العدد 617 - الجمعة 14 مايو 2004م الموافق 24 ربيع الاول 1425هـ

رد العريّض سابقة في التخاطب بين السلطات

التراشق بين الطرفين يستمر... الظهراني:

وصف رئيس مجلس النواب خليفة أحمد الظهراني، التصريح الأخير لوزير العدل جواد سالم العريض بالـ «سابقة غير المألوفة في التخاطب بين السلطات»، وقال: «إن الدستور واللائحة الداخلية لمجلس النواب حددا أسلوب الاتصال والتخاطب والتعاون بين مجلس النواب والحكومة، وليس من بين هذه الأساليب والوسائل التخاطب بين السلطات عبر الصحف».

وكان الوزير العريض أدلى للصحافة المحلية بتصريحات تعبر عن وجهة نظره التي لم يسمح مجلس النواب له بإبدائها بعد تصويت النواب بالموافقة على اقتراح بقانون بشأن فصل النيابة العامة عن وزارة العدل.

ذلك في الوقت الذي وصف النائب القانوني فريد غازي السجال بين السلطتين التنفيذية والتشريعية عبر الصحافة بأنه «ظاهرة صحية»، وقال: «إن ذلك دليل على أن «صاحبة الجلالة» (الحافة) أصبحت ملاذا للآراء الحكومية وغيرها».

وفيما يخص تقييم الموقف قانونيا، قال غازي: «عندما لم يعط الرئيس الفرصة للحكومة بالكلام، فإن ذلك راجع إلى أنه لجأ إلى أحكام اللائحة الداخلية التي أعطته الحق برفض مداخلة الحكومة، وما لا يدركه مستشارو الحكومة هو أن اللائحة الداخلية قيدت الكثير من النصوص الدستورية - بما فيها نص المادة (93) - التي احتمى بها وزير العدل».

وعن تزايد الاصطدام بين الحكومة ومجلس النواب أخيرا وفي مرات متعددة، فسر غازي ذلك بأن «من بين ظهراني مستشاري الحكومة من يفسر النصوص على مزاجه أو مزاج الوزير المختص، ويبدي استشارة قانونية لا قيمة لها لكونها ليست لها علاقة بالقانون أو لها بعد سياسي واجتماعي للمملكة»، مبديا أسفه أن من يأتي بهذه الاستشارات هم ممن «لا يكترثون بمصير العمل البرلماني ولا يهتمون به، وإنما يهتمون بوزيرهم وعوائدهم المادية».


الظهراني يرد على العريض:

المجلس من رفض طلب تعليق وزير العدل وليس الرئيس

القضيبية - مجلس النواب

استمر السجال الصحافي بين مجلس النواب ووزارة العدل وذلك على خلفية منع وزير العدل جواد سالم العريض من التعليق على قرار مجلس النواب بفصل النيابة العامة عن وزارة العدل في جلسة النواب التي حضرها الوزير الثلثاء الماضي... وكان الوزير العريض استخدم الصحافة المحلية للتعبير عن وجهة نظره التي لم يسمح مجلس النواب له بإبدائها بعد التصويت على الموضوع في تلك الجلسة، إذ يأتي تصريح رئيس مجلس النواب خليفة الظهراني على خلفية تلك التصريحات التي أدلى بها الوزير أخيرا.

وجاء في رد الظهراني «أن وزير العدل قدم طلبا كتابيا لرئيس مجلس النواب يطلب فيه التعليق على موضوع الاقتراح بقانون ورفض المجلس هذا الطلب وليس رئيسه، وعقب التصويت من المجلس على الاقتراح بقانون بالموافقة عليه طلب وزير العدل التعليق، ما يخالف أحكام المادة (81) من اللائحة الداخلية لمجلس النواب، وذهب وزير العدل في مقاله المذكور إلى أن المادة 95 من اللائحة لم تنص على عدم المناقشة، في حين أنه كان يتعين عليه أن يضع في حسابه أنها لم تنص في الوقت ذاته على المناقشة، والثابت أنه لا اختصاص ولا سلطة إلا بنص، إذ لو أخذ بمنطقه لصار مجلس النواب يختص بأمور كثيرة لم تنص عليها اللائحة الداخلية لمجلس النواب».

وأضاف الرد «أن مقال وزير العدل سالف الذكر يعد سابقة غير مألوفة في التخاطب بين السلطات، إذ إن الدستور واللائحة الداخلية لمجلس النواب حددا أسلوب الاتصال والتخاطب والتعاون بين مجلس النواب والحكومة الموقرة وليس من بين هذه الاساليب والوسائل التخاطب بين السلطات عبر الصحف».

