقوة الدفاع.
وأعرب جلالته عن انزعاجه لما رافق مسيرة يوم أمس من حوادث، بقوله إن ما حدث بين الشرطة والمتظاهرين «أمر لم يسرنا، ولا بد من النظر في حقيقة ما حدث لتحديد المسئولية طبقا للقانون». آمرا جلالته بمباشرة ذلك.
وقال جلالة الملك في بيان بثته وزارة الإعلام أمس: «إن حق التعبير عن الغضب والاحتجاج على ما يقع من ظلم وتجاوز لإخواننا في الدين والعروبة، في فلسطين والقدس، وعلى انتهاك حرمة العتبات الدينية، وما حدث في السجون العراقية، هو حق مشروع للمواطنين، ونحن نشاركهم هذا الشعور، ونقف معهم».
وأكد جلالته رعايته لحق التعبير السلمي بكل الوسائل التي أقرها القانون، مشيرا جلالته إلى أنه لا بد أن تراعي مختلف الجهات المعنية في البلاد هذا الحق، وأن تقوم السلطات الأمنية برعايته وحمايته، إلا إذا وقع تعرض للأرواح والممتلكات وتم تجاوز الوسائل السلمية في ذلك.
وأجرى العاهل المفدى في وقت سابق من مساء أمس اتصالا بالشيخ عيسى أحمد قاسم، اطمأن فيه على صحته إثر تعرضه لحال اختناق جراء استنشاقه للغاز المسيل للدموع، وأشار جلالته إلى أنه أمر بتشكيل لجنة تحقيق فيما وقع من صدام.
وكانت مسيرة دعت إليها شخصيات دينية بارزة في البحرين لاستنكار دخول قوات التحالف إلى العتبات الدينية المقدسة في كربلاء والنجف، شارك فيها بضعة آلاف، انطلقت من أمام دوار السيف متوجهة إلى دوار نصب اللؤلؤة، وقبل وصولها كانت قوات الأمن تسد الشارع لتمنع تقدم المسيرة إلى ما وراء الدوار.
وتفيد روايات متباينة أن حوارا جرى بين رئيس جمعية الوفاق الوطني الإسلامية الشيخ علي سلمان، وبعض من ضباط الأمن الذين تفهموا سبب خروج المسيرة وطالبوا بالحديث مع القيادات الدينية التي تتصدر العريضة، في الوقت نفسه هاجمت قوات مكافحة الشغب المتظاهرين لأسباب لم يتسن لـ «الوسط» التأكد منها، كما تباينت كذلك الأرقام بالجرحى والمصابين، إلا أن أكثر الإصابات طفيفة، وكان أكثرها حالات اختناق. وحصلت «الوسط» على عدد من عبوات الغاز المسيل للدموع التي استعملت في تفريق المتظاهرين يوم أمس وكتب عليها تاريخ (11/94).
وكان من بين المصابين نائب رئيس مجلس بلدي الشمالية جواد فيروز، الذي قال إنه حاول التحاور مع الأمن الذين فتحوا المسار الآخر من الشارع لترجع منه المسيرة، وإنه تعرض - بحسب ما يعتقد - لطلق مطاطي من على بعد حوالي ثلاثة أمتار، أدخل على إثره المستشفى، وبينت الفحوصات أن الجمجمة سليمة، إلا أنه تم تقطيب الجرح.
وعلى صعيد متصل، أجرى مصدر رفيع في وزارة الداخلية اتصالات ظهر أمس للتحاور مع منظمي المسيرة وتسهيل إجراءاتها، وخصوصا أن منظميها لم يتقدموا بطلب الحصول على إذن بها، إلا أنه لم يتلق أي رد، كما قال. في الوقت الذي ذكر فيه فيروز أنه خاطب مركز شرطة شارع المعارض وأطلعهم على الأمر، ونقل عن المسئولين في المركز أنهم وعدوا بتنظيم المرور في المنطقة منعا للتزاحم.
وفي بيان أصدره كل من الشيخ عيسى قاسم والسيد عبدالله الغريفي، أشارا إلى أن ما حدث «انتهاك صارخ» لحق التعبير عن الرأي، مشيرين إلى «التدخل اللامبرر لقوات الأمن واستخدامها القوة المفرطة من دون إعطاء أية فرصة للتفاهم مع المسئولين عن المسيرة (...) إلا أن الجماهير المشاركة التزمت ضبط النفس، وتفرقت بحضارية بعد تلاوة البيان الختامي».
من جانبها، قررت «الكتلة الإسلامية» في مجلس النواب، في اجتماع طارئ عقدته مساء أمس، التقدم بطلب عاجل إلى رئاسة المجلس لتشكيل لجنة برلمانية للتحقيق في الحوادث التي جرت أمس. بهدف معرفة المتسبب الرئيسي في الانفلات، وتحميله المسئولية كاملة عن كل الأضرار المادية والمعنوية.
