في مقابل التحالف الرباعي الذي برز مع الاختلاف في المواقف وظهر جليا في الانتخابات النيابية الماضية، ظهرت حال أخرى مقابلة لهذا التحالف تمثلت في التعاون الثنائي بين جمعية المنبر التقدمي وجمعية الوسط. وإذا كان البعض يعتقد أن التحالف الرباعي قد انتهج الإقصاء ونفي الآخر في ممارساته السياسية، فإن هذا الطرح يكون صحيحا إذا ما قورن بأداء المنبر والوسط، وطبيعة العلاقة التي تربط الطرفين (التحالف الرباعي، والمنبر والوسط) في هيئة التنسيق السداسية.
هذا التباين في الأداء خلق مفهوما داخل النظام السياسي، إذ أصبح من المتعارف عليه أن التحالف الرباعي يشكل المعارضة. أما بقية الجمعيات فلم يتم تصنيفها بعد، بل وصمت في أحايين عدة بأنها جمعيات موالية للسلطة، أو انها جمعيات طائفية تسعى إلى مصالح ذاتية.
ودفع الواقع السياسي الجمعيتين إلى اتخاذ مسالك سياسية واضحة، تمثلت في إصدار الكثير من البيانات الثنائية المشتركة بشأن عدد من القضايا والمسائل السياسية، وانسحابها المشترك لاحقا من المشاركة في المؤتمر الدستوري. وهي ظاهرة جيدة للغاية لأنها تضمن تعزيز تحقيق مزيد من التعاون بين مختلف القوى السياسية بعد عدم نجاحها في توسيع عضوية التجمع السداسي، والإخفاقات التي يواجهها منذ يناير/كانون الثاني الماضي.
الأهم في علاقة «المنبر الوسط» الجهود التي تبذلها قيادات هاتين الجمعيتين في سبيل الخروج من الأزمة الدائرة حول العريضة الدستورية. فيحسب لهما القيام بالمبادرة الثنائية التي نأمل أن تحظى بقبول جماعي لدى جميع القوى السياسية والسلطة.
لسنا بصدد الإشادة بتوجهات الجمعيتين، وإنما نسعى إلى توضيح علاقة الفكر العقلاني وكيفية التعامل الواقعي مع المستجدات الراهنة. فأهمية المبادرة الثنائية تظهر في المبادئ (17) التي طرحتها أمام جميع القوى السياسية، وأبرزها ما قدمته من مرجعيات ثلاث تتضمن الدستورين 1973 و2002 وميثاق العمل الوطني. بالإضافة إلى الدعوة لعقد مؤتمر وطني يضم ممثلين عن الجمعيات السياسية وأعضاء المجلس الوطني بغرفتيه، ومؤسسات المجتمع المدني، والاتحاد العام لنقابات عمال البحرين، والاتحاد النسائي، وغرفة تجارة وصناعة البحرين.
قد تكون المبادرة الثنائية هي الأفضل حاليا بعد حال الشد والجذب. إلا أن مثل هذه القضية هل تحظى بالنظر والدراسة - على الأقل - من جمعيات التحالف الرباعي أو السلطة؟
العدد 618 - السبت 15 مايو 2004م الموافق 25 ربيع الاول 1425هـ