بينت وزارة التربية والتعليم عبر مذكرة عرضتها على مجلس النواب أسباب رفضها إنشاء مجلس أعلى للتربية والتعليم وجود أسباب دستورية واضحة لعدم القبول بالمجلس المقترح، فضلا عن الأسباب المالية، إضافة إلى أن المجلس سيسلب الوزارة اختصاصات وأعمال يومية تقوم بها حاليا «إذ إن جميع المهمات المقترحة للمجلس مغطاة بقرارات وزارية».
جاءت هذه المذكرة ردا على قرار لجنة الخدمات باستحداث مادة (الخامسة مكرر في قانون التعليم) تتعلق بإنشاء مجلس أعلى للتربية والتعليم جاء في نصها «انطلاقا من أن المنظومة التربوية تمثل محور التنمية الإنسانية المستدامة وأن الإصلاح التربوي مسئولية وطنية وجهد مجتمعي يتطلب ربطه بالمشروعات الاستثمارية وحاجات التنمية الاقتصادية وأنه لا يمكن تحقيق معدلات في التنمية والإنتاج من دون توافر نظام تربوي مرن ومتميز ينشأ مجلس يسمى المجلس الأعلى للتربية والتعليم يصدر به مرسوم ملكي وتعهد له عدة مهمات هي: إقرار الرؤى والاستراتيجيات والسياسات التربوية وربط التعليم بخطط التنمية واحتياجات المجتمع وتطلعاته وطموحاته المستقبلية، الارتقاء بمستوى التعليم وتحسين جودة مخرجاته في المراحل الدراسية المختلفة، اعتماد الأطر العامة لتطوير المناهج الدراسية بمفهومها الشامل، الارتقاء بمستوى التقويم التربوي وتحصيل أداء المتعلمين لتحسن مخرجات التعليم، وضع الأسس والمبادئ العامة لتطوير أداء المعلم في ضوء الأدوار المتوقعة منه في عالم متغير ومتابعة التنمية المهنية للمعلمين ولجميع العاملين في الحقل التربوي، متابعة عمليات رفع الكفاءة الانتاجية للمؤسسات التعليمية والتدريبية والإسهام في تحقيق الجودة الشاملة فيها، تطوير سياسات البحوث التربوية الميدانية ومتابعة نتائج المشروعات الريادية التي لها انعكاسات على السياسة التربوية، تحقيق المزيد من التكامل بين التعليم النظامي والتعليم غير النظامي وإقرار التجديدات التربوية في نهج وأساليب العمل في التربية المستمرة مدى الحياة، متابعة عمليات التنسيق بين التعليم والعمل واقتراح الصيغ العملية المناسبة لتنظيم برامج التعليم المتجدد، التنسيق بين التعليم ما قبل الجامعي والتعليم العالي بمستوياته المختلفة».
تداخل الاختصاصات
وأكدت الوزارة في تفصيلها للأسباب أن هنالك أمورا دستورية وقانونية تحول دون تكوين المجلس منها أنه «وفقا للمادة (47) من الدستور فإن مجلس الوزراء هو المختص بوضع السياسة العامة للحكومة ومنها السياسة العامة للتربية والتعليم في المملكة وبالتالي فإن إنشاء مجلس يسمى بالمجلس الأعلى للتربية والتعليم يختص بإقرار الرؤى والاستراتيجيات والسياسات التربوية يعنى التدخل في الاختصاصات الدستورية المحجوزة لمجلس الوزراء، إذ إن الرؤى والاستراتيجيات والسياسات التربوية هي من قبيل السياسة العامة للحكومة في مجال التربية والتعليم التي يختص بوضعها مجلس الوزراء بعد إعدادها بمعرفة الوزارة».
وأضافت الوزارة أن الوزير هو المسئول سياسيا عن أعمال الوزارة امام مجلس الشورى والنواب وفقا لاحكام المادة 66/أ من الدستور. وهو المنوط به تنفيذ السياسة العامة للحكومة في مجال وزارته وفقا للمادة (48) من الدستور، وعملا بمبدأ تلازم السلطة والمسئولية أن الوزير يقوم وبواسطة التنظيم الإداري للوزارة من قطاعات وإدارات ولجان بتنفيذ السياسة العامة للحكومة في المجالات التي تدخل في اختصاصات وزارته. ومن ثم فإن وزير التربية والتعليم هو الذي يتولى تنفيذ السياسة العامة للحكومة في مجال التربية والتعليم بمعرفة قطاعات وأجهزه الوزارة وهو المسئول سياسيا عن ذلك امام السلطة التشريعية وبالتالي لا يجوز نزع هذه الاختصاصات من وزارة التربية والتعليم ومنحها جهات خارج نطاق التنظيم الإداري لوزارة التربية والتعليم حتى لا تصطدم السلطة التشريعية بأنها لا تستطيع المساءلة عما يخص المجلس المقترح.
