قال استاذ الفلسفة في جامعة الحسن الثاني عبدالله بلقزيز إن شن الغارات على الصحافة ليس محايدا حتى من الذين يتهجمون على عدم حيادية الصحافة، مشيرا إلى ان عددا غير قليل منهم يتحرك على اساس ايديولوجي. جاء ذلك في مؤتمر «الصحافة العربية في عالم متغير» الذي انعقد في صحيفة «الخليج» الاماراتية في الشارقة بين 11 و12 مايو/ أيار الجاري.
وقال ان هناك خطابا «سياسويا حزبيا»، وهو لا يختلف عن الخطاب السلطوي كثيرا لأنه يسقط في المطبات نفسها إذ إنه خطاب «تبريري» يحاول تحسين موقف محدد. وهناك خطاب «احترافي» وهو خطاب التحليل والخبر وليس خطاب الموقف المسبق. كما أن هناك خطابا صحافيا مستقلا، وهو خطاب ملتزم بقضايا الوطن وهو اكثر تفاعلا مع المجتمع. ولكنه يعاني من مشكلات إذ إنه يفتقد الامكانات وبالتالي قد يتراجع امام زحف اصحاب الخطابات الاخرى التي تملك الامكانات. كما ان هامش الحرية يلقي بتبعاته على الصحافة الملتزمة ما يضطرها الى ان تفرض على الصحافي الملتزم بعض الخطوط الحمراء ليحصن نفسه من الانتهاء.
الصحافة الملتزمة تواجه تحدي الإعلام البصري، لأنه يكرر ما يقوله البرنامج التلفزيوني. كما ان النزعة الخطابية - المنبرية - التبشيرية - الدعوية تهدد الصحافة الملتزمة. قد يكون هذا النوع يستخدم كردة فعل على ما يقوم به الآخرون، ولكن الخطر على التزامها واستقلاليتها قائم بسبب ذلك.
الكاتب يوسف الحسن اختلف مع بلقزيز مشيرا إلى ان معظم الخطابات لم تستكمل نصابها الحر، وهي مازالت غير مؤسسية. وقال ان هناك صحافة ظاهرها مستقل وواقعها يختلف، وهناك صحافة حولت المهنة الى «حانوتية» تبيع وتشتري وتلبس قبعات بحسب الحاجة، وان هناك قضيتين هما العراق وفلسطين وقد اصبحتا من الشواغل التي من الواجب ان تستحضر ثوابت حضارية وقومية كتعبير عن الذات والهوية.
وقال الحسن ان هناك صحافة لم تفقد رشدها بعد، وحملت آراء المفكرين المطالبين بالتجديد الحضاري والديمقراطية والإصلاح والتنمية.
وأوضح ان الخطاب الترويجي استهدف سرقة الوعي، وهناك خطاب خامل يدعو لاجتثاث الارادة، وخطاب آخر شحذ النرجسيات المذهبية والاثنية والهويات الصغرى، وخطاب قلق على الهوية في ازمة العولمة. وهناك خطاب اصلاحي - ديمقراطي يتعامل مع استقلال الفضاء وتنشيط المجتمع المدني... الخ، ولكنه يتعامل معها وكأنها منفصلة يمكن ضخها في المجتمع لكي تحدث الديمقراطية. وهناك خطاب أزمات يلهب نزاع الجراحات العربية ويصيب التنمية بأضرار كبيرة ويزيد في تدهور العلاقات بين الشعوب والحكومات، ويسعى إلى خلع الهويات العربية وتأجيج الأزمات.
وأضاف الحسن أن هناك خطابا مكبلا لا يسمح بالاجتهاد ويطرح ثنائية (اما هذا أو ذاك). وهناك خطاب يغني على ليلاه ويظهر هذا البلد او ذاك وكأنه مركز العالم ويدعو للقطيعة متوهما انه يستطيع ان يحلق بمفرده. وقال إن هذه الخطابات على درجة عالية تحاول ان تتمسح مرة بالاستقلالية ومرة بالموضوعية، ولكن هل هي مستقلة وهل هي موضوعية؟
الصحافي عبدالوهاب بدرخان قال قد لا نختلف كثيرا في أداء الأنظمة العربية، ولكن هناك الضياع في الموقف العربي سواء كان بشأن القضية الفلسطينية او ما حدث قبل غزو العراق، او اصلاح الجامعة العربية. لا يوجد موقف قومي عربي موحد، والصحافة تتخبط عندما تتناول هذه القضايا مثل ما تتخبط الانظمة. وقال اننا ندخل عصر «ما بعد القومية العربية»، وهو ما يفسر التخبط من جميع الأطراف.
رئيس اتحاد الصحافيين العرب صلاح الدين حافظ قال ان هناك فرقا بين الالتزام القومي والموضوعية والنزاهة في العمل الصحافي. وقال انه لا يرى تناقضا بين الالتزام والنزاهة، وما نحن بحاجة إليه هو استطاعتنا التفريق بين الأمرين
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 616 - الخميس 13 مايو 2004م الموافق 23 ربيع الاول 1425هـ