السياسة ليست لعبة لكل الناس... السياسة لا يدخل فيها إلا اللاعبون المحترفون... السياسة لعبتها بحر غزير وكبير جدا، يحتاج من يدخل فيها إلى أن يكون سبّاحا ماهرا وشديد البأس حتى يعبر بسلام إلى المكان المقصود... ولابد أن يكون بحارا وغطاسا متمرسا يغوص في بحر السياسة ويأتي منه محملا باللؤلؤ والقماش... أما الإنسان الهاوي فلا يملك أية إمكانية لعبور بحر السياسة الكبير بسلام «احتمال كبير أن يتعب ويغرق في نصف المسافة». ولا هو غطاس ماهر فكل ما يجلبه عند غطسه في بحر السياسة حصى وتراب... وموضوعنا اليوم يتكون من حلقتين: حلقة زوبعة في فنجان اليوم، وحلقة أسمع كلامك أصدقك... أشوف عمايلك أستغرب غدا... اليوم راح نتكلم عن الزوبعة التي أثارها مجلس النواب في فنجان صغير لا يصلح حتى لشرب القهوة... والاخوان في المجلس المعني - وأرجو ألا يزعلوا مني - دخلوا السياسة من باب الهواية وليس من باب الاحتراف، ويريدون مناطحة ومناقشة خبراء حريفين عملوا في هذا البحر سنين طويلة واكتسبوا الخبرة والمعرفة الكافية... وعلى قول الأخ الكريم الذي يكتب في الرياضة «الحبايب» أعضاء مجلس النواب أثاروا قضية التجاوزات والاختلاسات والإهمال المقصود في التأمينات الاجتماعية وصندوق التقاعد ولم يتمكنوا من معرفة الطريقة الصحيحة لإنهائها... وقد كان من المفترض أن تنتهي هذه القضية بطرح الثقة في الوزراء المعنيين ومحاكمة جميع المتسببين، ولكن مع الأسف عدم حرفنة النواب أضاعت هذه القضية وجعلتها مهاترات فقط ولا تصلح حتى للنشر... لقد ابتدأ مجلس النواب بداية صحيحة في كشف القضية. وسلمت في بادئ الأمر إلى لجنة التحقيق... والحق يقال إن رئيس لجنة التحقيق «حريف» بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى... فعملت اللجنة بكل اقتدار ووزعت المهمات فيما بينها، وانتدبت مكتب خبرة دوليا في المحاسبة ساعدهم بالأرقام الصحيحة لكل صغيرة وكبيرة من تجاوزات وإهمال مقصود واختلاسات في بعض الاستثمارات... وضع معهم الأسئلة الصعبة التي من المفترض أن يكون الجواب عليها تهمة خطيرة... وهذا عمل صحيح وجيد... وعلى هذا الأساس رأينا جميعا كم كانت قوية تلك الجلسات التي بثها تلفزيون البحرين «قناة العائلة العربية» بعد انتهاء لجنة التحقيق من تسليم تقريرها إلى رئيس مجلس النواب... لقد كان النواب يتكلمون بكل ثقة وبقوة ومسنودة ظهورهم على قوة التقرير ومدى ما جاء فيه من حقائق وما صاحبها من إثباتات... أتى التقرير قويا فجاءت المناقشات والمداخلات قوية جدا... وجاء صوت النواب... فمنهم من زبد وجلجل القاعة بصوته الجهوري ومنهم من تهكم على وزير العمل لعدم معرفته بمكان بناية تجارية تابعة لسلطته وتم بيعها بأقل من نصف سعرها في السوق ومنهم من أخذ على عاتقه رواية قصة خرافية عن زبرآباد وسلماباد ومنهم من طلب فقط عودة الدنانير المهاجرة إلى أعشاشها. وانتهت هذه الجلسات العاصفة بالتصويت على استجواب الوزراء المعنيين. واستبشرنا خيرا بذلك فالاستجواب يعني مسئولية كل شخص عن كل ما يقع تحت سلطته... والاستجواب يعني أن هناك محاسبة لكل مسئول تسول له نفسه التلاعب أو تجاوز صلاحياته... هذا ما فهمناه... ولكن ماذا حصل بعد ذلك؟ هذا ما سنعرفه غدا، والذي أعتقده أنا شخصيا تيتي تيتي محل ما رحتي جيتي
إقرأ أيضا لـ "سلمان بن صقر آل خليفة"العدد 617 - الجمعة 14 مايو 2004م الموافق 24 ربيع الاول 1425هـ