وقال البيان «إن مجلس النواب وهو المجلس المنتخب - وفقا لأحكام الدستور من شعب البحرين صاحب السيادة ومصدر السلطات جميعها وفقا لحكم المادة (1 / د) من الدستور - تعرض لإساءة بالغة من وزير العدل وهو - وزير في الحكومة الموقرة، عندما قرر أن ما حدث من مجلس النواب يعد مخالفة دستورية صارخة ومخالفة للائحة الداخلية لمجلس النواب، إذ ليس من حق أي فرد - أيا كان - أن يتهم سلطة معينة بمخالفة الدستور والقانون على صفحات الصحف، وإنما يكون ذلك عبر الوسائل الدستورية والقانونية التي حددها دستور مملكة البحرين، ومن المؤكد أنه ليس من بينها أن يتهم فرد أيا كان سلطة معينة عبر صفحات صفحات أنها خالفت الدستور والقانون».

وأكد «أن مجلس النواب ورئيسه يباشر اختصاصاته وفيما يجرونه من مناقشات وفق أحكام الدستور وقانون مجلسي الشورى والنواب واللائحة الداخلية للمجلس».

وقال البيان «إنه كان على وزير العدل أن يضع في حسبانه أن هناك فرقا كبيرا بين نظر الاقتراح بقانون وبين مناقشة المشروع بقانون الذي نظمته المواد (95) و(103) و(104) و(105) و(106) و(107) و(108) من اللائحة الداخلية لمجلس النواب».

وأوضح «أن وزير العدل قدم طلبا كتابيا لرئيس مجلس النواب يطلب فيه التعليق على موضوع الاقتراح بقانون ورفض المجلس هذا الطلب وليس رئيسه، وعقب التصويت من المجلس على الاقتراح بقانون بالموافقة عليه، طلب وزير العدل التعليق، بالمخالفة لأحكام المادة (81) من اللائحة الداخلية لمجلس النواب، وأن وزير العدل ذهب في مقاله المذكور إلى أن المادة 95 من اللائحة لم تنص على عدم المناقشة، في حين أنه كان يتعين عليه أن يضع في حسبانه أنها لم تنص في الوقت ذاته على المناقشة، والثابت أنه لا اختصاص ولا سلطة إلا بنص، إذ لو أُخذ بمنطقه لصار مجلس النواب يختص بأمور كثيرة لم تنص عليها اللائحة الداخلية لمجلس النواب».

وبين البيان أن مقال وزير العدل تناول عدة نقاط تتضمن ثلاثة أمور:

(الأمر الأول): يتصل بلجنة الشئون التشريعية والقانونية ويتعلق بادعاء مخالفة قانونية منسوبة إلى اللجنة الموقرة.

(والأمر الثاني): أن مجلس النواب ممثلا في رئاسته لم يُتح الفرصة للحكومة لتعرب عن وجهة نظرها في الموضوع بل ومنعتها تماما من ذلك بالمخالفة الدستورية الصريحة للمــادة (93) مــن الدستــور التي تجيز في جميع الأحوال لرئيس مجلس الوزراء وللوزراء حق حضور جلسات مجلس الشورى ومجلس النواب على أن «يستمع إليهم متى طلبوا الكلام».

(والأمر الثالث): تعرض المقال لتفسير المادة 95 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب مضيفا أن المادة المذكورة لا يمكن بأي حال أن تضع قيدا أو شرطا على نص المادة 93 من الدستور، وانتهى هذا المقال إلى أن ما حدث بمجلس النواب في جلسته بالأمس يعد مصادرة غير مسبوقة لحق الحكومة في إبداء وجهة نظرها من دون سند، ومخالفة دستورية صارخة، فضلا عن أنه ينطوي أيضا على مخالفة للائحة الداخلية لمجلس النواب ذاته وخصوصا المادة (54)، التي تنص على عدم تقيد الوزراء بترتيب من يطلبون الكلام، وأن لهم الحق دائما في أن يتكلموا كلما طلبوا ذلك.

