العدد 613 - الإثنين 10 مايو 2004م الموافق 20 ربيع الاول 1425هـ

الإسكافي... مبدع في حياته ومماته

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

بدأ أمس مهرجان الإسكافي في السنابس مدشنا أول فعالية نوعية استوحت نشاطها من مهرجان «أصيلة» الذي أقيم في البحرين الشهر الماضي. منظمو مهرجان الإسكافي أثبتوا أنهم تلامذة مبدعون للمرحوم أحمد الإسكافي الذي وهب كل حياته من أجل خدمة السنابس وخدمة البحرين حتى مماته في حادث مؤسف في الهند في 29 أغسطس/ آب 1985. أحمد الإسكافي أسس البرامج الطوعية في السنابس وأشرف عليها في أحلك سنوات الثمانينات من القرن الماضي، وكان الأب الروحي لجميع الشباب والعاملين في الحقل الديني والاجتماعي والسياسي.

تلامذة الإسكافي أبدعوا بعد مماته كثيرا، ولكن أهم إبداع لهم هو تدشينهم «مهرجان الإسكافي» الذي بدأ أمس برسم أكبر جدارية في الخليج العربي، يشارك في رسمها قرابة ثلاثين فنانا ومحترفا. وبسبب ازدياد عدد الفنانين فإن الجدارية أصبحت أصغر لأن الأيدي الخيرية كثيرة، وهم على استعداد لرسم واحدة أكبر من الحجم الحالي (طول 150 مترا وعرض مترين ونصف المتر).

تلامذة الإسكافي استطاعوا الحصول على دعم الأهالي ودعم الجمعيات الفنية ودعم عدد من الشركات الكبرى ودعم وزارة الداخلية، فالداخلية التي اعتاد أهل السنابس على مواجهة أفرادها في تسعينات القرن الماضي، أصبحوا بالأمس مثل الأحباب ورجال الأمن العام التابعون لمركز شرطة الخميس يساعدون شباب السنابس في تنظيم المهرجان الذي يتوقع أن يشهد أكثر من عشرين ألف زائر. هؤلاء الضيوف بدأوا الاتجاه نحو السنابس، ما سبب ازدحاما مروريا مملوءا بأناس يبتسمون ويستبشرون بما يشاهدونه أو يشاركون في إحيائه.

الإسكافي كان «داينمو» السنابس، يتحرك ليل نهار، ويجمع الطاقات الفاعلة على الساحة، ويوافق فيما بينهم ومن ثم يوجههم إلى المناطق المشتركة والعمل عليها وتوسيع الأنشطة الاجتماعية التي تهدف إلى خدمة أبناء المنطقة من مختلف النواحي. الإسكافي كان أيضا مثالا عاليا للأخلاق، والابتسامة لا تفارق وجهه حتى في أحلك الظروف. وكان نقطة التقاء، وعاملا مشتركا بين جميع الأطراف، بل إنك ستجد صعوبة أن تكون عدوا له حتى لو اختلفت معه، لأنه كان مثالا رائعا للأخلاق السامية والخدمة غير المحدودة للناس.

عرفت الإسكافي في سنوات الثمانينات الحالكة، وكنت ممن يستمتع بالحديث معه، لأنه قمة في الاستقرار النفسي والأخلاقي في التعامل مع الآخرين. لم يسمع أحد من الإسكافي حديثا سيئا ضد هذا الشخص أو ذاك، أو ضد هذه الفئة أو تلك، لأنه كان يعتبر الجميع أحباءه، يتفاهم معهم ويعمل معهم بالدرجة التي يتفق فيها معهم.

روح الإسكافي تخيّم على السنابس هذه الأيام بإبداعها الذي أحيا السنابس أثناء حياته، ويحييها تلامذته بعد وفاته. وهذا الإحياء النوعي يستحق كل الدعم من كل الذين يودون رؤية الابتسامة ترتسم على وجوه الناس.

كان بإمكان وزارة الإعلام أن تساعد شباب السنابس في هذا العمل الخيّر كما ساعدتهم وزارة الداخلية، ولكن يبدو أن أعمال المهرجان ليست من أولويات «الإعلام» على رغم أنها تمسك بجميع ملفات الثقافة والتراث والفن والإعلام.

آثار حسنة لـ «أصيلة» في قرية بحرينية أصيلة، تمارس عملا فنيا أصيلا سيكون له أكبر الأثر فيما لو انتشر في مختلف مناطق البحرين، لتزدان جدرانها جمالا وتصبح مناطق مشرقة، تخدم أهلها وتساعد في نشر الثقافة والفنون

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 613 - الإثنين 10 مايو 2004م الموافق 20 ربيع الاول 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً