غرفة تجارة وصناعة البحرين أجلت اجتماعها الذي كان من المفترض أن يحضره أعضاء الجمعية العمومية ولكن نسبة من حضروا الاجتماع أقل من خمسة في المئة من النصاب الأدنى، إذ حضر 44 شخصا بينما كان المطلوب على الأقل ألف شخص. هذا الحضور الضعيف يدل على أن التجار لا يشعرون بأن لهم دورا قياديّا في الساحة بعكس ما كان الأمر عليه عندما تأسست الغرفة في العام 1939.
تجار البحرين منذ مطلع القرن الماضي حتى منتصفه كانوا يتصدرون الساحة السياسية والاجتماعية، والحركة المطلبية الأولى التي رفعت شعارات المطالبة بالتمثيل البرلماني والنقابي كانت في العام 1938 بقيادة التجار.
وعلى رغم أن النفط الذي بدأ انتاجه في الثلاثينات قد أثر كثيرا على قدرة التجار في لعب دور رئيسي، نظرا إلى أن الدولة لديها مصدر اقتصادي آخر غير التجارة والصناعة، فإن التجار كانوا في صدارة العمل الوطني أيضا في خمسينات القرن الماضي.
في الخمسينات (من القرن العشرين) كان تجار المنامة والمحرق هم المكنة المحركة للعمل السياسي، ولأنهم تجار فقد كانوا مبدعين في أسلوب المفاوضات فيما بينهم وبين الآخرين (المستشار شارلز بليغريف والمقربين من حاكم البلاد آنذاك). ولكن بعد قمع حركة الخمسينات اختفى دور التجار من الساحة بشكل واضح، وعندما دخلت البحرين مرحلة ما بعد الاستقلال وتدشين العمل البرلماني في مطلع السبعينات من القرن الماضي، بدا واضحا أن تجار الثلاثينات والخمسينات اختفوا وتحول عدد منهم إلى موظفين في الدولة وآخرون اعتزلوا العمل السياسي وبدأ دورهم يتراجع لأن التجارة والصناعة التي يقودها القطاع الخاص أصبحت ثانوية بينما سيطرت الدولة على القطاعات الاقتصادية الكبرى. إضافة إلى ذلك نشأت طبقة جديدة من التجار ارتبطت مصالحها بقدرتها على إرضاء الدولة لكي تضمن الحصول على مناقصات الحكومة، ومع الأيام اضمحل الدور السياسي والاجتماعي إلى أن وصلنا إلى انحسار الرغبة حتى في حضور الجمعية العمومية لغرفة التجارة والصناعة.
في السنوات الأخيرة اكتشفت الدول أنها لا تستطيع الاستغناء عن القطاع الخاص، وخصوصا بعد استقواء منظمة التجارة الدولية التي تعتمد على تطوير التجارة الحرة القائمة على الشفافية والتبادل الحر. وفجأة بدأت الحكومات تتوسل إلى القطاع الخاص بأن يلعب دوره، في الوقت الذي أصبح فيه التجار خاملين لخوفهم من الحكومات من جانب، ولعدم ثقتهم بأنفسهم من جانب آخر. فهم يشعرون بأن الزمان ليس زمانهم، وإنما هو زمان رجال الدين الذين يسيطرون على الشارع السياسي وزمان رجال الحكم الذين يسيطرون على الموارد الرئيسية لاقتصاد البلاد.
ونظرا إلى هذه الانتكاسة في دور التجار، ظهرت في البحرين جمعيات أخرى تجمع رجال وسيدات الأعمال في محاولة للتأثير على الأوضاع من جوانب أخرى، وحديثا نشطت «جمعية المنتدى»، وهي جمعية سياسية ليبرالية تجمع رجال وسيدات أعمال وقيادات تنفيذية في القطاعين العام والخاص. ونظمت جمعية المنتدى ندوة دعت إليها متحدثين من الكويت لينقلوا بعض خبراتهم في كيفية عودة تجار الكويت إلى العمل السياسي.
في البحرين كانت ومازالت، الآمال معقودة في غرفة التجار التي يرأسها شخص قدير مثل خالد كانو، وكان طرح في العام الماضي ضرورة اجتماع عقول البلاد للتفكير في استراتيجية وطنية لاستعادة البحرين دورها على مستوى الخليج وهو الأمر الذي يتطلب تنشيط دور القطاع الخاص. بعد ذلك الحديث العابر سافر رئيس الغرفة إلى الولايات المتحدة الأميركية وأصيب بوعكة صحية وتأخر تنفيذ ما يجول في خاطره. ولكنه الآن بيننا بعد أن عافاه الله، وأملنا أن يباشر ما كان يفكر فيه وليكن ذلك عبر تنظيم لقاء بين القيادات التنفيذية في المصارف وغيرها من القطاعات المهمة للتفكير في بحرين المستقبل وأي بحرين نود رؤيتها في العام 2020
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 620 - الإثنين 17 مايو 2004م الموافق 27 ربيع الاول 1425هـ