وردا على ما جاء في هذا المقال فإن مجلس النواب يورد الوقائع المتعلقة بهذا الموضوع والقواعد الدستورية والقانونية المتعلقة بهذه الوقائع وذلك على النحو الآتي:

(أولا): أن ما جاء في هذا المقال مقررا أن لجنة الشئون التشريعية والقانونية أعدت تقريرهــا من دون دعــوة الحكــومــة ولا الوزيــر المختص وهو وزير العدل إلى إبداء الرأي فيه يتضمن مخالفة لأحكام القانون، فحقيقة الأمر أن ما جاء في هذا المقال بخصوص هذا الموضوع هو الذي يتضمن مخالفة وخروجا على أحكام القانون، إذ إن المادة 36 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب تنص على أن «للوزير المختص أن يحضر جلسات اللجان عند نظر موضوع يتعلق بوزارته، ويجوز له أن يصطحب معه واحدا أو أكثر من كبار الموظفين المختصين أو الخبراء، أو أن ينيب عنه أيا منهم، ولا يكون للوزير ولا لمن يصطحبه أو ينيبه حق التصويت، وتثبت آراؤهم في التقرير. ويجوز للجنة أن تطلب عن طريق رئيس المجلس حضور الوزير المختص لبحث الأمر المعروض عليها، وفي هذه الحالة يجب أن يحضر الوزير أو من ينيبه عنه».

ومفاد هذا النص المتقدم أمران: (الأمر الأول) أن للوزير المختص أن يحضر جلسات اللجان عند نظر موضوع يتعلق بوزارته. و(الأمر الثاني) أنه يجوز للجنة أن تطلب عن طريق رئيس المجلس حضور الوزير المختص لبحث الأمر المعروض عليه وفي هذه الحال يجب أن يحضر الوزير أو من ينيبه عنه.

وفي ضوء ما تقدم يبين بوضوح أن دعوة اللجنة للوزير المختص إلى الحضور أو عدم دعوته إنما يندرج في السلطة الجوازية للجنة ولا يكون على سبيل الإلزام وذلك وفقا لصريح المادة 36 السالفة الإشارة إليها.

(ثانيا): أحيل الاقتراح بقانون بشأن تعديل بعض مواد السلطة القضائية إلى اللجنة بتاريخ 9/11/2003م وقدمت اللجنة تقريرها للمجلس بتاريخ 12/1/2004م وفي جلسة المجلس المنعقدة بتاريخ 10/3/2004م قرر المجلس - بعد تشعب الكثير من الآراء وقيام رئيس المجلس بجهد كبير لإقناع السادة الأعضاء الموقرين - إعادة تقرير اللجنة إلى اللجنة المختصة للاجتماع بمندوبي وزارة العدل بناء على طلب الحكومة، ونظرت اللجنة الاقتراح بقانون مرة ثانية في الاجتماع التاسع عشر بتاريخ 5/4/2004م بحضور وكيل وزارة العدل الشيخ خالد بن علي آل خليفة والوكيل المساعد لشئون المحاكم والتوثيق عبدالله البوعينين، وقدم ممثلو الحكومة مذكرة قانونية مرفوعة من وزير العدل للجنة، تمت دراستها، ويلاحظ أن وزير العدل لم يحضر اجتماع اللجنة على رغم أنه كان في مقدوره أن يحضر ويبدي ما يشاء من تعليق على هذا الاقتراح بقانون، ثم قدمت اللجنة تقريرها من جديد لرئاسة المجلس بعد تضمين رأي الحكومة فيه مع مذكرة وزير العدل وذلك بتاريخ 18/4/2004م.

ويبين مما تقدم أن مجلس النواب أعاد التقرير إلى اللجنة مرة أخرى على رغم أن المادة 36 من اللائحة السالفة الإشارة إليها لا تلزم اللجنة بدعوة الوزير المختص وإنما يندرج الأمر في نطاق السلطة الجوازية للجنة، وفعلا حضر وكيل وزارة العدل والوكيل المساعد لشئون المحاكم والتوثيق ولم يحضر وزير العدل، وثبتت اللجنة آراء ممثلي وزارة العدل في تقريرها المقدم للمجلس، كما ناقشت المذكرة القانونية المقدمة من وزير العدل بشأن الاقتراح بقانون وأثبتت ذلك في تقريرها وأرفقت هذه المذكرة ضمن مرفقات التقرير التي عرضت على مجلس النواب بجلسة 11/4/2004م.

(ثالثا): تنص المادة 93 مــن دستــور مملكــة البحريــن علــى أنــه «لرئيس مجلس الوزراء والوزراء حق حضور جلسات مجلس الشورى ومجلس النواب، ويستمع إليهم كلما طلبوا الكلام، ولهم أن يستعينوا بمن يريدون من كبار الموظفين أو من ينيـبونهم عنهم. وللمجلس أن يطلب حضور الوزير المختص عند مناقـشة أمر يتعلق بوزارته».

