عندما تجاوز سعر برميل النفط عتبة الأربعين دولارا في الأسبوع الماضي اعتبر أكثر المحللين تفاؤلا أن هذا الوضع لن يدوم لأكثر من يوم أو يومين، على أبعد تقدير، غير أن الأيام تتالت يوما إثر يوم وأسعار النفط تسجل مع بزوغ شمس كل يوم جديد ارتفاعا لافتا، الأمر الذي أربك المحللين والمنتجين قبل أن يربك المستهلكين الذين أحرقتهم نار الأسعار المستعرة.
ومن اللافت أن بعض المحللين ذهبت بهم حمى الارتفاع إلى أعلى درجاتها إذ دعا بعضهم المستهلكين إلى التهيؤ لقبول أسعار تتجاوز عتبة الخمسين دولارا في مقبل الأيام... أكرر الأيام، لا الأسابيع القليلة المقبلة.
وقبل أن يفيق المتعاملون في أسواق النفط من صدمة الأسعار التي يرى الكثير من المحللين أنها حال طارئة لا غير جاء التقرير الشهري لمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) ليصب المزيد من الزيت على نار الأسعار عندما أكد «نمو الطلب العالمي على النفط بنحو 1,9 مليون برميل يوميا في الربع الثالث من العام بفضل النمو الاقتصادي القوي». وأشار التقرير إلى ارتفاع الطلب إلى 80,18 مليون برميل يوميا من 78,3 مليونا في الربع الثاني من العام الجاري. وتوقع زيادة أخرى للطلب في الربع الأخير إلى نحو 82,44 مليون برميل يوميا ليبلغ معدل نمو الطلب العالمي 2,3 في المئة وهو أعلى معدل في سبعة أعوام.
وتأتي هذه التقديرات في وقت ارتفعت فيه أسعار النفط لأعلى مستوى في 21 عاما في تزامن مع انخفاض مخزون الوقود في الربع الثاني من العام لدى الكثير من الدول المستهلكة للنفط.
وما بين محلل متفائل ومنتج آمل ومستهلك يتألم تمضي أسعار النفط إلى نهايات لم تكن في الحسبان، بل هي نهايات أربكت حسابات الجميع بمن فيهم الحالمون بالعودة إلى عهود الطفرة الزاهرة
العدد 621 - الثلثاء 18 مايو 2004م الموافق 28 ربيع الاول 1425هـ