وجّه عضو كتلة الوفاق النائب محمد المزعل خلال جلسة النواب أمس (الثلثاء) سيلا من الانتقادات إلى وزير الصحة فيصل الحمر واتهمه بـ «التقصير في الاهتمام بمرضى السكلر»، وخاطبه بحدّة: «يا وزير الصحة إما أن تقود ثورة ضد فساد وزارة الصحة أو أن تثار ثورة ضدك»، جاء ذلك أثناء مناقشة المجلس أمس لسؤال المزعل إلى وزير الصحة بخصوص مرضى السكلر.
وفي بداية مداخلته، طلب المزعل 10 ساعات لـ «نشر غسيل وزارة الصحة بخصوص التقصير مع مرضى السكلر»، وقال: «عشر ساعات لا تكفي للرد على الوزير فكيف بعشر دقائق».
وفي رده على الوزير استعرض المزعل قصة لأحد ضحايا السكلر المرحوم الشاب هاني معيوف من قرية عالي، وقال المزعل: «هاني واحد من 16 ألف مريض سكلر بحسب وزير الصحة، وهاني أيضا واحد من 22 ضحية خلال العام 2008 ووراء كل ضحية قصة مأساة لعائلة إن لم يكن عوائل، لهذا العدد الهائل لا يوجد سوى 4 استشاريين متخصصين في أمراض الدم الوراثية، ويحوّل 77 في المئة من مرضى السكلر على أطباء من تخصصات أخرى».
وتابع المزعل «يتردد هاني وأمثاله على المستشفى كلما ألمت به نوبة السكلر ولابد أن يذهب إلى دائرة الطوارئ والحوادث بمجمع السلمانية الطبي إذ لا توجد وحدة متخصصة أو مركز متخصص لأمراض الدم الوراثية على رغم رصد موازنة قدرها 1.5 مليون دينار ضمن موازنة العامين 2007-2008 وعلى رغم تحديد مبنى الولادة القديم كموقع للمشروع إلا أنه لم يبدأ بتنفيذه. عندما يحول هاني من الطوارئ إلى أحد الاستشاريين فماذا نسمي طبيبا يتقاضى راتبه من أموال الشعب لكنه يرفض تحويل أحد أبناء هذا الشعب إليه لمعالجته، هذا إذا لم يتهمه بالإدمان وهي تهمة جاهزة لمرضى السكلر لدى بعض الأطباء وهو اتهام بحد ذاته يمثل معاناة لا تقل عن معاناة المرض. في مقابل ذلك فإن الحقيقة التي أثبتتها سجلات الوزارة وفاحت رائحتها في الصحف هي أن أحد أطباء قسم الطوارئ عربي الجنسية كان يستغل وضعه الوظيفي للاستحواذ على كمية من إبر المورفين باسم المرضى وذلك لصرفها في الاستخدام الخاص، وفي مقابل ذلك تمت ترقيته إلى رئيس فريق في قسم الطوارئ».
وأثناء مداخلته تحرش المزعل برئيس المجلس خليفة الظهراني، قائلا: «معالي الرئيس هذا الأمر يهمك أكثر من غيرك باعتبارك الرئيس الفخري لجمعية رعاية مرضى السكلر»، وهنا ابتسم الظهراني ولم يعلق.
ومضى المزعل في سرد القصة، وقال: «لا يجد هاني ممرضا مدربا للتعامل مع حالته الخاصة، وإذا أراد معاملة خاصة فما عليه إلا أن يذهب لنفس الطبيب المتخصص والاستشاري ولكن في عيادته الخاصة ليحصل على ما يريد من أدوية وعلاج متكامل (Dormicum، Diazepam، Tryptizol... الخ)، ومن لم يستطع فعليه الرضا بويلات الطوارئ، فهل يعلم وزير الصحة أن مريض السكلر قد يمكث في الطوارئ أكثر من 48 ساعة بانتظار سرير شاغر في أحد الأجنحة؟، وهل يعلم أن السبب في ذلك هو أن الأسرة قد تكون محجوزة لصالح بعض الأطباء ومرضى عياداتهم الخاصة؟، وهل يعلم أن بعض الاستشاريين لا يعاودون مرضاهم في الأجنحة بشكل منتظم لمتابعة حالاتهم؟ وأنى يكون لهم ذلك وهم لا يلتزمون بمواعيد الدوام الرسمي بل أن البعض يداوم بين (9 -11 صباحا) فقط موفرا ساعاته للعمل في عيادته الخاصة أو في مستشفى خاص؟(...) إن التعامل مع مرضى السكلر هو أوضح مثال لسوء إدارة الخدمات الصحية في وزارة الصحة، والإهمال الذي يصل إلى حد الاستهتار بحياة المريض إن لم نقل قتله. وعودا على بدء فإن هاني كان قد راجع الطوارئ في الساعة السابعة من صباح الرابع من يناير/ كانون الثاني 2008 إثر نوبة سكلر وآلام حادة في البطن إذ عاينه طبيب مقيم غير متخصص لم يكلف نفسه عناء إلا صرف بعض الأدوية وصرف هاني لمنزله على رغم سقوطه مغشيا عليه بمرأى من الطبيب، ما اضطر مرافق هاني لأخذه لعيادة خاصة التي بدورها استدعت له الإسعاف لنقله إلى الطوارئ مرة أخرى وهو منهار إلى حد الإغماء فتم رفضه من قبل الطبيب نفسه وتم رفض إدخاله لغرفة الإنعاش في الطوارئ وبين غرفتي التمريض والإنعاش فارق هاني الحياة ظهر اليوم نفسه».