كما تنص المادة 56 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب على أنه «تعطى دائما الكلمة لرئيس مجلس الوزراء والوزراء وممثلي الحكومة كلما طلبوا الكلام من رئيس المجلس، وذلك بعد انتهاء المتكلم الأصلي من كلمته».

كما تنص المادة 95 من اللائحة ذاتها على أنه «يحيل الرئيس الاقتراح بقانون إلى اللجنة المختصة لإبداء الرأي في فكرته، وللجنة أن تأخذ رأي مقدم الاقتراح قبل وضع تقريرها بشأنه. وتعد اللجنة تقريرا يعرض على المجلس متضمنا الرأي في جواز نظر الاقتراح، أو رفضه، أو إرجائه. وللجنة أن تشير على المجلس برفض الاقتراح لأسباب تتعلق بالموضوع عموما. فإذا ما وافق المجلس على نظر الاقتراح أحاله إلى الحكومة لتضع صيغة مشروع القانون».

وتنص المادة 103 من اللائحة على أن «يناقش المجلس مشروعات القوانين في مداولة واحدة، ومع ذلك يجوز أن تجرى مداولة ثانية طبقا للأحكام الواردة في هذه اللائحة».

كما تنص المادة 104 من اللائحة ذاتها على أنه «تبدأ مناقشة مشروعات القوانين بتلاوة المشروع الأصلي وتقرير اللجنة المختصة وما يتضمنه من تعديلات، ما لم يرَ المجلس الاكتفاء بتوزيع بعض أو كل هذه الوثائق مع إثباتها في المضبطة. وتعطى الكلمة عند مناقشة المشروع لمقرر اللجنة فالحكومة فالأعضاء. وتبدأ المداولة بمناقشة المبادئ والأسس العامة للمشروع إجمالا، فإذا لم يوافق المجلس على المشروع من حيث المبدأ، عد ذلك رفضا للمشروع. فإذا وافق المجلس على المشروع من حيث المبدأ، انتقل إلى مناقشة مواده مادة مادة بعد تلاوة كل منها والاقتراحات التى قدمت بشأنها، ويؤخذ الرأي في كل مادة على حدة، ثم يؤخذ الرأي على المشروع في مجموعه».

وفي ضوء هذه النصوص الدستورية والقانونية يتضح ما يأتي:

1- أن الدستور نص صراحة في المادة 93 على أن لصاحب السمو رئيس مجلس الوزراء والوزراء حق حضور جلسات مجلس الشورى ومجلس النواب ويستمع إليهم كلما طلبوا الكلام.

2- جاءت المادة 56 من اللائحة وأكملت ما جاء في نص المادة 93 من الدستور ونصت على أن تعطى دائما الكلمة لصاحب السمو رئيس مجلس الوزراء والوزراء وممثلي الحكومة كلما طلبوا الكلام من رئيس المجلس وذلك بعد انتهاء المتكلم الاصلي من كلمته، ويبين من هذا النص أن منوط تطبيق هذا النص الدستوري وهذا النص اللائحي هو تحقق وجود الكلام أصلا أي وجود مناقشة داخل المجلس يشترك فيها السادة الاعضاء بخصوص موضوع معين وفي هذه الحال يصير الالتزام الدستوري بإعطاء الكلمة للسادة الوزراء كلما طلبوا الكلام إذ إن ذلك يكون منوطا بوجود كلام أصلا أو مناقشة داخل المجلس بخصوص موضوع معين وهذا يبين بوضوح من نص المادة 56 السالفة الإشارة إليها عندما اشترطت أن يكون هذا الامر بعد انتهاء المتكلم الاصلي من السادة الأعضاء من انهاء كلمته.

3- هناك اختلاف كبير بين الاقتراح بقانون وبين المشروع بقانون وجسدت اللائحة الداخلية لمجلس النواب هذا الاختلاف صراحة في نصوص المواد (95، 103، 104) السالفة الإشارة إليها، فالمادة 95 من اللائحة قصرت سلطة مجلس النواب بالنسبة إلى الاقتراح بقانون على الموافقة أو الرفض بالنسبة إلى نظره فقط وليس الموافقة أو الرفض على الاقتراح بقانون ذاته، فسلطة المجلس تنحصر فقط في الموافقة على نظر الاقتراح بقانون وليس على الاقتراح بقانون ذاته ولم تشر المادة 95 على الاطلاق إلى مناقشة الاقتراح بقانون، بينما أشارت اللائحة في نص المادتين رقمي (103، 104) على المناقشة بالنسبة إلى المشروع بقانون، فيناقش تقرير اللجنة وتعطى الكلمة عند مناقشة المشروع لمقرر اللجنة فالحكومة فالأعضاء وتبدأ المداولة بمناقشة المبادئ والأسس العامة للمشروع إجمالا ثم بعد ذلك يناقش المجلس مواده مادة مادة بعد تلاوة كل منها.

