الرمز لغة عالمية تعبر عن فكرة واقعية يصعب تجريدها بمفهومها الديناميكي المعروف في لغة خطابية دارجة سواء كانت عربية أو إنجليزية او فرنسية...، وحملت الرموز عدة أشكال، فمنها ما صنفت على هيئة حيوانات فكان الثعلب رمزا للخبث والدهاء والتي هي صفات أصلا مغروسة في نمط وأوساط البيئة الاجتماعية كما كان طائر البوم دليلا على الشؤم والبؤس. وتكونت بالرموز مفاهيم مشفرة لكل الصفات سواء كانت ذات طابع قومي منها النازية حيث كانت لها شفرة خاصة مدعاة للفخر والاعتزاز عند روادها ونشطائها، إضافة إلى الشيوعية والرأسمالية.
«كليلة ودمنة» كتاب قصصي لابن المقفع، رسم صورة العلاقات البشرية على هيئة حيوانات فتجد الدجاجة صورة مشخصة عن الإرادة المسلوبة. وامتدت لغة الرموز إلى عصرنا الحالي، عصر التقدم الاقتصادي لتتسع مكنوناته المنظرة في أشكال عدة منها الوجة او اللون التي هي لغات مختصرة توازي سرعة وخفة حركة المعلومات في عصر التقدم التكنولوجي.
وآخر صيحة لأشكال الرموز والتي أثارت سخطا شعبيا وجدلا داخل الأوساط العربية والعراقية على وجه الخصوص هو العلم العراقي الجديد الذي أصبح يحتوي على ألوان تعكس معتقد مضمر لدى مصمميه، فقد تضمن هيئة هلال باللون الأزرق كناية عن الإسلام وخطين أزرقين وسطهما لون أصفر رمزا للأكراد على خلفية بيضاء، وكانت إحدى المفارقات التي رسمت علامات التهكم على الاختيار وتغيير شكل العلم السابق الذي كان يحتوي على ثلاثة ألوان الأبيض والأسود والأحمر رمزا للوحدة القومية وثلاث نجمات وسطها كلمة «الله أكبر»، هي ابتعاد الوجه الجديد للعلم من رسمه نخلة التي قال عنها أحد مهاجمي شكله الحالي إن النخلة عنوان ربما تذكر مصمميه بالتاريخ النضالي العربي والجغرافي لأرض العراق الذين أرادوا سلخه من الهوية العراقية والعربية لاحقا!
وكان لرفعت خدوجي اليد الطولى في تصميم العلم الجديد، إذ انه مهندس وفنان موهوب واختير نموذجه من بين 30 مقترحا، و يرى المراقبون أن العلم تجنب روح وانتماء أرض الرافدين الخضراء، إذ إن اللون الأخضر جاء باردا «باهتا»، أما عن النخلة فربما يتذكر الخدوجي ذلك النشيد العراقي على شجرة النخلة والذي عزفته الفرقة الموسيقية العراقية حديثا في واشنطن ونيويورك، ويتفق المراقبون أن كثيرا من العراقيين لن يوافقوا على العلم الجديد، وسيتم تغييره بمجرد أن تكون لهم كلمة السيادة على بلدهم
العدد 621 - الثلثاء 18 مايو 2004م الموافق 28 ربيع الاول 1425هـ