وأكد عضوا الكتلة محمد آل الشيخ وعبدالله العالي، وجود دعم قوي من أكثر من نصف أعضاء مجلس النواب لتكوين هذه اللجنة التي سيقدم طلبها صباح اليوم (السبت). داعيين الجميع إلى ضبط النفس، وانتظار نتائج التحقيق لكي لا تتضاعف تداعيات المشكلة.
ضاحية السيف - هاني الفردان
فجأة تحولت المسيرة السلمية التي خرجت يوم امس في ضاحية السيف ضد تعرض الاحتلال الاميركي في العراق للمدن المقدسة الى ساحة للمناوشات بين رجال الامن والمتظاهرين. كل شيء كان يبدو على مايرام حتى قبل الوصول الى دوار «اللؤلؤة» عندما اعترض رجال الأمن المسيرة.
وعند اعتراض المسيرة توجه الشيخ علي سلمان إلى الضابط المسئول، الذي أبدى تعاونا وتجاوبا، وكان الحديث يسير باتجاه ايجابي عندما طلب الضابط الحديث مع كبار العلماء للاتفاق على توجه المسيرة. وقبل ان يتواصل الحوار، تدخلت قوات الأمن مستخدمة مسيلات الدموع والطلقات المطاطية ما أدى إلى سقوط العشرات ونقل حوالي 15 شخصا إلى قسم الطوارئ بمجمع السلمانية الطبي لتلقي العلاج.
وكانت قد انطلقت المسيرة من أمام دوار السيف متجهة نحو تقاطع مجمع الدانة، وشارك في المسيرة الآلاف من الرجال والنساء والأطفال استجابة لدعوة الشيخ عيسى قاسم والسيد عبداللّه الغريفي وعدد من علماء الدين.
بدأت الناس في التوافد على موقع المسيرة قبل الساعة الرابعة مساء (موعد انطلاق المسيرة) من معظم مناطق المملكة لتنطلق بحضور نسائي كبير مرددين شعارات ضد الهجمة الشرسة على المقدسات الدينية في العراق ومطالبين بالتدخل السريع لحمايتها ومنع العبث بها. وحمل المشاركون الأعلام السوداء والحمراء والخضراء وكذلك الكثير من اللافتات المعبرة عن تضامنهم مع الشعب العراقي ومنها «صور التعذيب في أبوغريب فضحت الوجه الحقيقي للأميركان»، و«من يحمي مقدساتنا من العبث الأميركي» و«المرجعية والمقدسات خط أحمر... الاقتراب منها لعب بالنار».
وطالب قادة المسيرة من خلال مكبرات الصوت الجهات والمنظمات الإسلامية بالتحرك السريع والتدخل لحماية المقدسات الدينية التي تتعرض للقصف في كربلاء والنجف، وكذلك حماية المرجعيات وعلماء الدين من التهديدات اليومية.
ومضت المسيرة بشكل سلمي من البداية وحتى منتصف الطريق المخطط للمسيرة التي جاءت تضامنا مع الشعب العراقي ومع المرجعيات الدينية والمقدسات الإسلامية هناك من دون وجود أي شيء يشير إلى توتر الأجواء أو إمكان حدوث حوادث عنف، إلا ان قوات الأمن لم تعطِ الفرصة للمشاركين في تغيير طريق المسيرة بعد أن اعترضت طريقهم رافضة مواصلتهم إلى تقاطع مجمع الدانة، ما استدعى تدخل الشيخ عيسى قاسم وطلب من المسيرة الرجوع إلى نقطة الانطلاق بالقرب من دوار السيف، ولحظة حديث الشيخ قاسم مع المشاركين والطلب منهم الرجوع أطلقت قوات الأمن وابلا من مسيل الدموع والطلقات المطاطية، ما أحدث إرباكا وفوضى كبيرة بين صفوف المشاركين الذين من بينهم نساء وأطفال وشيوخ سقطوا على الأرض بسبب الاختناق، كما ديس عدد من النساء، وسقط عدد كبير من المشاركين في الخندق الموجود على جانب الشارع، والذي كان معدا لمد أنابيب المجاري وحدثت إصابات كثيرة عرف منها - حتى الآن - 15 إصابة نقلت إلى مستشفى السلمانية الطبي، من بينها أحد علماء الدين (الشيخ حسن المالكي) وكذلك نائب رئيس مجلس بلدي الشمالية جواد فيروز الذي تعرض لإصابة في رأسه بسبب طلقة مطاطية، ما أدى إلى نقله إلى مستشفى البحرين الدولي ليدخل إلى غرفة العمليات هناك.
وثار المشاركون في المسيرة لما حدث ما أدى إلى انسحاب قوات الأمن من موقع المسيرة وتركهم إحدى سيارات الأمن التي أُحرقت بعد ذلك كاملة.