ونخلص مما تقدم إلى أن هناك اختلافا كبيرا بين الاقتراح بقانون وبين المشروع بقانون، من حيث سلطة مجلس النواب بالنسبة إلى كل منهما، ومن حيث الطبيعة القانونية، اذ تقتصر سلطة اللجنة بالنسبة إلى الاقتراح بقانون على ابداء الرأي في فكرته فقط، وتقتصر سلطة المجلس على الموافقة أو عدم الموافقة على نظره فقط، فإذا وافق على نظره يحال إلى الحكومة لوضعه في صيغة مشروع قانون.

وجاء في مقال وزير العدل أن تذرع رئيس المجلس بأن الاقتراح بقانون لا يناقش استنادا إلى المادة 95 من اللائحة هو استناد في غير موضعه إذ لم تنص هذه المادة على الاطلاق على عدم المناقشة، وفي واقع الأمر فإن ما أورده وزير العدل يعتبر استنادا في غير موضعه، إذ إن المادة 95 من اللائحة كما لم تنص على عدم المناقشة، فهي لم تنص أيضا على المناقشة، ولا اختصاص من دون نص، ونود أن نوضح له بعض الأمور المتعلقة بالمناقشة من خلال نصوص اللائحة الداخلية لمجلس النواب، فالسادة أعضاء مجلس النواب لهم التقدم بما يأتي:

1- السؤال: ولم تنص اللائحة على المناقشة أثناء الاجابة عليه ويقتصر التعليق والرد على السائل والمســئول فقــط من دون مناقشــة (المادة 138).

2- الاقتراحات برغبة: وقد نصت اللائحة صراحة في المادتين رقمي (128، 130) على المناقشة بالنسبة إلى الاقتراحات برغبة.

3- الاستجواب: نصت اللائحة في المواد (146، 147، 149) على المناقشة بالنسبة إلى الاستجواب.

4- سحب الثقة من أحد السادة الوزراء: نصت اللائحة في المواد (153، 154، 155) على حق أعضاء مجلس النواب في المناقشة.

5- طلبات التحقيق البرلمانية: نصت اللائحة في المادة 164 على حق السادة أعضاء مجلس النواب في مناقشة تقرير لجنة التحقيق.

6- مشروعات القوانين: نصت المواد (103، 104، 105، 106، 107، 108) على حق السادة أعضاء مجلس النواب في مناقشة المشروعات بقوانين.

7- الاقتراحات بقوانين: لم تنص اللائحة في أي من موادها وخصوصا المادة 95 على حق أعضاء مجلس النواب في مناقشة الاقتراحات بقوانين كما فعلت بالنسبة إلى مشروعات القوانين والاقتراحات برغبة والاستجواب وسحب الثقة وطلبات التحقيق البرلمانية.

(رابعا): إن رئيس مجلس النواب لم يمنع أو يحظر على وزير العدل الكلام أثناء مناقشة الاقتراح بقانون المذكور وإن ما حدث أن وزير العدل قدم طلبا كتابيا إلى رئيس المجلس للتعليق على هذا الاقتراح بقانون وعرض رئيس المجلس هذا الطلب على المجلس فاعترض النائب مقرر الاقتراح بقانون على ذلك، قائلا: «سيدي الرئيس يحال هذا الاقتراح بقانون للمجلس للتصويت عليه بحسب تقرير اللجنة كعرف برلماني وإذا طبق على هذا الاقتراح يطبق على كل الاقتراحات بقوانين في المستقبل»، فعرض رئيس المجلس الأمر على المجلس للموافقة على طلب وزير العدل بالكلام فلم يوافق المجلس، ثم عرض الرئيس التصويت على نظر هذا الاقتراح بقانون فوافق المجلس بالغالبية على نظره وإحالته للحكومة، وبعد تمام التصويت وصدور قرار المجلس بالموافقة على نظر الاقتراح بقانون طلب وزير العدل الكلام قائلا: عندي مداخلة، المادة 93 من الدستور تعطيني الحق هذه مادة دستورية، وتم ذلك من وزير العدل بعد صدور قرار المجلس بالموافقة على نظر الاقتراح بقانون ورفعه للحكومة. وما تم من وزير العدل يعد مخالفا للمادة 81 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب التي تنص على أنه لا يجوز بعد إعلان قرار المجلس في الموضوع إبداء أي تعليق عليه، ومن هنا يبين بوضوح أن ما تم من وزير العدل كان بعد صدور قرار المجلس وهذا يشكل مخالفة صريحة للمادة 81 المشار إليها.

