قال السيدمحمد حسين فضل الله: ان «إسرائيل» مشغولة بإسقاط «الليكود» خطة شارون، في نطاق مسرحية «شارونية» أوحت بالعزم على الانسحاب من بعض غزة، لتحصل من الرئيس بوش على وعد بإلغاء العودة الفلسطينية للأرض، وبتشريع الأمر الواقع في المستوطنات وما يتبعها من إسقاط قرارات الأمم المتحدة... ويبقى بوش على تأييده للخطة على رغم سقوطها، لأنه لا يملك أية خطة بديلة، في انتظار أن يقدّم شارون خطة أخرى يحرّك فيها سياسته. أما اللجنة الرباعية بقيادة أميركا، فإنها باعت العر ب كلاما قدّمت فيه بعض المواعظ الإصلاحية للفلسطينيين، ودعتهم الى اقتناص «الفرصة النادرة» في السعي الى إحلال السلام في الشرق الأوسط في خطة شارون الذي أعلن موت خريطة الطريق، التي لاتزال اللجنة الرباعية ومعها العالم العربي الرسمي تتداولها إعلاميا وسياسيا من دون جدوى، وراء الجوقة الأميركية التي تتحرك في السياسة الخارجية للمنطقة تحت ضغوط السياسة الداخلية للانتخابات الرئاسية.
وأضاف فضل الله «وهكذا، سقطت اللجنة الرباعية الدولية تحت أقدام الخطة الأميركية الإسرائيلية، في مصادرة الحقوق الفلسطينية في نطاق النفاق السياسي الذي أثبت العجز الدولي الأوروبي والروسي والدولي أمام القيادة الأميركية في إسقاطها لحقوق الإنسان العربي الفلسطيني تحت عنوان «الحرب ضد الإرهاب»، الذي يشرّع إبادة الشعب الفلسطيني بمختلف الأسلحة الأميركية المتطوّرة التي تحصد المدنيين، وتهدم كل البنية التحتية... لم نسمع من كل هؤلاء كلمة تطالب «إسرائيل» بالانسحاب الكامل من الأرض المحتلة دون قيد أو شرط، كما هي شرعة حقوق الإنسان، لأن الحرية عندهم لا معنى لها بقدر ما يتصل الأمر بالعرب والمسلمين».
وأشار إلى أن «أميركا لاتزال تعطي العرب وعودا وأحلاما معسولة ما قد تقدّمه لبعض زوّارها العرب أخيرا، ولكنها تعطي «إسرائيل» ضمانات دولية ومساعدات مالية وعسكرية وتعهّدا بالأمن المطلق، في مقابل ضغط مطلق على الشعب الفلسطيني والعرب جميعا، في الوقت الذي يصرّ فيه وزير خارجيتها باللعب بالألفاظ للإيحاء للعرب بأن إدارته تسلك طريقا متوازنا، لأنه يعرف أن الرؤساء العرب يسقطون تحت تأثير سحر الكلمات. ولكننا نرى أن الصرخة ضد الإدارة الأميركية تنطلق من ستين شخصية دبلوماسية أميركية نددت بسياستها في المنطقة، بما في ذلك دعم اغتيال القيادات السياسية الفلسطينية، وهو ما وصفته هذه الشخصيات بالخروج عن القانون الدولي وأنه ليس حتى في صالح «دولة إسرائيل» كما يقولون ما أفقد أميركا صدقيتها ومكانتها وأصدقاءها أمام العالم».
وأضاف فضل الله «من المضحك المبكي أننا لم نسمع صوتا عربيا صريحا مماثلا للصوت الأميركي الدبلوماسي، ولكن الرئيس بوش لا يقرأ التقارير المقدّمة اليه ولا يسمع الأصوات الناقدة والناصحة، لأنه يعيش في زنزانة ذاته وإدارته التي انتفخت بغرور القوة الهائلة من دون أن يشعر أنها بدأت تهتز أمام ضربات الشعوب المقاومة للغرور الأميركي».
وتوقّف أمام العراق «الذي سقط من أبنائه أكثر من خمسة آلاف مدني من الأطفال والنساء والشيوخ، بين قتيل وجريح في شهر ابريل/ نيسان بالذات، بينما يعيش المعتقلون من أفراده في السجون الأميركية تحت تأثير أساليب التعذيب والاغتصاب، بموافقة المخابرات العسكرية الأميركية وعلم المسئولين الكبار فيها، وبما فيهم مسئولو وزارة الدفاع. وهناك آلاف الصور وأشرطة الفيديو التي لم تنشر حتى الآن، ما يعطي صورة أنصع عن حجم الديمقراطية النموذجي الذي يريد الرئيس الأميركي أن يعممه على المنطقة العربية والإسلامية من خلال العراق. إن العراقيين يشاهدون أمامهم في تجربتهم الجديدة أميركا «الصدامية» التي تجدد وسائل وأساليب التعذيب حتى الموت في السجون، وتفتح لهم أكثر من مقبرة جماعية، بعد أن شاهد العالم العربي والإسلامي أميركا «الإسرائيلية»... ومن الطريف أن الرئيس الأميركي يقف ليخاطب العرب من فضائية عربية ليستنكر ذلك ويعدهم بأن الفاعلين سيعاقبون، ولكنه لا يعتذر لأن الاعتذار يفرض عليه تحمّل مسئولية ذلك بإقالة وزير دفاعه، الطفل المدلل عنده».
وتساءل فضل الله: «هل هناك مجال للثقة بأميركا في طروحاتها الإنسانية، وهل هناك ما تخاف منه الأنظمة العربية من هجمة أميركا عليها في نشر الحرية والديمقراطية؟ إننا أمام هذه المواقف نريد من شعوبنا ولاسيما الشعب العراقي والفلسطيني أن يعرفوا ما معنى أميركا ليرددوا قول الشاعر:
المستجير بعمرو عند كربته
كالمستجير من الرمضاء بالنار
وأشار إلى الوضع اللبناني بقوله: «بدأ العدوان الإسرائيلي على أرض لبنان بعد ان كان يتحرك في أجوائه، مستغلا بعض الأوضاع السياسية في داخل كيانه، وحال الاهتزاز السياسي في المنطقة، وبعض الارباكات في الواقع اللبناني الداخلي بفعل الجدل الدائر في الساحة من خلال الاستحقاقات الحاضرة التي يستغرق فيها الناس في عصبياتهم المتنوّعة. إننا نحذّر من خلفيات ذلك كله، ليرتفع الجميع الى مستوى المرحلة في التحديق بالتحديات الكبرى بعين تراقب الداخل في قضاياه الحيوية سياسيا واقتصاديا وإنمائيا، وعين تراقب الخارج في القضايا المصيرية في حركة الأوضاع القلقة، لاسيما في خط التحالف الأميركي الإسرائيلي للسيطرة على مقدّراتنا، في استغلال للغياب السياسي الذي يرصد الخطط المتحركة في اتجاه إسقاط مواقفنا العامة»
إقرأ أيضا لـ "السيد عبدالله الغريفي"العدد 615 - الأربعاء 12 مايو 2004م الموافق 22 ربيع الاول 1425هـ