يجتمع إعلاميون وكتاب صحافيون وباحثون عرب وألمان في أبوظبي اليوم لتداول مختلف وجهات النظر التي تؤثر على التغطيات الإعلامية في وسائل الإعلام العربية والغربية المكتوبة والمسموعة والمرئية.
واختارت وزارة الخارجية الألمانية أبوظبي نظرا إلى احتضان الإمارات عددا من الفضائيات العربية والأجنبية الكبرى، بالإضافة إلى تطور صناعة الإعلام العربية فيها. ويسعى المؤتمر إلى تقريب وجهات النظر بين المؤثرين على الرأي العام العربي والألماني. الحوار الإعلامي الألماني - العربي يبدأ في أبوظبي اليوم
يبدأ في أبوظبي اليوم مؤتمر «الحوار الإعلامي الألماني - العربي» الذي تنظمه وزارة الخارجية الألمانية بالتعاون مع مركز الإمارات للدراسات والأبحاث الاستراتيجية تحت عنوان «ثقافات الإعلام وتحديات العولمة».
وقد خطط ونظم المؤتمر معهد العلاقات الخارجية الألماني في شتوتغارت ويجمع صحافيين وباحثين وسياسيين في ألمانيا والبلدان العربية بهدف تقريب وجهات النظر بشأن عدد من القضايا المتعلقة بالشرق الأوسط.
إلى ذلك، قالت المسئولة في معهد العلاقات الخارجية الألماني باربرا كونرت: «إن برنامج الحوار الإعلامي يهدف إلى تبادل وجهات النظر بين المؤثرين على الرأي العام الألماني والعربي، ويشمل ذلك طريقة تناول الأخبار والتحليلات والمصطلحات المستخدمة التي تستبطن معاني مختلفة تنبع من اختلاف جذري في وجهات النظر والثقافات». وقالت: «إن الاختلاف ازداد بعد حوادث 11 سبتمبر/ أيلول 2001 الإرهابية وظهور منافسة عربية في الفضائيات لمجال كانت تسيطر عليه شبكات الأخبار الأميركية والأوروبية، ولذلك فقد قررنا أن نناقش الإعلام والثقافة في أجواء العولمة وكيف تتأثر طريقة طرح الأخبار بالثقافة ووجهات النظر المختلفة».
وقالت كونرت: «إن منطقة الخليج تشهد نهوض قاعدة جديدة لوسائل الإعلام العربية مثل «الجزيرة»، والبعض يطلق على دبي اسم «دوليوود»، تنويها بدورها كمركز تجاري يحتضن هذا الجيل الحديث من وسائل الإعلام العربية التي أصبحت مصدرا للمعلومات جديرا بالثقة ويُعتمد عليه من وجهة نظر مختلف وسائل الإعلام الغربية، ويتضح ذلك من الكثير من الاقتباسات والاستشهادات من البرامج العربية في الإعلام الغربي، ما يوحي بشق ثغرات في احتكار محطات التلفزيون الأميركية والأوروبية لنشر الأخبار عن النزاعات في الشرق الأوسط والأدنى، ويفضي إلى تأثير لا يُستهان به على الرأي العام في قضايا العلاقات الدولية».
وأضافت «لكن الجانبين، الإعلام العربي الجديد والإعلام الغربي، يطرحان رؤيتهما الذاتية (المنحازة) للنزاع، على خلفية من تراثهما الثقافي المختلف، وتؤدي الرؤى المتباينة أحيانا إلى احتكاكات بين الثقافات المتعددة. فكثيرا ما تتهم وسائل الإعلام العربية والغربية نظيرتها بأنها تسمح لحكومتها بأن تتلاعب بها لكي تقوم بدور العلاقات العامة لسياستها». وقالت: «إن النتائج العلمية لعلم الأنثروبولوجيا توحي بأن الثقافات (الحضارات) في العالم أجمع تنحو إلى الاختلاف في نظمها التواصلية، على رغم الاتصال الدائم بينها. فكل معلومة سواء في التواصل الفردي أو الجماعي مشروطة بالثقافة. فالمعلومة الواحدة في حد ذاتها ملتبسة، ولا تكتسب معناها إلا في سياقها الثقافي. فالسياقات الثقافية وأنظمة التواصل المتباينة تحدد مقاييس مختلفة، تتحرك أجهزة الإعلام الخاصة بها في إطارها. فلا تتعامل وسائل الإعلام العربية الحديثة والإعلام الغربي في داخل فضاء ثقافي مغلق تماما وإنما في السياق الثقافي الذي ينتمي إليه كل منها، وتوظف نظم التواصل الخاصة بجمهورها المستهدف. فقيم أخبارها ومعاييرها واختيارها ترتكز على سياقية الموضوع».