وواصلت المسيرة طريقها بعد أن تفرق عدد كبير من المشاركين بسبب ما حدث من إطلاق مسيلات الدموع. وألقي البيان الختامي الذي ندد بالوجود الأميركي في العراق وكذلك بما تتعرض له المقدسات الدينية هناك من قصف وكذلك تهديد المراجع الدينية.
بعد ذلك ألقى رئيس جمعية الوفاق الوطني الإسلامية الشيخ علي سلمان كلمة في الحضور طالبهم بالانصراف بهدوء من دون أية مواجهات، وأكد عدم الرد على قوات الأمن.
وقال سلمان «شرعا لا يجوز البقاء لأي شخص بعد انتهاء المسيرة للمواجهات، ومخالفة ذلك تعد مخالفة شرعية».
من جانبه قال أحد المتضررين مما حدث في المسيرة السيدعباس السيدسعيد انه شارك في المسيرة نتيجة ما تم إعلانه عن خروج مسيرة للتضامن مع الشعب العراقي، مشيرا إلى ان المسيرة كانت سلمية في شعاراتها وتحركاتها وكان كبار علماء الدين هم من يقودونها إلا ان إطلاق مسيلات الدموع من قبل قوات الأمن أحدث فوضى كبيرة بين المشاركين.
وأضاف انه قام بحمل امرأة سقطت مغشيا عليها بعد أن اختنقت من مسيلات الدموع كما سقط ابنه الصغير (عمار) ولم يستطع إنقاذه لولا قيام بعض الشباب بانتشاله من الحفرة العميقة التي كانت موجودة على طرف الشارع لينقل إلى قسم الطوارئ بمستشفى السلمانية الطبي. وسأل سعيد عن أسباب ما حدث واعتراض المسيرة من قبل قوات الأمن.
وأكد البيان الصادر عن جمعية «الوفاق» إصابة طفل لا يتجاوز عمره السنوات الخمس ورجل مسن وامرأة إضافة إلى أربعة رموز وشخصيات حال أحدهم غير مستقرة عند نقله الى الطوارئ.
إن ما حدث اليوم من تدخل لرجال الأمن واستخدامهم مسيلات الدموع والغازات الخانقة والرصاص المطاطي لمنع استكمال خط سير المسيرة العلمائية الجماهيرية السلمية الذي اختير بعناية بعيدا عن الأماكن الحساسة في البلاد لمحل استهجان واستنكار وشجب من جميع المواطنين والقوى والفعاليات المجتمعية في بلادنا، وإننا أمام هذا الاعتداء لنطالب بمحاسبة المسئولين عن هذا الجرم.
إن حق التعبير وحرية الرأي تكفل مثل هذه الممارسات السلمية فقد خرجت المسيرات المنددة بالاحتلال الأميركي وانتهاك حرمة المدن المقدسة في النجف وكربلاء والتعذيب للسجناء العراقيين في مختلف دول العالم بما فيها الولايات المتحدة الأميركية نفسها فضلا عن سائر الدول.
وإن ما حدث في البحرين اليوم لهو انتهاك صارخ لهذا الحق وهو ما أكده جلالة الملك في اتصال هاتفي مع سماحة الشيخ عيسى أحمد قاسم، مشيرا جلالته إلى ضرورة المحافظة على الحريات العامة، وعدم رضاه عمّا حدث من استخدام للقوة في محاولة لمنع المسيرة من الوصول إلى نهايتها المقررة سلفا، مما يضع علامات استفهام كبيرة على الجهة التي تقف وراء هذا الاعتداء على المتظاهرين المسالمين.
وعلى رغم التدخل اللامبرر لقوات الأمن واستخدامها للقوة المفرطة من دون اعطاء أية فرصة للتفاهم مع المسئولين عن المسيرة الذي أرعب الآلاف من النساء وأثار الفزع في نفوس الأطفال المشاركين في المسيرة السلمية وخلّف عددا من الجرحي والمصابين، إلا أن الجماهير المؤمنة المشاركة قد التزمت بضبط النفس وتفرقت بحضارية بعد تلاوة البيان الختامي للمسيرة الذي يعكس حرص العلماء القائمين على المسيرة على المحافظة على السلم الأهلي والمصلحة العليا للبلاد.
وهم إذ يكبرون هذا التصرف الإيماني والحضاري ودرجة الانضباط العالية التي التزم بها المتظاهرون ليؤكدون بعد شكرهم الجزيل جميع المتظاهرين ولأبناء شعبنا عدم الحاجة إلي أي ردات فعل شعبية على ما حدث اليوم، كما يثمن العلماء عاليا الاجراءات الملكية التي اتخذت مساء أمس
العدد 624 - الجمعة 21 مايو 2004م الموافق 01 ربيع الثاني 1425هـ