الطبيعة القانونية والكلفة المالية
وأشارت الوزارة إلى أنه «لم يبين النص المقترح الطبيعة القانونية للمجلس الأعلى المقترح إنشاؤه وهل ستكون له شخصية اعتبارية مستقلة عن وزارة التربية والتعليم؟ أم سيكون من ضمن قطاعات وإدارات التنظيم الإداري للوزارة؟ وفي حال منحه الشخصية الاعتبارية فسيكون له جهاز إداري يمارس اختصاصات مماثلة للاختصاصات التي تقوم بها الوزارة. كما أن هذه المادة المستحدثة تتعارض مع ما ورد في المادة الخامسة من النص الأصلي لمشروع القانون فيما تضمنه من توجيه إمكانات الوزارة البشرية ومواردها المادية لتحقيق أهداف السياسة التعليمية والتوجهات المستقبلية لتطوير التعليم إذ يتضح من مطالعة هذه المادة أنها تضمنت الاختصاصات والمهمات ذاتها الواردة في المادة الخامسة مكررا المقترحة».
وفيما يتعلق بالأسباب المالية قالت الوزارة «إن إنشاء جهاز إداري جديد تحت مسمى المجلس الأعلى للتربية والتعليم سيحتاج إلى قوى بشرية وإمكانات مالية جديدة وإلى إنشاء أجهزة إدارية معاونة له مثل أمانة عامة لهذا المجلس وهو ما يحتاج إلى تخصيص موازنة مستقلة خارج نطاق موازنة وزارة التربية والتعليم الأمر الذي يحمل موازنة الدولة أعباء مالية جديدة».
كما طرحت الوزارة أسبابا إدارية منها «أن الاختصاصات والمهمات الموكلة للمجلس الأعلى للتربية والتعليم المقترح إنشاؤه من اختصاص مجلس الوزراء ففيما يتصل باختصاص المجلس من إقرار الرؤى والاستراتيجيات والسياسات التربوية، وربط التعليم بخطط التنمية واحتياجات المجتمع وتطلعاته وطموحاته المستقبلية، فإن هذا الاختصاص يندرج في إطار السياسة العامة للحكومة في مجال التعليم ، والتي يختص بوضعها مجلس الوزراء بعد اعدادها بمعرفة الوزارة كما توجد الكثير من اللجان بالوزارة معنية بإعداد السياسات والبرامج والخطط التربوية، ومن ذلك ما تختص به لجنة التربية والتعليم بحسب القرار الصادر بالوزارة رقم 28/168-1/86 م بتاريخ 29/5/1986 بوضع البرامج والخطط لتنفيذ السياسة العامة للوزارة والتأكد من متابعتها، واقرار خطط الدراسة والمناهج، واقرار مشروع الموازنة السنوية للوزارة الى جانب اختصاصاتها الأخرى المبينة في لائحتها الـداخلية».
أهداف المجلس أهداف الوزارة
وبينت المذكرة «أن المادة الخامسة من المشروع الأصلي أوكلت الى الوزارة القيام بوضع الخطط التربوية للنهوض بالنظام التعليمي في إطار السياسة العامة للوزارة والتأكد من متابعتها، واقرار خطط الدراسة والمناهج، واقرار مشروع الموازنة السنوية للوزارة الى جانب اختصاصاتها الأخرى المبينة في لائحتها الداخلية وهو ما يناقض إعطاء الاختصاصات ذاتها لجهة أخرى».
وفيما يتصل باختصاص المجلس المقترح بشأن الارتقاء بمستوى التعليم وتحسين جودة مخرجاته في المراحل الدراسة المختلفة فإن هذا الأمر - وبحسب المذكرة - يعد من الأهداف الأساسية لوزارة التربية والتعليم وقطاعاتها ولجانها والجهات المختصة بها كافة وقد طرحت الوزارة الكثير من البرامج والمشروعات التطويرية من وثيقة الخطوط العريضة للرؤية التطويرية المستقبلية للتربية والتعليم في المملكة والتي وافق عليها مجلس الوزراء في 13/4/2003. وبناء عليه فإن الارتقاء بمستوى التعليم وعلى ما توضح سابقا هو من الأهداف الأساسية لوزارة التربية والتعليم.
