قلما تدرك أطراف اللعبة السياسية في البحرين بأن «رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب»، فضلا عن تطبيق هذه المقولة.
المواقف تبدو محلها، استنادا إلى قوة القانون أو قوة الموقف السياسي أو عصاتهما إن استدعى الأمر. وهي إذ تبدو ألاعيب مشروعة، وإن بين قوسين، في عالم السياسة غير الملتزم إلا بالمصلحة، فإنها من ناحية أخرى قد تصيب خلية، فتثير النحل أو الدبابير التي تتطاير لتعض من أمامها، بغض النظر عما إذا كان هو الذي رمى الخلية أو لا، وعما إذا كان هدفه من الرمية إصابة الخلية أم لا.
إن مطالبة طرف ما بأن يكون الطرف الثاني أو الثالث نسخة منه يبدو مستهجنا وبدائيا. فمن غير المنطقي أن يبدي الأول الاستغراب والعجب من كون الآخر آخر، ذلك أن اتخاذ مواقف خارج السياق المتوقع هو الذي يستدعي التساؤل عن أسباب هذا التغير.
حين تلتقي أطراف عدة لتتوقع أنها جاءت لتسمع ما لا يعجبها، ويظل أحد التحديات في القدرة على ضبط النفس عن إصدار تلميح أو تصريح بأن الآخر كذا وكذا.
من الخطأ أن تتوقع الحكومة أن ترضخ المعارضة لكامل شروطها وإن بدت منطقية، والحال نفسها تنطبق على موقف المعارضة من الحكومة ومن التجمعات التي ترى في موقف الحكومة صحة.
القانون قابل للتفسير والتأويل لدرجة يمكن لكلا الأطراف استخدامه لتأييد موقفه. بالضبط كما هو الحال بين طرفين مسلمين يتحاربان وكلاهما يرفع القرآن، ويردد أدعية التكبير والتهليل.
تدرك أطراف اللعبة بأن الموضوع سياسي، وغطاؤه القانوني لا يمكن أن يخفي الجوهر، وبالتالي فإن الحوار السياسي يمكن أن يزحزح المواقف، ذلك أن القانون أعمى، ويزيده عميانا غياب الأعراف وجدة التجربة
العدد 614 - الثلثاء 11 مايو 2004م الموافق 21 ربيع الاول 1425هـ