هاتفني أحد القراء منزعجا وكأن الدنيا وقعت فوق رأسه: يا سيد أرجوك تكلم عن حقوق الزوج، لقد تعشمنا فيك خيرا عندما تكلمت عن ثقافة البرطوم... إن المرأة البحرينية مازالت تعاني من هذه الثقافة... فقلت له: يا سيدي الفاضل أنت لم تنصف المرأة البحرينية فهي مسكينة ومغلوب على أمرها... لن نقول: جميعهن، ولكن غالبيتهن.
قال لي: يا سيد أنا متزوج من امرأتين وتعبت كثيرا من الغيرة فكل واحدة تريد أن تستملكني لنفسها وأحيانا أضطر للغداء مرتين والعشاء مرتين درءا للمشكلات... أرجوك أعطني حلا لمشكلتي.
أشفقت لحال هذا الزوج وتمنيت له دوام التوفيق، لكنني لا أكتمكم سرا أن مشكلته ذكرتني بما قرأته في كتب التاريخ. يُحكى أن رجلا تزوج امرأة جديدة على امرأة قديمة، وكانت لحيته فيها البياض والسواد، ففي اليوم الذي يذهب للجديدة تقوم بنتف الشعر الأبيض، وفي اليوم الذي يذهب للقديمة تقوم بنتف الشعر الأسود، وهكذا حتى أصبح الزوج في نهاية المطاف بلا لحية.
مشكلة بعض النساء الغيرة غير المدروسة، فبعض النساء يتحولن من حيث لا يشعرن إلى رجل أمن... تراقب الزوج في كل شيء فهي تغير عليه حتى من ملابسه، عيونها مفتوحة كمصابيح المرسيدس، وبعض الرجال ليس بمقدوره أن يوفر الوقت والأكل والملبس لأهله، لكنه مستعد للزواج من الأولى والثانية والثالثة والرابعة ومن دون أن يتحمل المسئولية في ذلك؛ لأن مثل هؤلاء يعيشون ثقافة ذكورية من أن المرأة انسان طويل الشعر قصير العقل، تخدع بالكلام العاطفي، وبالعبارات المنمقة، فهي مثل الأشربة الغازية تثار سريعا وتهدأ سريعا... هذه بعض مفاتيح المرأة.
المرأة البحرينية امرأة قنوعة تقبل بالقليل، وترضى بما كتبه الله لزوجها، تعيش سنين معه في غرفة ضيقة خالية من الجمال مليئة بالرطوبة، تشيخ معه في هذه الغرفة، وكلما أنجبوا ولدا حشروه في زاوية من زوايا الغرفة. تنظر إلى الغرفة... كل شيء فيها محشور، فهي غرفة للنوم، مطبخ، حمام، وهي الاستراحة أيضا وعلى رغم ذلك فإن نكهة هذه المرأة نكهة خليجية، إلا أنها لم تأخذ من الخليجية إلا الاسم. على رغم كل ذلك تصبر على هذه المعاناة على أمل أن يكون هناك ضوء في نهاية العتمة: تربي الأطفال، تهتم بدراستهم، وتراها تمرض قبل أن يمرض ابنها إذا ما أحست بأنه في طريقه إلى المرض... تمر أعوام على بعضهن وهن قانعات بهذا الوجع.
المرأة البحرينية هي بمثابة الأرض الطيبة، تحتاج إلى فلاح ماهر يعرف كيف يتعاطى معها... لا تريد إلا الكلمة الطيبة والحياة البسيطة، تجدها قانعة بكل ذلك، ولنا مثال في أمهاتنا كيف عشن الفقر، وعلى رغم ذلك لم نقرأ في عيونهن إلا الرضا والقناعة بالحياة. صحيح أن العولمة والانفتاح الثقافي أثرا في المجتمع، لكن مازالت هناك نساء ورجال هم أساس الرحمة في الأرض
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 623 - الخميس 20 مايو 2004م الموافق 30 ربيع الاول 1425هـ