كلنا نأمل في انفراج الأزمة وعودة الطيور البحرينية إلى أعشاشها. كنا نفتخر بأن لا سجين سياسيّ في المعتقلات البحرينية، إلا أن القاعدة انكسرت هذه المرة. كنا نتمنى ألا يصل الأمر إلى ما وصل إليه. فلا شك في أن لذلك تأثيرا على سمعة البحرين، وكل ما نتمناه هو أن يعود أبناؤنا إلى أهاليهم، وأملنا كبير في تفهم السلطة والمعارضة، فكلما اقترب الاثنان من بعضهما بعضا قلّ التوتر وقلّت الخسائر. لا شك في أن هناك جهودا خيّرة مازالت تسعى إلى تقريب وجهات النظر سواء من المؤسسات المجتمعية أو من قبل الشخصيات والرموز. «الوسط» مازالت تعقد مؤتمرها في فندق الخليج لتدارس الوضع السياسي عبر أطياف المجتمع المدني. وهذه خطوة إيجابية تعكس مدى اهتمام الصحافة بذلك، ونتمنى أن تمارس الصحافة دورا في تقريب وجهات النظر.
علماء غيورون ونواب وشخصيات عقدوا اجتماعا في قرية عالي للوصول إلى موقف يعمل على ترطيب الأجواء، كذلك مواقف متوازنة حدثت من قبل شخصيات إسلامية فاعلة ورموز مجتمعية كان آخرها ما دعا إليه الشيخ عيسى قاسم عبر خطبة الجمعة والذي عرض في الصحافة بالخط العريض «لا نود أن تنهدم الجسور بين الجمعيات السياسية والحكم»، وقال أيضا: «لابد أن نتفق على أن هناك درجة من الإصلاح وعلينا ألا ننكر ذلك...».
هاتان النقطتان مهمتان، الأولى مدّ الجسور بين السلطة والمعارضة، بما يكون في صالح المجتمع. والثانية وجود درجة من الإصلاح والمطالبة بالمزيد. والمزيد يتمثل في إزالة التمييز أو سن قانون يجرم التمييز الطائفي، وتفعيل خطة تقضي على البطالة. وأعتقد أن السلطة قادرة على حل قضية البطالة إذا خرجت من نطاق التسييس، فالعمالة السائبة مازالت تفعل فعلها كذلك على بعض التجار أن يقللوا من جشعهم في رفضهم بحرنة الوظائف حتى بالنسبة إلى الوزارات.
السلطة تسعى إلى خلق حال اطمئنان بالنسبة إلى الشعب تجاه البرلمان، لكن في المقابل تريد الإمساك بخيوط كل اللعبة.
اللائحة الداخلية للبرلمان تعكس حجم تدخل السلطة التنفيذية في البرلمان، وما تلويح النائب صلاح علي باستجواب محمد المطوع إلا دليل على ذلك. اللائحة الداخلية للبرلمان جعلت البرلمان كديكٍ منفوش الريش متضخم، لكنه بقلب اصطناعي وعلى رغم ذلك فإن السلطة مازالت مصرّة على هذه اللائحة وترفض أي تغيير. والسؤال: من هو المُشرّع؟ البرلمان أم دائرة الشئون القانونية التي يتربع على هامتها الوزير؟ إذا كانت السلطة ترفض العريضة وتريد أن يقتنع الناس بالبرلمان فيجب إقناع المجتمع بصلاحية البرلمان وبأن هناك مساحة من الحرية، فاللائحة الداخلية للبرلمان البحريني ليس لها شبيه حتى في دولة الواق واق، فلماذا الإصرار على عدم تغييرها؟ لماذا لم يُلبَّ ولا مطلب واحد للجنة الخدمات في البرلمان بالنسبة إلى شكاوى الناس؟ لماذا أعطي بعض الوزراء المستجوبين «سبانخ باباي» على رغم كل ما قيل في التقاعد والتأمينات؟ لماذا السكوت على قضية الأوقاف الجعفرية على رغم سيل التجاوزات وعلى رغم أنها أموال وقفية للإمام الحسين (ع)؟. (وسأقوم بمواصلة الملف قريبا). لماذا لا نسمع عن أين وصل الكثير من القضايا التي دخلت النيابة والتي منها قضية الحداد؟
السلطة ما لم تعطِ النواب صلاحيات دستورية وما لم ترفع عراقيل اللائحة الداخلية ستصبح الديمقراطية تقترب من الديكورية، وهنا ستترسخ نظرية المعارضة في البرلمان. نرجو من السلطة أن ترفع العراقيل عن البرلمانيين وأن تقبل بتغيير اللائحة
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 613 - الإثنين 10 مايو 2004م الموافق 20 ربيع الاول 1425هـ