العدد 622 - الأربعاء 19 مايو 2004م الموافق 29 ربيع الاول 1425هـ

برزخ الحواس

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

رعايا صمّ يتساءلون:

متى تنتهي ثرثرة الدولة؟

يُفاجأون بحشْرٍ من التماثيل

يتساءلون: لمَ كلُّ هذه الخلاعة؟

يُصرُّ الطغاةُ: أنهم على عرش

الله على الأرض!

ولا يحق لأحد أن يسأل:

وماذا تركوا له؟

البرزخ: اختبار لحال

أمام بوابات مدجّجة

بالحرس المصابين بعبثيّة الملهى

وخرافة الطاعة!

يبيعون أرواحهم للشيطان

ويجْلدون بساديّة مرْعبة

كل من يجرؤ على انتهاك ظلهم!

له صولات في البرازخ

لا يعير حدودها أدنى حواس

يتقلّب في نعيم مذهل

يقرأ «جحيم دانتي»

بلذّة من هو قاب قوسين أو أدنى

من السدْرة!

يُصلّي دونما احتساب لنعيم

ويحدّد سهوه المقبل دونما اكتراث بحصته

في شقاء الصحو!

على سفر وهم في تاج العزلة

كأنهم يمتحنون النظر إليهم

في الأمكنة المغلقة

ليسخروا من العسس المكفوفين

على رغم حدّة بصر النوايا

يؤخذون بأيديهم نحو حُفَرٍ

نصبوها باعتداد حكيم!

غابة من جحيم كلامهم

في ظل حضور مهندسي العراء!

يُدلّكونَ حناجرهم

ولكنهم عاجزون

عن صفة المضمار!

يحزُّ رأسه

ممنّيَا نفسه بأمل اعتراف!

تسبقهم أغانيهم

ريثما ينهون مراسيم النعي!

كلما أمعنتِ الظلمة

في ابتزاز نهاراتهم

كلما تلألأتْ أصواتهم!

الحواس: عيون شتى

الفارق بينها

كالفارق بين الرحابة في البرازخ!

الظُلْمَةُ: مهانةُ الوقت!

منْ سواهم

يستطيع إقناع العذاب

بأنْ يكون جميلا؟

لا يخشون من شيء

سوى أن يسيء الآخرون

فهم تحولهم إلى شظايا!

أصواتهم مُتْعَبةٌ

كجدّات يذبحهن الرحيل

عن المكان الأول

ولكنهم يضيئون بأصواتهم

الحواس المظلمة!

ليسوا بحاجة إلى ارتطام

كي يسمعوا...

ليسوا بحاجة إلى قرْص

معلّق في رخام الأفق

كي يبصروا...

ليسوا بحاجة إلى عطر امرأة

محتبسة في مصعد

كي يشمّوا...

ليسوا بحاجة إلى «قميصِ فَقْدٍ»

كي يختبروا «يوسف» الحواس...

هم بحاجة إلى أمهات يشعرن

بشوق إليهم

في استواء ثمرة الحضور

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 622 - الأربعاء 19 مايو 2004م الموافق 29 ربيع الاول 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً