العدد 617 - الجمعة 14 مايو 2004م الموافق 24 ربيع الاول 1425هـ

الأردن يؤكد أن نهج اعتدال السعودية قادر على دحر المؤامرات الإرهابية

حسين دعسه comments [at] alwasatnews.com

أكد المحللون السياسيون ان الحديث عن العلاقات الأردنية السعودية في هذه الظروف الإقليمية والدولية الراهنة يكتسب أهمية اضافية وخصوصا في ظل ما تتعرض له المملكة العربية السعودية من حملات اعلامية ظالمة وما يتعرض له أمنها الوطني من تفجيرات إرهابية تفوح منها رائحة الدعم الخارجي الذي يقصد منه ارباك المملكة، ودفعها للتخلي عن مواقفها الوطنية والقومية المعروفة وفي مساندتها لاشقائها من العرب والمسلمين في محنتهم ووقوفها في مقدمة الصفوف لدعم الدول والشعوب التي تتعرض لمحن وهزات وظروف استثنائية. وهي في الوقت نفسه تقدم اقصى ما لديها من طاقة وامكانات لخدمة الإسلام والمسلمين.

وما يشكله الأردن والسعودية من اعتدال ووسطية وحكمة بحسب التحليل السياسي لصحيفة «الرأي» الأردنية في التعاطي مع المتغيرات الدولية وفي استيعاب الاستحقاقات والكلف الباهظة التي تفرضها تأثيرات العولمة وثورة الاتصالات وقدرة الاطراف الخارجية على الاتصال أو التغرير بالجماعات المتطرفة التي توجد في المجتمعات الاسلامية واستغلال ميل هذه الجماعات للعنف والإرهاب وسفك الدماء زاد من عداء وحقد الاطراف المعادية للاسلام والعروبة على هذا الدور الذي ينهض به البلدان وقيادتهما الرافضة لأساليب المغامرة والإرهاب واصرارهما على الدفاع عن الثوابت الوطنية والقومية ودعوتهما للحوار وثقافته ورفضهما لتصادم وصراع الحضارات لأن ما يجمع البشرية اكثر مما يفرقها ما دامت الاطر الإنسانية والاخلاقية ومعايير العدالة واحترام حقوق الإنسان والقانون الدولي وعلاقات حسن الجوار هي التي تحكم السلوك والعلاقات الدولية.

من هنا يمكن فهم واستيعاب المعاني العميقة - تقول الرأي - الذي ينهض عليها الدعم الأردني غير المحدود للاشقاء في المملكة السعودية والاستعداد الذي عبر عنه الملك عبدالله الثاني في برقيته للقيادة السعودية لتقديم كل ما يلزم ووضع الامكانات الأردنية تحت تصرف الاخوة في السعودية والادانة الحاسمة للتفجيرات الإرهابية التي طالت المراكز السكانية والتجمعات الآمنة في بعض المدن السعودية إذ تتكشف الخيوط عن ارتباطات مشبوهة وخارجية للجماعات الإرهابية التي تتلقى الدعم المالي واللوجستي لتخريب الاستقرار والأمن الذي عرفت به السعودية طوال عقود طويلة.

ولعل عمق وتجذر العلاقات الأردنية السعودية وصمودها امام العواصف والمحن التي ميزت المشهد الاقليمي طوال نصف القرن الماضي تؤكد أنها بنيت على أسس متينة وثقة غير محدودة واحترام متبادل كانت السعودية وقيادتها تقف على الدوام إلى جانب الأردن في تقديم الدعم والعون المادي والمعنوي الذي كان يأتي في توقيت صحيح وفي صمت وبلا ضجيج أو شعارات. وهو الأسلوب والنهج الذي شكل انموذجا في العلاقات العربية - العربية حتى في اكثر ظروف الاضطراب الإقليمي وهبوب غيوم الانقلابات والاصطفافات والتحالفات بين هذه العواصم العربية أو تلك وبقيت علاقات عمّان والرياض متينة وصامدة وتزداد قوة وتماسكا يوما بعد يوم على قاعدة التفهم والتفاهم وحل أية اشكالات عابرة في أخوية وهدوء وصراحة وانفتاح.

