ما أثاره مدير دائرة الشئون القانونية المحامي سلمان سيادي بشأن المقترح بقانون لتجريم التمييز الذي تبناه النائبان عبدالله العالي ومحمد آل عباس أمر يثير الاستغراب، فسيادي يقول: إن قانون تجريم التمييز يهرب الاستثمارات، وهذا أغرب رد يمكن تصوره من مسئول حكومي، وفضلا عن كون الرد غير قانوني، وإنما سياسي بامتياز، لكونه يناقض المبادئ العامة للدستور الذي ينص على أن توفر الدولة للعاطلين العمل مع عدالة شروطه، وينص أيضا على مبدأ تكافؤ الفرص، فإن التصريح على المستوى السياسي عصي على الفهم.
سيادي يقول: إن التمييز يهرب الاستثمارات، والسؤال: وهل من يأتي للاستثمار في البلد ليس بكفاءة ومؤهلات ابن البلد، أم أنه أعلى كفاءة منه؟ فإذا كان الأجنبي أعلى كفاءة من البحريني، فلن يضيره قلة كفاءة البحريني، لأنه سيكون في الموقع الذي انتدب من أجله، أما إذا كان أقل كفاءة من البحريني، وهذا هو الحاصل في الكثير من المواقع، فلا يجوز تفضيله على البحريني بحجة هروب الاستثمارات، وخصوصا تلك الاستثمارات التي تعتمد «الفيري فيزا» والعمالة الرخيصة، والاقتصاد غير المنظم، لأن ذلك له تأثير على هروب الأموال من البلد والإضرار باقتصاده، ولا علاقة له بالتمييز لا من قريب ولا من بعيد، وإنما له علاقة بمصالح فئة قليلة من المجتمع.
الواقع أن السوق المعتمدة على الشركات والمؤسسات الخاصة، لا تمتلك الحكومة السيطرة عليه بالكامل، إما بسبب تهاون القانون وتطبيقاته، وإما بسبب تضخم السوق وآلياتها وإنتاجها، وكل هذا لا علاقة له بالتمييز، إلا أن سيادي أراد الالتفاف على جوهر المشكلة وتحجيمها وحرفها تماما، وهي تلك المتعلقة بالتمييز في الدوائر الرسمية الموثق بالأدلة والأرقام، ويجب على سيادي أن يسعى إلى محاربته بصفته مشكلة تؤرق الوطن ككل، وتقوّض أسس العدالة في المجتمع، وأول وسائل محاربته بأن يصدر قانونا بتجريمه
العدد 621 - الثلثاء 18 مايو 2004م الموافق 28 ربيع الاول 1425هـ