يبدأ اليوم في أبوظبي مؤتمر للإعلاميين الألمان والعرب، لمناقشة دور الإعلام العربي والغربي في التأثير على ما يجري في الشرق الأوسط. فأخبار الشرق الأوسط لم تعد أخبارا محلية، وإنما هي أخبار دولية... الخبر الفلسطيني دولي، والخبر العراقي دولي، والخبر الخليجي دولي. ومن رحم الأزمات المتكررة في منطقتنا نشأت وسائل إعلام عربية تنافس الوسائل الغربية في قوتها وقدرتها على إيصال هذه الرسالة أو تلك.
قديما كنا نتابع إذاعة الـ «بي بي سي» فقط، وبعد ذلك جاء دور فضائية الـ «سي إن إن»، وكانت هذه الوسائل تنفرد بالخبر والتحليل. أما اليوم فمقابل الـ «سي إن إن» والـ «بي بي سي» لدينا «الجزيرة» و«العربية» و«أبوظبي»، ومقابل الصحف الدولية الكبرى لدينا صحافة عربية أيضا، استطاعت التأثير على مجريات الأمور بشكل واضح. وأخيرا كانت الصحافة العربية هي المسئولة عن تراجع الولايات المتحدة قليلا عن مشروعها الأحادي الجانب الذي أطلقت عليه اسم «الشرق الأوسط الكبير».
الإعلام العربي أصبح جزءا رئيسيا من الإعلام الدولي في الفترة الأخيرة، وأصبح الصراع إعلاميا في كثير من الأحيان، وهو الأمر الذي اضطر أميركا إلى تدشين إذاعة «سوا» ومحطة «الحرة»، للرد على الإعلام العربي الذي تتهمه بأنه «مؤدلج» ضد المفاهيم التي تود الولايات المتحدة نشرها.
وزارة الخارجية الألمانية - ولإدراكها أهمية الموضوع - جمعت عددا غير قليل من الإعلاميين العرب والألمان في أبوظبي لتحاورهم بشأن أساليب التغطية الإعلامية المختلفة التي بدأت تؤثر على الدبلوماسية الدولية والإقليمية والمحلية. واختيار أبوظبي ليس من دون سبب، فهي تحتضن المحطة الفضائية «أبوظبي» وهي قريبة من دبي التي تحتضن «العربية» و«إم بي سي» و«سي إن بي سي العربية» وغيرها من وسائل الإعلام. تضاف إلى ذلك محطة «الجزيرة» التي تبث برامجها من الدوحة بنهج أثر كثيرا على مجريات الأمور.
لقد أثبتت «الصورة» المرسلة على الفضائيات قوتها، بل وقيادتها للحدث السياسي، وهذا ما نشهده في فضيحة سجن «أبوغريب»؛ فلولا وجود الفضائيات لما تحرك الرأي العام ولما حصلت الفضيحة من الأساس، فالكتابة في بعض الأحيان لا يمكن أن تعوض ما تقوله صورة واحدة.
المصطلحات التي تستخدمها الإعلاميات العربية تختلف عن تلك التي تستخدمها الإعلاميات الغربية؛ فالعمليات قد تكون «انتحارية» بالنسبة إلى الغرب، ولكنها «استشهادية» بالنسبة إلى العرب، والمناضلون الفلسطينيون «إرهابيون» في نظر بعض وسائل الإعلام الغربية، وهم «فدائيون» يدافعون عن الوطن في نظر الإعلام العربي، والوجود العسكري في العراق «احتلال» في نظر العرب، وهو «تحرير» في نظر الأميركان، وعدد من الدول الإسلامية تصنفها أميركا ضمن «محور الشر»، وأميركا تحصل على التصنيف نفسه من عدد من وسائل الإعلام العربية والإسلامية.
الحوار الغربي - العربي إعلامي بالدرجة الأولى بعد أن فقدنا قدراتنا الدبلوماسية والاقتصادية والسياسية. فنحن أمة أجدنا الحديث، وحديثنا ربما يكون مملا في كثير من الأحيان، ولكن يبدو أن هذا الحديث هو السلاح الوحيد المتبقي لنا في عصر العولمة. فلعلنا لو أحسنا استخدامه نستعيد قدراتنا الأخرى
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 618 - السبت 15 مايو 2004م الموافق 25 ربيع الاول 1425هـ