ما هي الدولة العربية التي تولي اقتصاد المعرفة الاهتمام الذي يستحقه على مختلف توجهات تلك البلدان الاقتصادية والاجتماعية؟ سؤال بديهي موجع يتبادر إلى الذهن كلما تعاظمت مشكلات الأمان الوظيفي وتبادل المواقع القيادية والإحلال الوظيفي واستشراء البطالة وقضايا التخطيط المستقبلي وتنمية الموارد البشرية وما إلى ذلك، غير أن الإجابات تبدو عزيزة عزة لبن الطير، ذلك لأن البلدان العربية لم تتعلم من اقتصاد السوق وحرية التجارة الأبعاد الثقافية والاجتماعية والإنسانية التي تجعل اقتصاد السوق أكثر إنسانية وعملية وديناميكية.
وعلى رغم مطالبات الكثير من خبراء الإدارة بالاهتمام باقتصاد المعرفة الذي يعد من أقوى ما تملكه الدول من الثروات، غير أن دعواتهم عادة ما تذهب أدراج الرياح.
ومن بداهة القول إن المجتمع العربي، الرسمي منه والأهلي، مطالب الآن أكثر من أي وقت مضى بإعادة تخطيط القوى العاملة وتأهيلها معرفيا ذلك لأن الأمان الوظيفي يكمن في الإمكانات التي تتوافر في العنصر البشري والتي يتطلبها سوق العمل.
وكانت هذه الدعوات قد تجددت مرة أخرى نهاية الأسبوع الماضي في سياق فعاليات الندوة العربية التي خصصت لاستراتيجيات وسياسات الإحلال وتكوين الصف الثاني من القيادات في الدول العربية والتي تنظمها المنظمة العربية للتنمية الإدارية التابعة لجامعة الدول العربية.
وفي هذا السياق نبه أكثر من خبير إلى أن تطوير القيادات الإدارية تمثل مشكلة العالم العربي والنامي، وأكدت مداولات الندوة أن العالم العربي لا يستفيد سوى من 25 في المئة من القيادات الإدارية الشابة في عمليات الإحلال، ودعت توصيات الندوة إلى ضرورة الارتفاع بهذه النسبة وتنمية التفاعل بين القيادات والخبرات المختلفة للمساهمة في نقل المعارف بين مختلف الأجيال.
ومرة أخرى يتكشف خلل السياسات التخطيطية في عالمنا العربي الذي يهمل واحدا من أكثر عوامل التطور والتنمية، وللخروج من دائرة الاجترار العقيمة لابد من ايلاء اقتصاد المعرفة المزيد من الاهتمام حتى يتسنى للأجيال الجديدة التقدم إلى أخذ مواقعها في إدارة شئون البلاد والناس
العدد 612 - الأحد 09 مايو 2004م الموافق 19 ربيع الاول 1425هـ