العدد 614 - الثلثاء 11 مايو 2004م الموافق 21 ربيع الاول 1425هـ

تقزيم وطن

يوسف البنخليل comments [at] alwasatnews.com

المتابع للتفاعلات الجارية عن مسألة عريضة التحالف الرباعي لتعديل الدستور يجد دلالات ومظاهر غريبة على النظام السياسي الذي بدأت كل القوى فيه بالالتحام والالتئام منذ تولي جلالة الملك مقاليد الحكم في مارس/اذار 1999م لتبرز إرهاصات الوحدة الوطنية البحرينية التي بدأت اليوم تأخذ اتجاها نظريا من دون أدنى ممارسة.

ثمة ظاهرة سيئة جديرة بالاهتمام والدراسة نشأت مع الإعلان عن عقد المؤتمر الدستوري الذي عقد في فبراير/ شباط الماضي، ويمكن تسميتها بالتقزيم، إذ حدثت خلافات تعلقت بمصالح الجمعيات المنضوية ضمن هيئة التحالف السداسي، أدت إلى اختلاف جمعيتين مع جمعيات التحالف الرباعي. بعدها عقد المؤتمر وسط حال من الشد والجذب بين الجمعيات والحكومة، ووقع ما وقع، ليتم لاحقا الإعلان عن مشروع عريضة شعبية تطالب بتعديل الدستور، والعودة إلى مكتسبات دستور العام 1973. ثم توقف مشروع العريضة وتم تفعيله في وقت آخر خلال مبادرات لوقف المشروع، والدعوة إلى الحوار. لكن ظلت عدة قوى داخل الجمعيات تطالب بتنفيذ مشروع العريضة ورفض دعوات الحوار، وأصبحت القضية هي قضية عريضة، وليست قضية مطالبة بحقوق.

وظهرت إلى السطح الأزمات المعروفة والمواجهات الإعلامية بين التحالف الرباعي والسلطة التنفيذية والقضائية. وهنا برزت ظاهرة التقزيم بوضوح، وكانت في أوضح ما تكون منذ بدء الإصلاح السياسي، إذ قامت عدة قوى بمبادرات من أجل معالجة الأزمة الناشبة عن العريضة، ووجدنا بعض التنظيمات السياسية حاولت طرح بدائل، وبعض المنتمين إلى المؤسسات الدينية عقدوا اجتماعات مكثفة. وفي الوقت نفسه ظلت بعض القوى السياسية على موقف الحياد والمراقب.

ويبدو أن هذا الموقف نابع من عدم وجود مصلحة ذاتية في مسألة توقيع العريضة، أو حتى مناقشتها، أو المساهمة في معالجة الأزمة الناجمة عن جدل العريضة من أجل الوطن، بل تبين أن مطالب العريضة تتعارض ألبتة مع مصالحها، تماما كما جاء في تصريحات قيادييها. أما البرلمان فتذبذبت مواقفه بسبب تباين آراء الكتل والنواب أنفسهم بالإضافة إلى أعضاء مجلس الشورى.

الملاحظ من هذا كله غياب المصلحة الوطنية العليا، وتزايد حال التقزيم للمصالح، إذ انحصرت جملة التفاعلات السياسية في المصالح الذاتية والآنية للتنظيمات والقوى السياسية، وغابت مصالح الوطن، وكأن الجميع يعمل من أجل تقزيم الوطن لصالح مصالحه فقط. فهل هذا هو العمل السياسي الذي ننشده؟

العدد 614 - الثلثاء 11 مايو 2004م الموافق 21 ربيع الاول 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً