بعد الهزيمة التي تعرض لها رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون داخل حزب الليكود الذي رفض خطة الانسحاب من غزة، تتجه الأبصار مرة جديدة نحو منطقة الشرق الأوسط وسط آمال بأن تحدث انتعاشة لعملية السلام. وأكدت اللجنة الرباعية الدولية في اجتماعها بنيويورك أخيرا تمسكها بخريطة الطريق، ترى ما دور الاتحاد الأوروبي الآن حيال نزاع الشرق الأوسط والعراق؟ ممثل الاتحاد الأوروبي للسياستين الخارجية والأمنية خافيير سولانا يجيب عن هذه الأسئلة المعلقة.
لماذا لا يستطيع الاتحاد الأوروبي القيام بدور يزيد على كونه دورا هامشيا فيما يتعلق بنزاع الشرق الأوسط؟
- لن يكون بوسع الاتحاد الأوروبي يوما القيام بدور أهم لاعب في هذا النزاع ولسبب معروف لدينا جميعا: الولايات المتحدة الأميركية، لكن الاتحاد الأوروبي يقوم بدور بارز. ليس بمقدورنا حل هذا النزاع ولم يستطع أحد تحقيق النجاح لكننا بالتأكيد لا نحصر جهودنا بدور هامشي. هناك من جهة الشراكة الأوروبية المتوسطية التي تنتمي تحت مظلتها جميع البلدان الواقعة على حوض البحر المتوسط. وهذا منبر توجد فيه «إسرائيل» جنبا إلى جنب مع الدول العربية، ولقاءات المنبر تتم باستمرار منذ العام 1995. عوضا عن ذلك قدمنا مساهمات من أجل التوصل إلى حل للنزاع الفلسطيني -الإسرائيلي أولا من خلال تعاوننا في إعداد ما يعرف باسم تقرير ميتشيل، ثم خريطة الطريق وأخيرا تشكيل اللجنة الرباعية. وخريطة الطريق في الواقع هي نتاج عمل مضنٍ قام به الاتحاد الأوروبي وتبنى أعضاء اللجنة الرباعية هذه الخطة وليس هناك حل آخر للنزاع.
على رغم كل ذلك فإن شارون ليس لديه رغبة في أن يكون الاتحاد شريكا في المفاوضات...
- ليس بوسع أحد صرف النظر عن خريطة الطريق، ومن يبتعد عنها فإنه يعود إليها لأنه يدرك أنها الأمل الوحيد والدليل إلى الحل. الاتحاد الأوروبي مستمر في جهوده على رغم كل شيء. تمسك الاتحاد الأوروبي بعملية السلام في الشرق الأوسط كان أيضا مضمون الرسالة التي خرجت عن اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في تولاموري/ ايرلندا أخيرا.
هل تعتقدون أن جهود اللجنة الرباعية ستجد آذانا صاغية؟
- علينا أن نوضح أن الطرح الذي قدمته أوروبا بشأن قضية الحدود له أسبابه. بحسب رأينا فإن حدود الدولة الفلسطينية بصورة نهائية هي حدود العام 1967 وكل تغيير طارئ عليها سواء لأسباب أمنية أو غيرها يتعين التفاوض بشأنه بين طرفي النزاع وقيام الطرف الذي قام بالتغيير بالتعويض على الطرف الآخر بصورة تبادل أراضي. هذه مسألة مهمة جدا بالنسبة إلينا. إذا تم انسحاب الإسرائيليين من قطاع غزة تحت ظروف سليمة من شأنه أن يحرك عملية السلام.
كيـف كان رد فعل واشنطن على إعلان تولاموري/ إيرلندا؟
- إيجابي جدا. ينبغي الآن الاتفاق على عدد من العناصر الواردة في خريطة الطريق وتأكيد أنها تعبر عن تطلعات أطراف اللجنة الرباعية. كما نحن بحاجة إلى إدارة فلسطينية يمكن الثقة بها والاعتماد عليها وأن تكون قادرة على تحمل مسئولياتها تجاه الدولة الفلسطينية. والمؤكد أن المساعدات السياسية والاقتصادية التي سيقدمها الأوروبيون ستكون مهمة جدا إلى الدولة الفلسطينية.
احتاج الاتحاد الأوروبي إلى سنوات طويلة حتى تمكن من التوصل إلى موقف مشترك للدول الأعضاء تجاه نزاع الشرق الأوسط الأمر الذي لم يحصل حين نشأت أزمة العراق.
- جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي متفقة فيما بينها على ضرورة وأهمية صدور قرار جديد عن الأمم المتحدة بشأن الأزمة العراقية. الجميع من أميركيين وأوروبيين يؤيدون مقترحات المبعوث الخاص الأخضر الإبراهيمي، لكن مسألة إعادة السيادة لحكومة عراقية مؤقتة قضية بالغة التعقيد. يبقى أن نأمل بنجاح هذه المهمة من خلال مساعدة تقدمها الأمم المتحدة وأن يتمكن العراقيون في العام المقبل أن يتوجهوا إلى صناديق الاقتراع.
أزمة العراق كانت في الوقت نفسه أزمة للسياستين الخارجية والأمنية الأوروبيتين. هل تعلم الأوروبيون من هذه التجربة؟
- نعم، لقد كان وقتا عصيبا للغاية وأرجو أن نكون تعلمنا واستخلصنا العبر. لقد بذلت قصارى جهدي في ذلك الوقت لمد جسور التفاهم وتحقيق تقارب في الآراء لكن كانت هناك قضايا دولية لها أهمية كبيرة يلعب مجلس الأمن دورا بارزا فيها. كما تعلمون فإن الاتحاد الأوروبي ممثل داخل مجلس الأمن الدولي ببلدين عضوين هما فرنسا وبريطانيا. وإذا لم يتفق البلدان على موقف مشترك فإنه يصبح من الصعب التوصل إلى موقف مشترك داخل الاتحاد. لذلك فإن نصيحتي للدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن والدول التي تتمتع بعضوية مؤقتة أن تأخذ مصالحها الخاصة في الاعتبار لأن هذا من حقها، لكن بالنسبة إلى دول الاتحاد الأوروبي فإنني أرجو أن تأخذ هذه الدول في الاعتبار روح الوحدة الأوروبية واتخاذ القرار المناسب وفقا لهذا الأساس
العدد 616 - الخميس 13 مايو 2004م الموافق 23 ربيع الاول 1425هـ