بعد غزوها أفغانستان دأبت الإدارة الأميركية على طمس الحقائق وتزييف الوقائع، فأنشأت وزارة الدفاع الأميركية لتلك المهمة مكتبا تابعا للوزارة تحت مسمى «مكتب المؤثرات الخارجية»، مهمته الأساسية الكذب والتزوير والتلفيق ولي عنق الحقيقة باتجاه يصب في مصلحة السياسة الأميركية الشريرة، وتبرير الأعمال العدوانية ضد شعوب العالم، ونهب مقدرات الأمم وخيراتها. وبالمنطق الأميركي فإن كل شيء مباح، والغاية تبرر الوسيلة، والغاية والوسيلة غارقتان قي الأوحال كما يقول الكاتب محمد قطب، ولكن هل تختلف الإدارات الأميركية اليوم عن الأمس؟ طبعا لا، فقد كانت في السابق تكذب بلا رتوش أو تزيين، أما اليوم فإنها تكذب وبتقنية بالغة، وذلك ما يجب أن يعي له العرب أولا وأخيرا.
ولتأكيد أن العمل على طمس الحقائق هو سياسة أميركية أصيلة، ومثبتة بمكتب (مطبخ) تطهى فيه الوجبات التي تقدم للشعوب العربية والإسلامية، والشعب الأميركي أيضا! فقد طبقت وزارة الدفاع ذلك العمل مبكرا، وفي عدوانها على أفغانستان تحديدا، إذ تقول شاهدة عيان أميركية هي مديرة تحرير نشرة «نيوزيوم» مارغريت انغل والتي يصدرها منتدى الحرية آرليغتون، فرجينيا: «كان لدينا مراسل من صحيفة «واشنطن بوست» تم تهديده من قبل القوات الأميركية في أفغانستان بخسران حياته إذا قام بخطوة أخرى». وتعبر مارغريت عن امتعاضها من جراء ذلك العمل بقولها: «في وقت تكتسي فيه وسائل الإعلام الاخبارية المزيد من الأهمية من أجل فهم ما يجري فإن المؤسسة العسكرية تصبح أكثر جرأة على قطع طرق الوصول إلى المعلومات» (نيوزويك، عدد ابريل/ نيسان 2002). والإدارة الأميركية هي التي هدّدت مصادر الإعلام بعدم نشر صور الأسرى فامتثلوا إلا قليلا! هل ننتظر حقائق من مثل هذه الإدارة أو من يتحدث باسمها؟!
بالإضافة إلى ما سبق ذكره، فإن وسائل الإعلام الأميركية - إلا ما ندر - تقبع تحت قبضة اليهود الصهاينة، فإن «أكثر من 70 في المئة من أسهم الصحف اليومية والمجلات الأسبوعية والشهرية و90 في المئة من أسهم شركات إنتاج أفلام السينما ومحطات الإذاعة والتلفزيون والهاتف ووكالات الأنباء، تحت قبضتهم» كما جاء في كتاب «سلام العنصرية» (ص167). وما دام الأمر كذلك، فعلام التعويل على وسطية أميركا وسياستها من قبل بعض مثقفي القوم هنا، وفي شمال الخليج؟
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 612 - الأحد 09 مايو 2004م الموافق 19 ربيع الاول 1425هـ