العنوان أعلاه كان محورا لإحدى جلسات منتدى البحرين الأمني الذي بدأ أمس في فندق الرتز كارلتون، ويستمر حتى اليوم، ومن الذين تحدثوا بشأن هذا الموضوع مدير عام قناة «الجزيرة» وضاح خنفر.
خنفر قال إن الصحافيين من المفترض أنهم لا يحبون أن تكون لهم علاقة مع أجهزة الأمن والاستخبارات، لأن مهمة الصحافي هي مساءلة المسئولين. وخلال السنوات الماضية ظهرت مدرسة تسطيحية واختزالية بشأن مكافحة الإرهاب، وهذه فشلت في التعاطي مع الإرهاب، وأدت إلى الوقوع في إشكاليات، ولاسيما أن مصطلح الإرهاب وسعه البعض لضم الجماعات التي تؤمن بالعنف، وجماعات المقاومة، ومفكرين وممولين وتنظيمات ومناهج... ومطاطية المصطلح أدت إلى الانتقاص من مشروع مكافحة الإرهاب، لأن تعريف الإرهاب قد اختفى، وهو ما أدى إلى بقاء الملفات مفتوحة من دون معالجة. وهذه المدرسة أرادت من الإعلامي أن يتعامل مع ما سُمي بالمجموعات الإرهابية كما يتعامل ضباط الأمن والمخابرات، والمؤسسات الإعلامية التى رفضت ذلك صنفت على أنها مساندة للإرهاب. أما المؤسسات الإعلامية التي استجابت للضغوط فقد حولت الإعلامي إلى جاسوس.
ولكن ما يجب التأكيد عليه هو الفصل بين الإعلامي والموظف في جهاز الأمن، فالإعلامي صاحب رسالة ويحتاج إلى صدقيّة وليس موظفا في الاستخبارات. ولذلك فإن إجراء مقابلات مع أصحاب الأفكار التي تعتبر لدى البعض« إرهابية» تؤدي إلى ضبط الخطاب - إن كان إرهابيا لأن الصحافي يسأل ويستفسر وهذا ينزع القداسة والغموض والالتباس عن تلك الجماعات التي تتهم بالتطرف ، ولاسيما أن المعركة مع ما يسمى بالإرهاب «فكرية» في كثير من جوانبها.
أما المسئولة عن ملف الأمن الداخلي في حزب المحافظين البريطاني البارونة بولين نيفيل جونز (التي قد تصبح وزيرة داخلية لو فاز الحزب في الانتخابات المقبلة) انطلقت من التعليق على طريقة تغطية العدوان الإسرائيلي على غزة، وقالت إن الصور والتقارير والمعلومات وطريقة عرضها تؤدي إلى نتائج مختلفة بالنسبة إلى المتلقي (المشاهد)... وهذا يوضح تأثير «البروبغندا» التي تنتج ضمن حسابات وأجندة معينة. وقالت إن كل إعلامي لديه وجهة نظر تؤثر في طريقة تعامله مع الحدث، وهناك فرق بين الواقع على الأرض و«البروبغندا» وإن ذلك يعني إمكانية تحشيد الرأي العام لصالح واقع غير موجود على الأرض. لكنها قالت إن الإعلام يمثل مصدرا عاما open source ويمكن لأجهزة الأمن والاستخبارات أن تحلل المعلومات من خلال ما هو متوافر من مختلف الأطراف، ويمكن من خلال ذلك الرد على أفكار التطرف من خلال فهمها أولا ثم طرح وجهة النظر المقابلة لها.
موضوعات شيقة تناولها المنتدى الأمني أمس، ولم ينقص المتحدثين سوى ضرب الأمثلة الكثيرة من واقعنا البحريني... ولاسيما أن المؤتمر ينعقد في البحرين التي تشهد ساحتها الداخلية «نماذج حيوية» تتعلق بـ «الأمن والاستخبارات ودور الإعلام»
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 2364 - الثلثاء 24 فبراير 2009م الموافق 28 صفر 1430هـ