(خامسا): عدم الموافقة على الكلام لوزير العدل، إنما تم بقرار من مجلس النواب وليس بقرار من رئيس مجلس النواب، واتخذ المجلس هذا القرار على أساس أن حق الكلام للسادة الوزراء أثناء الجلسة لابد لتحققه أن يوجد كلام أصلا بالنسبة إلى الموضوع المعروض، أي مناقشة، فإذا لم يكن مسموحا لأعضاء المجلس بالكلام فمع من سيتكلم وزير العدل؟ وهل من المعقول أن يسمح للوزير بالكلام ولا يسمح للأصل - وهم الأعضاء - بالكلام؟ ويؤكد ذلك ما جاء في المادة 56 من اللائحة السالفة الإشارة إليها، أن السماح بالكلام للوزراء يكون بعد انتهاء المتكلم الأصلي من كلمته، أي لابد أن يكون هناك كلام أصلا حتى يسمح للوزير بالكلام ترتيبا على تحقق هذا الأصل، وإذا كان نص المادة 93 من الدستور جاء مطلقا، فإن نص المادة 56 من اللائحة أضاف إليه قيدا مؤداه أن يكون الإذن بالكلام للوزير المختص بعد انتهاء المتكلم الأصلي من الكلام، ولا يحاج في ذلك بأنه لا يجوز لمادة قانونية أن تقيد من مادة دستورية، إذ إن اللائحة الداخلية لمجلس النواب أتت بقيود وضوابط كثيرة لمواد دستورية في الدستور، وذلك استنادا إلى تفويض صريح من المشرع الدستوري في المادة 94 من الدستور.

(سادسا): إن مجلس النواب ورئيسه يباشر اختصاصاته وفيما يجرونه من مناقشات بأحكام الدستور وقانون مجلسي الشورى والنواب وأحكام اللائحة الداخلية للمجلس، ولم يحدث منذ بداية عمل المجلس أن منع أي وزير من الوزراء من الكلام اذا كانت هناك مناقشة بخصوص أي موضوع داخل الجلسة، ونظر المجلس بتاريخ 12/5/2004م بجلسة الأربعاء مشروع قانون التعليم واستمرت المناقشة حوالي خمس ساعات لأربعة عشرة مادة فقط، وشارك وزير التربية والتعليم في المناقشة حوالي اثنتي عشرة مرة، وذلك تأكيدا وتحقيقا لما جاء في المادة 93 من الدستور والمادة 56 من اللائحة.

(سابعا): ختاما لكل ما تقدم فإن ما ورد في مقال وزير العدل من اتهامات غير حقيقية لرئيس المجلس ولمجلس النواب وللجنة التشريعية والقانونية في الصحــف، إنمــا هــو أمر غير مألوف، إذ إنه إذا كان له حق معين فمن الواجب عليه أن يلجأ إلى الوسائل الدستورية والقانونية، إذ لم يجرَ العرف على التخاطب بين السلطات في الصحف، ثم إن القول بأن مجلس النواب ارتكب مخالفة دستورية لا يمكن لأي شخص أن يقررها من وجهة نظره الشخصية، إذ إن الدستور نظم صراحة الرقابة الدستورية على القوانين واللوائح وخولها للمحكمة الدستورية دون غيرها من الافراد أيا كانوا، كما أن المادة 32 من الدستور نصت على الفصل بين السلطات مع تعاونها وفقا لأحكام هذا الدستور وليس وفقا للرأي الشخصي، ومن ثم فإن من له حق معين فعليه أن يلجأ إلى ما خوله له الدستور والقانون، فالدستور واللائحة حددا اختصاص كل من الحكومة ومجلس النواب، وأسلوب المسائلة السياسية بينهما وكذلك طرق التعاون بين السلطتين، وليس من بينها بطبيعة الحال اللجوء إلى أسلوب التشهير على صفحات الصحف

العدد 617 - الجمعة 14 مايو 2004م الموافق 24 ربيع الاول 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً