العدد 620 - الإثنين 17 مايو 2004م الموافق 27 ربيع الاول 1425هـ

المركز القانوني للنيابة العامة

عبدالحكيم عامر العامر comments [at] alwasatnews.com

النيابة العامة هي سلطة ادعاء تمثل المجتمع وتنوب عنه في المطالبة بإنزال العقاب بالمتهم. ولاشك في أن حسن أدائها لهذه الوظيفة، وبلوغها غايتها المرجوة، إنما يتطلب قدرا من الاستقلال، فاستقلال النيابة ضمانة لفعاليتها، وتبعيتها إضعاف لهذه الفعالية، وقد حرصت النظم القانونية على إضفاء هذا الاستقلال ودعمه بكثير من القواعد والضمانات الدستورية. وجاء ذكر النيابة العامة في الفصل الرابع «السلطة القضائية» في المادة (104) فقرة (ج) يضع القانون الأحكام الخاصة بالنيابة العامة... إلخ.

وبهذا وضع المشروع الدستوري هذه الضمانات لاستقلالية القضاء والنيابة. واستقلال النيابة العامة له مظاهره، في مواجهة باقي السلطات.

أولا: استقلال النيابة العامة في مواجهة السلطة التنفيذية.

يتجلى هذا الاستقلال في مواجهة وزير العدل بوصفه ممثلا للسلطة التنفيذية والقاعدة أن النيابة العامة مستقلة عن وزير العدل فيما تؤديه عن أعمال الاتهام والتحقيق. وسواء تمثل الاتهام في سلطة تحريكها الدعوى العمومية، أم في مثولها أمام المحكمة، وإبدائها للطلبات والدفوع والطعون في الأحكام. فهي لا تأتمر في ممارستها لهذه الأعمال بأوامر وزير العدل بطلباته أو بتوجيهاته.

وقررت المادة (67) من السلطة التنفيذية «لكل من وزير العدل والنائب العام أن يوجه تنبيها شفاهة، أو كتابة لعضو النيابة العامة الذي يخل بواجبات وظيفته وذلك بعد سماع أقواله.ش

وبهذا قرر المشرع إعطاء وزير العدل سلطة ما في واجهة النيابة العامة، فإن هذه السلطة إدراية محضة، وإن كانت لا تمس ما تقوم به النيابة العامة من أعمال قضائية أو ذات طابع قضائي سواء في مرحلة الاتهام أو التحقيق أو الاشتراك في جلسات المحاكمة.

وملخص القول: إن النيابة العامة تابعة إداريا لوزير العدل، ومستقلة قضائيا عنه.

ثانيا: استقلال النيابة العامة في مواجهة السلطة التشريعية.

باعتبار أن النيابة العامة شعبة أصيلة من شعب القضاء، فإنه تطبيقا لمبدأ الفصل بين السلطات لا يجوز أن تكون التحقيقات التي تجريها، أو القرارات التي تصدرها بمناسبة التحقيق الذي تتولاه محل مناقشة أمام البرلمان نظرا إلى ما يشكله ذلك من مساس بمبدأ استقلال القضاء، واعتداء على مبدأ الفصل بين السلطات. وتفريعا على مبدأ استقلال القضاء، بما يعني تحرر سلطته من أي تدخل من جانب السلطة التشريعية، إلا في إطار مبدأ فصل السلطات، ومبدأ استقلال النيابة العامة، كما هو الحال بالنسبة إلى القضاة، كما يجوز للسلطة التشريعية التدخل في تنظيم النيابة العامة نفسه.

1- عدم تدخل السلطة التشريعية في وظيفة النيابة العامة.

لا تملك السلطة التشريعية حق مباشرة وظيفة النيابة العامة، أو التدخل في أعمالها، أو حتى التدخل بما هو أقل من ذلك شأنا لنقد أعمالها، أو التعرض لقضية مطروحة على النيابة العامة فليس من حق السلطة التشريعية محاسبة أعضاء النيابة العامة شأنهم في ذلك شأن القضاة، وإنما يرجع الأمر في ذلك إلى وزير العدل.

وعدم جواز تدخل السلطة التشريعية في وظيفة النيابة العامة لا يحول بينها وبين ممارستها حق الإشراف على شئونها بطريقة غير مباشرة، عن طريق القوانين التي تصدرها لتحديد اختصاصاتها وتنظيم طريقة تشكيلها وشروط إجراءات تعيين أعضائها ونقلهم حسبما نصت عليها المادة 104/ج من الدستور، والمذكورة أعلاه.

2- عدم تدخل السلطة التشريعية في تنظيم النيابة العامة.

لا يجوز أن يقتصر منع السلطة التشريعية على التدخل في اختصاصات النيابة العامة، وإنما يجب أن تصد أيضا عن التدخل في تنظيم النيابة العامة إذا كان القصد منه النيل من استقلالها أو الاعتداء عليها باعتبارها شعبة من شعب السلطة القضائية، ذلك أن استقلال القضاء والنيابة العامة يعني أساسا الاستقلال كسلطة في مواجهة السلطتين التشريعية والتنفيذية.

وتأسيسا على ما تقدم. يتضح أن النيابة العامة مستقلة عن السلطة التشريعية تمام الاستقلال سواء في مباشرة اختصاصاتها أو تنظيمها

العدد 620 - الإثنين 17 مايو 2004م الموافق 27 ربيع الاول 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً