قرار الحكومة تحويل دائرة الشئون القانونية إلى هيئة مستقلة تابعة إلى وزارة العدل لم يغير من مشاركة الحكومة في التشريع مع السلطة التشريعية، فـ «الشئون القانونية» خرجت من سلطة مجلس الوزراء لتدخل في سلطة وزارة العدل، وعمليا: لا توجد استقلالية فعلية لهذه الدائرة، حتى لو كانت تبعيتها لوزارة العدل إدارية فقط، فأعضاؤها تعينهم السلطة التنفيذية.
هناك خلط كبير بين دور دائرة الشئون القانونية سابقا وحاليا، فهي في السابق تصوغ المراسيم بقوانين في ظل غياب السلطة التشريعية، ولهذه الدائرة أيضا دور «محامي الحكومة» في بلدان أخرى مثل «هيئة قضايا الحكومة» في مصر، أما دورها الحالي مع وجود السلطة التشريعية، فلا أساس موضوعي له، ما لم تخرج من عباءة السلطة التنفيذية، ولا يفرق في ذلك تبعيتها لأحد أجنحة السلطة التنفيذية، فهذه من أهم الإشكالات الدستورية الإجرائية، إذ تسمح بتأخير المقترحات بقوانين وتعطيلها بشكل غير مبرر، والمفترض أن تكون الدائرة تابعة إلى مجلس النواب، لصوغ القوانين وفق طبيعة الحوارات الدائرة في الغرفتين.
في قبال ذلك: هناك أخطاء في ممارسات النواب، تكشف عن طموح سياسي خارج معادلة الآليات الدستورية، وتتعلق بآلية تغيير مواد الدستور، ومنها ما يعزم النواب على تقديمه كمقترح بقانون لإجراء تعديلات دستورية، والواقع أن الدستور أعلى من القوانين، فلا يجوز تأطيره في قانون، فالصيغة المثلى للتعديل تكون عبر مقترح لتعديل الدستور يوافق عليه ثلثا المجلسين، من دون إدخال مفردة قانون عليه. في هذه الحال: يمكن الالتفات إلى أن التعديلات ذاتها تتعلق بحلقات القرار التشريعي، وهي أربع حلقات، وأن التعديلات ستأخذ من هذه الحلقات لصالح الحلقة الأضعف، وهي المجلس النيابي، والمطلوب هو إقرار الحلقات الثلاث بالتخلي عن صلاحياتها لصالح مجلس النواب، ما يعني الاستحالة الموضوعية والدستورية لهذا الخيار
العدد 616 - الخميس 13 مايو 2004م الموافق 23 ربيع الاول 1425هـ