على غرار ما صرح به رئيس دائرة الشئون القانونية سلمان سيادي بشأن التمييز وهروب الاستثمارات، فإن تصريح وزير شئون مجلس الوزراء محمد المطوع بشأن توزيع الدوائر الانتخابية لا يقل غرابة عنه، من حيث عدم استناده إلى رؤية قانونية، واعتماده على الغطاء السياسي في تمرير توزيع الدوائر القائمة على توزيع النفوذ السياسي بحسابات ثقل التيارات والكتل السياسية الموالية والمعارضة.

والسؤال: ماذا يعني اعتماد النمو العمراني والتجاري والاقتصادي والمساحة الجغرافية في توزيع الدوائر الانتخابية؟ وما دخل الترابط الثقافي والاجتماعي في توزيعها؟ وكيف تحكم كل هذه المعايير دفعة واحدة؟ ومن منها له الأولوية؟ وهل هناك معيار ثابت في التعاطي مع الدوائر ككل؟ أم أن المسألة انتقائية، ولهذا جاء هذا «الكوكتيل» من المعايير؟

إذا تم القبول بمعايير الحكومة التي ساقها المطوع، وهي معايير كثيرة ومبهمة على دولة صغيرة مثل البحرين، فإن الإشارة إلى النمو العمراني والتجاري والاقتصادي والمساحة الجغرافية تحمل دلالات سياسية غير مريحة إذا ما طبقت على أرض الواقع، وتعكس واقع التمييز الذي حاول سيادي تحاشيه.

إذا وضعت مسألة النمو العمراني على المحك مثلا، فإن الكثير من القرى المحرومة التي لا تمتلك البنى التحتية من شوارع وغيرها، قد تجاهلتها الدولة لثلاثة عقود، وهي تكتظ بالكثير من المواطنين العاطلين عن العمل، والعوائل التي لا تجد قوت يومها، فهل يقع الظلم عليها مرة أخرى بجعل تمثيلها أقل بأربع مرات من مناطق عمرانية يسكنها قلة من الأجانب؟ أو مناطق عمرانية غير مأهولة ستشهد نموا عمرانيا ذا معطى سياسي كمعطى التجنيس؟ وهل ذلك يراعي التمثيل الفعلي للمواطنين الذي أشار إليه المطوع في رده؟

المعايير الفعلية لتوزيع الدوائر بعيدا عن التسييس أو التطييف هي النسبة السكانية لكل منطقة، فالبحرين لا تحتمل معايير المطوع، ولا معايير المطوع يمكن تكييفها مع البحرين