وقال المزعل: «من الطبيعي أن يتقدم ذوو هاني بشكوى ليس لأن الشكوى ستعيد لهم فقيدهم ولكن لأن وراء هاني 16 ألف هاني يقع على وزارة الصحة واجب حمايتهم، وقد نُظرت الشكوى من قِبل لجنة تحقيق طبية شكلت لهذا الغرض ورأت أن وفاة هاني كانت بسبب تقصير من طبيبين من أصول عربية وأوصت اللجنة بإيقاف أحدهما عن العمل لمدة 3 أشهر، وإيقاف الآخر لمدة شهر ونصف وبحسب الإجراء المتبع يلزم تصديق ذلك من قِبل مكتب التراخيص بالوزارة والذي رأى أن العقوبة لا تتناسب مع الخطأ الجسيم الذي أودى بحياة هاني، فقرر المكتب مضاعفة العقوبة بإيقاف الطبيبين معا لمدة 6 أشهر. وبحسب الإجراء المعتمد كان المفترض أن يتم اعتماد العقوبة وما أجري عليها من تعديل من قِبل الوزير إلا أنه على رغم مرور أكثر من ستة أشهر وعلى رغم مرور سنة ونيف على رحيل هاني إلى الرفيق الأعلى لم يعتمد قرار الإيقاف ولم يبلغ ذوو هاني لحد اليوم بنتيجة التحقيق ليتسنى لهم مقاضاة الطبيبين، بل أوكلت إلى أحد الطبيبين مهمة خطيرة برئاسة الفريق الطبي لسباقات الفورمولا 1».
وتساءل المزعل «هل يذكر الوزير عند لقائه قبل عام تقريبا بعدد من عوائل الضحايا حين خاطبه والد الضحية علي عمار قائلا: (لولا شرع الله ينهاني لقتلت الطبيب بيدي، لأنه ذبح ولدي أمام عيني بحقنة خطأ)، هل ستعتمد الوزارة على مرور الوقت لدفن التحقيق في حالات الوفاة لتقول بعد فوات الأوان وبكل برود أعصاب: لا يوجد تقصير ولا يوجد إهمال؟، هل ستبقى الوزارة بعد كل هذا نفقا لفساد المفسدين من بعض أصحاب العيادات الخاصة وبعض مسئولي الوزارة من أصحاب الوكالات الحصرية لبعض أنواع الأدوية ومنها أدوية أمراض الدم الوراثية؟ فكيف يسمح باستمرار تضارب المصالح في زمن الإصلاح؟».
ولم يعلق وزير الصحة على الفساد الذي تحدث عنه المزعل «أبوجعفر»، واكتفى الوزير بشرب الماء وخلع نظارته الطبية من دون أن يقدم أي تعليق بشأن حالات الفساد في وزارة الصحة.
واقتصر تعليق الوزير على موضوع هاني معيوف، إذ قال: «تم التحقيق في الموضوع وتم إيقاف الطبيبين لمدة 3 شهور كاملة»، وأضاف «خلال الأعوام من 2005 إلى 2007 تم التحقيق في حالة وفاة واحدة في كل عام لمرضى السكلر، وفي العام 2008 هناك 6 حالات تم التحقيق في حالة واحدة منها فقط»
العدد 2364 - الثلثاء 24 فبراير 2009م الموافق 28 صفر 1430هـ