الهجمة الإرهابية على السعودية هي في اطارها وابعادها هجمة تطال الأمن والاستقرار في الأردن بالدرجة والقوة نفسها التي يتوافر عليها إرهاب المجموعات الإرهابية والذي لن يحصد في النهاية غير الفشل والخيبة والاندحار كما كان الحال مع احباط تفجيرات الإرهابيين في عمّان بفضل يقظة الأجهزة الأمنية. ونحن في الأردن إذ نؤكد على وقوفنا ودعمنا غير المحدود للأشقاء في السعودية ندعو كل ذي عقل إلى ان يتأمل في الأهداف الخبيثة والدنيئة التي تقف خلف هذه الحملة المنسقة والمشبوهة والمنخرطة فيها اطراف تبدو متنافرة على السعودية وتحديدا منذ الهجمات على نيويورك وواشنطن، ليكتشف ماذا يريدون من هذا البلد العربي المسلم الذي سيحبط مؤامراتهم ويرد كيد الاعداء...

الى ذلك قال رئيس وزراء الأردن السابق فايز الطراونة: «شاهد الأردنيون، والكثير في هذا العالم، بدهشة واشمئزاز وقلق فصلا جديدا من فصول الإرهاب المجرم، فقد بث التلفزيون الأردني اعترافات الإرهابيين الذين كادوا يحدثون مجزرة في مدينة عمان قدرت ضحاياها، فيما لو نفذت، بعشرات الألوف من المواطنين الآمنين، وقد استخلص احد المعترفين القول إنه لو قضى في تلك العملية لكان شهيدا ودخل الجنة! فأية شهادة تلك التي اصبح مفهومها يباع ويشترى وهي لله وحده جلت قدرته. فماذا عملت عمان والمملكة الأردنية ليستهدفا بهذا الحقد وهذه الضغينة...؟! ماذا في الأردن أيها الحاقدون المارقون على الدين والإنسانية والمروءة؟ أجديد ان يستهدف الأردن؟

وذهب الطراونة إلى القول: «قدم الأردن قربانا للمسجد الاقصى، الملك الشهيد المؤسس عبدالله الأول الذي حرر الاقصى في حرب (48) ثم قضى في محرابها وهو محررها وهو الذي أخرج الأردن، الأرض العربية، من وعد بلفور وأعطاها الاستقلال فأصبحت حرة عربية، وهو الذي وهب الأمة وحدة بين ضفتي نهر الأردن لتكون اول وآخر وحدة عربية لم يسجل التاريخ العربي المعاصر مثلها.

والملك الهاشمي الشاب عبدالله الثاني بن الحسين على خطى والده يجول في كل الاتجاهات يحمل الصوت الفلسطيني والصوت العراقي، يرفض الاحتلال ويسعى لايصال الصوت الفلسطيني المعزول والصوت العراقي المقهور... ما انفك يدعو باعلى صوته، بعد أن تيقن من واقع الأمة وقدراتها المتردية وواقع المحتلين وقدراتهم المتعالية، يردد الصوت الفلسطيني والعراقي بأن لا سبيل الا بانتهاء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين والاحتلال الأميركي للعراق.

ومن هم الأردنيون؟ إنهم الناس الذين احتضنوا المهاجرين من فلسطين منذ نكبتهم وتقاسموا معهم لقمة العيش والهم والأمل. إنهم الذين لم تخل عشيرة منهم من شهيد من أجل فلسطين. إنهم الذين لم يبخلوا بدم ولا مال من أجل الجزائر والسودان وفلسطين والعراق. وهم الذين وظفوا السلام مع «إسرائيل» لايصال الدم والدواء والغذاء للاهل المحاصرين في فلسطين عبر الجسور المفتوحة، وليس لها ان تبقى مفتوحة الا بالمحافظة على هذا السلام وهم الذين تقاسموا السراء والضراء مع اشقائهم العراقيين في محنة المقاطعة والحرب طوال عقد ونصف من الزمان.

ويصيح الطراونة متعجبا: «الله اكبر كم في الخلق من عجب... وكيف يصير الجهاد بين دائرة المخابرات العامة ورئاسة الوزراء استشهادا في سبيل الله يقتل عشرات الألوف من المسلمين والآمنين في بيوتهم».

ويختتم الطراونة: «إذا ظن الذين استمروا القتل ان الأردن لقمة سائغة سهلة المنال فهم واهمون، نعم قدر الأردن الاستهداف لكنه يقظ لاستهداف جنود الظلام وهو عصي على التآمر لأن الله حباه قيادة حكيمة وأجهزة أمنية محترفة واعية»

العدد 617 - الجمعة 14 مايو 2004م الموافق 24 ربيع الاول 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً