طالبت الكثير من الجمعيات النسائية ومنظمات حقوق المرأة والطفل، وساند المجلس الأعلى للمرأة مشروع قانون أحكام الأسرة، الذي أجهضه النواب وسحبته الحكومة منهم بعد الموجة الصعبة التي تلقفت هذا القانون.
وقام نوابنا بقتل آخر بصيص أمل لدى النساء والأطفال، في حفظ حقوقهم لقضاياهم المعلّقة في المحاكم، وتمت طأفنة القانون أو تحويله إلى مسلك سياسي بعيد كل البعد عن ما هيته الحقيقية وأهميته للمرأة البحرينية وطفلها.
المرأة البحرينية تعاني الأمرّين في بعض القوانين المتاحة للقضاة والمختصة بالعديد من قضايا الأسرة، وكالعادة اتفق النواب على عدم إسعاد المرأة بحصولها على هذا القانون الجليل في معناه.
وبذلك تتراجع الأمور وتصعّب أكثر على تلك التي لا تعرف أن تأخذ حقها، في جدران المحاكم البحرينية، وخاصة أنّ باع المحاكم طويل، ولا تستطيع المرأة أن تجادل أو تصرخ وتُظهر الألم الباطن في زوايا قصتها.
نعرف الكثير من النساء اللاتي طُردن من بيت العمر بعد أن دفعن ثمن خيانة أزواجهن أو زواج هؤلاء الأزواج مرة ثانية، لتحل الأخرى مكان من تعبت وساعدت بمالها وجهدها في بيت العمر، ورُميت كالغريبة خارج أسوار البيت، ولطالما انتظرت حصولها على حقّها في المحاكم، ولكن الحكم عادة ما يكون ضدها لعدم وجود أدلة تقف بجانبها، أو بتأخّر القضية ونومها في المحاكم.
كم امرأة في محكمة التنفيذ تنتظر قرار القاضي لإلزام الزوج بدفع النفقة، حيث توقّف عن دفع النفقة التي تعيلها وأبناءها، وفي هذا الصدد نعرف الكثير من النساء اللاتي لا يجدن حتى الخبز الحافي، بسبب عدم الإسراع في هذا النوع من القضايا الحسّاسة.
كم امرأة ضُربت وأهينت في بيت الزوجية، وكم منهن تم اغتصابها باسم «الحق الشرعي»، وكم منهن أُجبرت على فعل ما لا ترضاه النفس، وذلك لنقص القانون الذي يقف بجانبها.
وأيضا رأينا الكثير من النساء المهجورات والمعلّقات في قضايا الطلاق، وما إن تدخل أروقة المحاكم حتى تتفاجأ من لطم هذه المرأة وشكوى تلك، وصبر بعض الأخوات سنين طويلة من أجل الطلاق... متناسين حديث ميمونة -رضي الله عنها- مع الرسول (ص) عندما حاول إرجاعها إلى زوجها، فقالت له: أو تأمرني يا رسول الله؟! فما كان لها بآمر وطلّقها منه، لا لشيء وإنما لعدم رغبتها في العيش مع زوجها.
كذلك الكثير من قضايا الأطفال المعلّقة داخل جدران المحاكم، مثل اغتصابه جنسيا أو إساءة معاملته جسديا بالضرب، ولا نرى في الأحكام إلا الفُتات على من يُلقى عليه اللوم!
لا نعتقد بأن نوابنا استطاعوا أن يقوموا بشيء يذكره لهم التاريخ البحريني، فحتى هذا القانون لم يستطيعوا الاتفاق عليه، ولم يقدروا أن يمرروه ويقروّه، حفظا للمرأة البحرينية وطفلها من الضياع والشتات!
قام النواب بتضييع هذه الفرصة المستحقّة للمرأة، وقامت الحكومة في النهاية بسحب المشروع، بعد رفضه من قبل كتلتي الوفاق والمنبر الوطني الإسلامي، وفي ظل تلميحات وتهديدات الأصالة بالرفض.
ألا يحق بالمرأة أن تحصل على حقوقها التي حباها الله بها، ومُنعت منها من قبل نوابنا المتخبّطين؟!
نتمنى من الحكومة أن تُرجع المشروع إلى النواب، الذين سيرفضونه مرة أخرى، حتى يتم تحويله إلى مجلس الشورى، حيث نأمل بوضع هذا القانون كأولوية من أولوياته، لإنجاحه في حفظ حقوق نسائنا وأطفالنا «المتمرمرين» في قوانين وضعية تبعا للأهواء في بعض الأحيان
إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"العدد 2364 - الثلثاء 24 فبراير 2009م الموافق 28 صفر 1430هـ