حسنا فعلت قرية «كرّانة» بافتتاحها موسم الزواج الجماعي هذا العام مبكرا وسبقت غيرها من المناطق. فقد اعتاد قطاعٌ كبيرٌ من أبناء الشعب في البحرين تنظيم الزواج في فترة الصيف، تزامنا مع انتهاء المدارس والجامعات وبداية فصل الاجازة الطويل والسفر إلى الخارج. وفي السنوات الاخيرة برزت ظاهرة الزواج الجماعي كآلية عملية ناجحة في تسهيل إجراءات الزواج للشباب المقبل على بناء عش زوجي سعيد.
كل ما نراه ونحن نرصد هذه التجارب الفتية يدل على نجاح هذه المشروعات الخيرية، ليس في الناحية المادية فقط بل هناك تطورٌ في ناحية المفاهيم والنظرات أيضا، من ذلك ما شاهدناه من وقوف شبانٍ من مستويات اقتصادية مختلفة كتفا لكتف، من دون عقدٍ ماديةٍ عمياء. أحد الشبان من أسرة «غنيةٍ» أصرّ على المشاركة على رغم رفض عائلته، متحديا الأعراف البالية التي تضع الحواجز والتمييز بين الناس... فقط بسبب ما يمتلكونه من أموال وأرصدة في المصارف.
بل إن إحدى الظواهر اللافتة للنظر نجاح الزواج الجماعي «النسائي» الذي غامرت الدراز بخوض تجربته فخرجت بنتيجة مشجعة جدا يمكن أن تستفيد منها المناطق الأخرى. ونلاحظ ان مثل هذه التجارب الناجحة التي تحسب لأصحابها تكون موضع بحث لدى الأطراف الأخرى التي ترقب الوضع وتتلمس طرق الناجحين.
الجهات المنظمة لهذه الاحتفالات - وهي الصناديق الخيرية والجمعيات الاسلامية في غالبية الأحيان - أدّت دورها على درجة كبيرة من النجاح، وهي تركّز في الغالب على الناحية المادية وتيسير الأمور المتعلقة بها، ومع تقديرنا لهذا الدور الكبير إلا أننا نودّ التنبيه إلى ناحية مهمة ومكمّلة، وهي الناحية المعنوية. فالزواج ليس عملية «ربط رأسين بالحلال» فقط، بل هو عملٌ «ضخم» ينتهي بوضع إحدى اللبنات التي تقوم عليها دعائم المجتمع.
بعض المؤسسات الاسلامية في البحرين أو الخليج تنبهت إلى هذه الناحية فنراها تسعى إلى القيام بدورٍ أكثر تكاملا وذلك بتنظيم دوراتٍ أو محاضراتٍ تتكفل بتهيئة الأفراد المقبلين على دخول «القفص الذهبي» وتقديم الارشاد والتوجيه المطلوب، وهو ما ينقص تجربة الصناديق الخيرية. ربما تفتقر هذه الصناديق إلى الامكانات المادية أو الوقت لاعتمادها على العمل التطوعي في كل أعمالها، إلا أن هناك كفاءات علمية وعلماء دين يمكنهم الإفادة في هذا الجانب، إذ يرتبط ذلك في الصميم بدور عالم الدين في النصح والتوجيه، ويشرّفها القيام بذلك دون أدنى شك.
اقتراحٌ آخر نطرحه على إدارات الصناديق الخيرية، ونحن أعلم بامكاناتها البسيطة، يمكن أن يسهم في تخفيض مصروفاتها ويوفّر جوا أفضل وأبهج لمثل هذه المناسبات، وهو تنظيم زواجات «موحّدة» لعدة مناطق في مراكز رئيسية، كمركز المعارض، فالمكان أوسع، والفضاء أرحب، ومواقف السيارات متوافرة، والكلفة بلاشك ستكون أقل، وبذلك سيمكن حلّ مجموعةٍ من المشكلات، ليس أقلها التغلب على حرارة الجوّ في شهور الصيف التي تشهد موسم الزواج الجماعي
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 616 - الخميس 13 مايو 2004م الموافق 23 ربيع الاول 1425هـ