تختلف الآراء بشأن دوافع «الانتفاضة المسلحة» التي يقودها الزعيم الشاب السيد مقتدى الصدر لـ «طرد المحتل» من العراق بين من يلخصها بالسعي إلى تجسيد إرث عائلته في مواجهة الظلم بتكريس زعامة دينية سياسية ومن يرى فيها مجرد سعي لتحقيق موقع على الخريطة السياسية الجديدة.
«مقتدى الصدر مشروع ثوري ناجح يفتقر إلى آلية التطبيق» وفق الشيخ علي عبدالعزيز الجبوري من علماء الروضة الكاظمية، المدرسة الدينية الشيعية المعروفة باعتدالها. ويقول الجبوري إمام جامع الشريف الرضي في الكاظمية «خبرته السياسية قليلة. ورث تركة ثقيلة عن والد جمع حوله معظم العراقيين لكونه مرجعا دينيا بارزا يتعاطى الشأن السياسي خلافا للمراجع الدينية التقليدية»، ويضيف «ثمة ارتباك فيما يريده الصدر ناجم عن عدم وضوح الرؤية والمغزى الحقيقي لتحركه». ويقول الجبوري «أعرب عن استعداده لحل جيش المهدي إذا طلبت منه المرجعية ذلك من دون ان يحدد أية مرجعية: آية الله السيد علي السيستاني (ابرز المراجع الدينية) أو آية الله السيد كاظم الحائري (والده الروحي) أم مرجعيات النجف الأربع مجتمعة». ويعزو الجبوري تغير موقف الصدر وموافقته المشروطة على حل «جيش المهدي» إلى رغبته في «حقن الدماء بعد ان ظهرت دلائل فتنة شيعية عبر دعوات أحزاب شيعية إلى خروجه من النجف» التي يتحصن فيها منذ ان قرر الأميركيون إما اعتقاله أو قتله. ويقر رئيس تحرير صحيفة «النهضة» العراقية جلال الماشطة بأن مقتدى «سليل أسرة عريقة لعبت دورا مهما في حياة البلد»، ويقول «شخصيا هو لم يصل إلى مراتب دينية عليا ولم يعرف عنه ماض سياسي، ولكن الفئات الفقيرة والشبان العاطلين عن العمل وجدوا في أطروحته البسيطة (دحر الاحتلال) ما يجمعهم».
ويلخص الماشطة مجمل الخلافات العراقية الداخلية بأنها «صراع على السلطة»، مؤكدا أن الجميع سعوا إلى المشاركة في مجلس الحكم الانتقالي الذي عينه الأميركيون «ومن لم ينجح في الدخول اخذ يتهم المجلس بالعمالة».
في المقابل يعتبر مسئول حزبي عراقي ان مقتدى أراد «ان يصبح طرفا يحرك الخيوط فأصبح خيطا يحركه الغير» في إشارة إلى عدة اختراقات لعناصره.
ويضيف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته «انتهى دوره قبل ان يبدأ. احترقت أوراقه كلها وبات في صراع مكشوف مع مرجعية السيستاني وبعض الأحزاب الشيعية وفي مقدمها المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق» المشارك في مجلس الحكم، ويضيف «بعد مقتل والده وشقيقيه أراد ان ينخرط في السياسة من دون ان يعرف كيف. جمع حوله مجموعات من الخارجين عن القانون تتراوح أعمار غالبيتهم بين 22 و24 سنة إضافة إلى فلول النظام البائد». ويرى مرجع ديني شيعي غير عراقي ان «مقتدى ليس مرجعية دينية. هو مجرد شاب يرث جماهير والده ويحمل روحية ثورية متحمسة مكنته أخيرا من فرض نفسه»
العدد 617 - الجمعة 14 مايو 2004م الموافق 24 ربيع الاول 1425هـ