وبشأن ما يتصل باختصاص المجلس المقترح باعتماد الأطر العامة لتطوير المناهج الدراسية بمفهومها الشامل، فإن هذا الاختصاص - بحسب المذكرة - محل اهتمام الوزارة إذ تختص اللجنة العليا للمناهج الدراسية المشكلة بحسب القرار الوزاري رقم 153/ و ك م هـ ت /2001 م بالموضوع ذاته.
وأكدت المذكرة أن لجنة تنفيذ ومتابعة الخطة المشتركة لتطوير مناهج التعليم المشكلة بقرار رقم 135/ و ك م هـ ت / 2001 م بتاريخ 18 يوليو/ تموز 2001 تختص بما أعطي للمجلس المقترح وهو أمر سيصبح متعارضا فيما إذا تم إقراره.
كما أن هذا الموضوع - بحسب الوزارة - يندرج في اختصاص ادارة المناهج بالوزارة وفقا للتنظيم الإداري الحالي للوزارة الصادر بالمرسوم رقم 1 لسنة 1997.
وعن اختصاص المجلس المقترح بالارتقاء بمستوى التقويم التربوي وتحصيل أداء المتعلمين لتحسين مخرجات التعليم فإن هذا الموضوع - حسبما جاء في رد الوزارة - يندرج في اختصاص ادارة المناهج إذ يوجد بها قسم خاص بالتقويم، كما أن الرؤية التطويرية المستقبلية للتربية والتعليم التي اعتمدها مجلس الوزراء 13/4/2003 تضمنت النص على انشاء مركز للقياس والتقويم، وبناء عليه تم اصدار قرار وزاري بتاريخ 25 يناير/ كانون الثاني 2003 بهذا الخصوص.
وفيما يتصل باختصاص المجلس المقترح بوضع الأسس والمبادئ العامة لتطوير أداء المعلم في ضوء الأدوار المتوقعة منه في عالم متغير، ومتابعة التنمية المهنية للمعلمين ولجميع العاملين في الحقل التربوي، فإن ذلك محل اهتمام الوزارة إذ تضمنت الرؤية التطويرية المستقبلية للتربية والتعليم اعداد كادر جديد للمعلمين، وتفضل رئيس الوزراء بأمره بالتنفيذ الفوري لكادر المعلمين، وسيمنح هذا الكادر فرصة جديدة في التنمية المهنية وبالتالي سيكون التمهين ركيزة أساسية من الركائز التي يقوم عليها، فضلا عن أن هذا الاختصاص يدخل ضمن اختصاصات ادارة التدريب بالوزارة».
وعن اختصاص المجلس بمتابعة عمليات التنسيق بين التعليم والعمل، واقتراح الصيغ العملية المناسبة لتنظيم برامج التعليم المتجدد قالت الوزارة إنها مهتمة بهذا الموضوع وهو ما يتضح من عدد من الأمور منها أنه «بتاريخ 25/11/2000 أصدر وزيرا التربية والتعليم والعمل والشئون الاجتماعية القرار رقم 24 لسنة 2000 بتشكيل لجنة مشتركة بين الوزارتين تسمى (اللجنة التنسيقية بين وزارة التربية والتعليم ووزارة العمل والشئون والاجتماعية في مجال سوق العمل وتدريب العمالة الوطنية) برئاسة وكيلي الوزارة في الوزارتين. وتختص هذه اللجنة بوضع آليات لربط مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل من أجل توظيف الخريجين وتدريب العمالة الوطنية و متابعة التغيرات الهيكلية في القطاعات الاقتصادية في البلاد والاستفادة منها في عمليه تطوير التعليم الفني».
وأضافت الوزارة «بتاريخ 14 مارس/ آذار 2004، أصدر وزير التربية والتعليم قرارا وزاريا، بتشكيل فريق عمل لإعداد دراسة مقارنة عن النظم التعليمية العالمية المتطورة للتعليم الفني والتدريب المهني، تهدف الوزارة من خلالها للتنسيق مع وزارة العمل والشئون الاجتماعية للاعداد لمشروع وطني للتعليم والتدريب الفني وهو ما يؤكد اهتمام الوزارة بالمجال المذكور في المادة المقترحة». وأكدت الوزارة أنه توجد لجنة مشتركة بين الوزارة وجامعة البحرين تم تشكيلها بالقرار الوزاري رقم 161/و ك /97 بتاريخ 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 1997 تعنى باختصاص المجلس المقترح بالتنسيق بين التعليم ما قبل الجامعي والتعليم العالي ذاته بمستوياته المختلفة
العدد 619 - الأحد 16 مايو 2004م الموافق 26 ربيع الاول 1425هـ