العدد 619 - الأحد 16 مايو 2004م الموافق 26 ربيع الاول 1425هـ

ملاحظات أولية على التجربة البلدية

محمد العثمان Mohd.Alothman [at] alwasatnews.com

حينما نتحدث عن البلديات وهمومها ومعوقاتها وأدائها فإننا نتحدث عن كيانات حديثة لا يتعدى عمرها عامين من الزمن، وهذا العمر قصير جدا بالنسبة إلى المؤسسات والأجهزة الإدارية، إلا أن المجالس البلدية المنتخبة، وهي «نمط ديمقراطي من الإدارة المحلية»، جاءت كأولى خطوات الديمقراطية في المشروع الإصلاحي لجلالة الملك.من هذا المنطلق ينبغي بل ويجب أن ننظر إلى المجالس البلدية بعيون الرأفة والشفقة، حيث الكثير من الصعوبات، منها ما هو نتاج طبيعي لإدارات محلية لا يتعدى عمرها العامين، ومنها ما هو مفتعل من قبيل عدم تعاطي وزارات ومؤسسات الدولة الأخرى مع المجالس البلدية بالصورة السليمة وضمن الإطار القانوني والأنظمة الإدارية والأعراف الدولية في التعامل مع البلديات (المجالس المنتخبة والأجهزة التنفيذية) كجهة منوط بها القيام بمهمات الإدارة المحلية، لها كيانها المستقل ماليا وإداريا.

وقد واجهت البلديات الكثير من المعوقات، ولو رجعنا إلى الوراء (قبل الانتخابات البلدية) لشاهدنا مهرجان التنقلات الإدارية التي جرت في عهد الوزير السابق للبلديات، والتي أثرت كثيرا على أدائها بشكل عام، وكمثال على ذلك نقل موظف بدالة إلى الشئون المالية والعكس، نقل موظف إداري إلى فني، وهكذا. هذه التنقلات طالت حتى مديري الإدارات ورؤساء الأقسام، ما كان له أثر سلبي على الخدمات المقدمة للجمهور، ما حدا بالبعض أن يصف تلك التنقلات بالكيدية (أي التهيئة لفشل التجربة البلدية الجديدة).

ثم نأتي إلى مسألة لا تقل أهمية عن سابقتها وتتعلق بالتشريع أي قانون البلديات، ومع التسليم مقدما بمطاطية بعض المواد التي وردت في قانون رقم (35) لسنة 2002م، فإن عدم وجود مذكرة تفسيرية للقانون، وأخذ كل من أعضاء المجالس البلدية بالاجتهاد في تفسير القانون وذهاب الوزير السابق وتفسيره للقانون حينما تم تكليف الوزير الحالي، كل ذلك جاء بتفسير مخالف ومغاير للتفسير السابق.

ويرتبط ذلك بسحب الصلاحيات وسرقة الاختصاصات التي تمارسها بعض الجهات، من قرارات الوزير إلى المحافظين إلى عدم استجابة بعض الوزارات، مع أن قانون البلديات واضح، وملزم لجميع الوزارات والإدارات، إلا أنه دائما ما تتصور تلك الوزارات أو الإدارات بأن إشراك البلديات (المجالس البلدية تحديدا) سيأخذ من رصيدها ويضاف إلى رصيد هذه المجالس، فنجد غالبية الوزارات لا تتعاون معها، وكأنها مجالس غير منتخبة وغير شرعية وقانونية! ويتناسى هؤلاء المسئولون «ان المجالس البلدية المنتخبة أكثر معرفة بالحاجات المحلية نظرا لالتصاقها بالسكان».

ثم نأتي إلى مرتكز أساسي ومؤثر في العمل البلدي، وهو ممارسات الأعضاء لدورهم باعتبارهم منتخبين من قبل الشعب، وحق من انتخبهم في مساءلتهم عن أعمالهم واعتبار «المواطن الفاعل جزءا من الدولة الديمقراطية»، فيتهرب الأعضاء عن أعين الناس، بل ولا يردون على المكالمات التي ترد من المواطنين، ولم يبق إلا أن يلبس «بعض الأعضاء» الغشاوي والبراقع ويمارسون الاختباء عن الأعين! ونقول: «إن لم تكن كَدها ايش لك إبها»، وإذا لم تكن أهلا للمسئولية، فلماذا تقدمت للانتخابات؟!

والأدهى والأمر هو ما يمارسه «بعض» الأعضاء المنتخبين، فبدلا من أن يراقبوا ويشرفوا ويتابعوا المشروعات التي تقع في نطاق اختصاصاتهم تجد أن بعضهم في حاجة إلى من يراقبه. فأحد الأعضاء يستخدم المال العام ويجري مكالماته الخاصة من هاتف العمل، بل ويقطع إجازاته الرسمية لكي يجري مكالماته، ويقوم آخر بتصوير مستندات خاصة بحملات (الحج والعمرة) في العمل، وآخر يغض الطرف عن مخالفات صريحة للقانون، كمخالفات السفن الآيلة للسقوط. نعم، توجد سفن آيلة للسقوط وتشوه المناظر الطبيعية، وتلوث البيئة، كل ذلك من أجل إرضاء الرموز الدينية ودغدغة مشاعر العوام، أو لإرضاء أصحاب السلطة والنفوذ كل ذلك يكون على حساب القانون، لأن العضو المنتخب لا يريد أن يزعل فلان أو علان. وعضو آخر يحاول بشتى الطرق إفشال عمل مجلس معين، سواء لحسابات شخصية أو حزبية. هذه بعض الملاحظات الأولية على تجربة البلديات، وللكلام بقية

إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"

العدد 619 - الأحد 16 مايو 2004م الموافق 26 ربيع الاول 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً